والطرفة تقول إن مجموعتين من الشباب اختلفوا... وبلغ النزاع بينهم درجة أدت إلى الاشتباك بالأيدي والقذف بالحجارة... وتطور النزاع بين الفريقين وتكرر يومياً وظهرت بينهم مجموعات التفاوض والمخذلون والمنهارون والخائفون... ومن يدَّعون أنهم حادبون على المصلحة وساعون للهدوء والعمل المشترك... ولهذا فقد استمرت النزاعات والصراعات وتطورت إلى «شكل» وضرب... إلى أن قرر بعض أعضاء احد الفريقين أن يستعينوا بعمهم وينادوه لكي يقف معهم ويصارع ويداوس ويشاكل لأن الفريق الآخر كان قد استعان ببعض «الأجانب» والغرباء من الحلة المجاورة... وذهب أولاد الفريق بحثاً عن عمهم ولكنهم لم يجدوه في داره لأنه كان قد سافر إلى قرية أخرى ومن غير المتوقع أن يرجع قريباً. ولكنهم وجدوا «مركوب» عمهم في غرفته... فأخذوه معهم ورجعوا إلى مكان المعركة... وكان مركوب العم كبيراً جداً ومقاسة أكثر من تسعة وأربعين وكان من الفخامة بحيث يشبه المركب ويحتاج حمله إلى شخصين كل شخص يحمل «فردة»... وقاموا بوضع المركوب أمام أعضاء الفريق المعادي وقالوا لهم إننا لم نجد عمنا وسوف يأتي بعد يومين ولكن هذا هو مركوبه فإن شئتم أن تستمروا معنا في القتال فانتظروا صاحب المركوب حتى يحضر و«يوريكم ليهو»... وبالطبع فإن أعضاء الفريق العدو خافوا جداً من دخول صاحب المركوب في الصراع وتيقنوا أنه شخص ضخم وانسحبوا من أرض المعركة وتوقفت «الشكلة» وما حدث لجنود «وكيل عريف» سلفا كير أنهم رأوا مركوب عمنا عندما حاصرهم الجيش في هجليج... وطلبوا أن يخرجوا بالتي هي أحسن ولكن جيشنا قال لهم إن «خروج الحمام ليس مثل دخوله»... وقال لهم إن الدخول في الشبكات سهل ولكن التأمل في الخروج... ولم يكتفِ جيشنا بأن «يوريهم ليه» ولكنه ضربهم بالمركوب وبطش به على رؤوسهم بالجزمة و «امسح اكسح امسح اكسح» لم يغادر منهم أحداً ولقنهم درساً يجعلهم يتعظون ويفرون من ثعبان الجيش حتى لو رأوا حبلاً ويخافون من حنظلة الجيش حتى لو كان بين أيديهم بطيخة... ومركوب عمنا أدخل الهلع والخوف في قلب الوكيل عريف سلفا كير والذي لن تزيده النياشين وكميات الحديد المرصوص على كتفيه أي درجة من درجات الفهم والعلم والمقدرة العسكرية وسيظل سلفا كير وقواده في درجة وكيل عريف همباتي ولن يصلوا إلى مستوى قادة الميدان من أهل السياسة والرأي ولهذا فهو غير جدير بالتفاوض معه وحتى رفقاؤه من مستشاريه ومن يدعون أنهم وزراؤه المتعلمون والمثقفون فما هم إلا مجموعة من الهمج والأوباش والرباطين الذين ما زالوا يربطون الخرز تعويذات حول أصلابهم ويتمسحون بروث الأبقار والخنازير على وجوههم ورؤوسهم تمائم وتعويذات وطواطم. وبهذا فهم غير جديرين بالتفاوض معهم أيضاً... وإذا كان لا بد من التفاوض فليتم مع أسيادهم الخواجات أو أبناء عمومتهم من اليوغنديين... ومثل سلفا كير ورفقائه لا ينفع معهم إلا أن نعرض عليهم «مركوب عمنا» بشكل دائم ولا ينفع معهم إلا أن يروا سوط العنج معلقاً في مكان ظاهر يمكنهم مشاهدته يومياً صباحاً ومساءً... وهذه الأيام يتلبسني وارد يومي وبتكرار مُلح لبيت الشعر الذي لا أعرف شاعره والذي يقول: «لا تشتري الشاي إلا والسكر معه أن الشاي مر ومنكود» وليعلم العريف سلفا كير أن لدينا أعماماً كثيرين جداً ولديهم مراكيب كبيرة برضو...