بدأت القوى الخارجية سباق التنافس نحو جنوب السودان لتحقيق أهدافها وأحلامها بالاستفادة منه لإرضاء أطماعها وهي تدرك أن ذلك لن يتحقق لها إلا بإيجاد موطئ قدم لها ، يشجعها على ذلك تطرف بعض قيادات الحركة الشعبية التي تجنح لإقامة دولة منفصلة، وهذا ما سيجعل الجنوب غنيمة سهلة كل يريد منها نصيبه، فقد بدأ الصراع مبكراً ما بين كينيا ويوغندا من الناحية الاقتصادية، وإسرائيل وأمريكا التي تستهدف تشكيل الهوية الدينية والعسكرية.. المركز السوداني للخدمات الصحفية .. يتناول من خلال هذا التقرير حجم الأطماع الخارجية في الجنوب وتأثيرها السلبي في كافة النواحي.. إسرائيل وحرب المياه تسعى إسرائيل منذ بدايات تأسيسها إلى إقامة حدود ممتدة من الفرات إلى النيل حيث تسعى إلى إيجاد موضع قدم لها في أفريقيا وكان من بين تحقيق هذا الهدف إقامتها في يوغندا حتى تتمكن من فتح طرق لها على القارة الأفريقية، وقد سبق أن وضعت لإسرائيل خطة لإقامة دولة لها في السودان لتمتعه بالمساحة الواسعة بجانب أن السودان يشرف على البحر الأحمر ولا يخفى علينا الاهتمام الإسرائيلي بالبحر الأحمر حتى قبل قيامها وذلك منذ العام 1933م حيث ذكر القائمون على أمر نشأتها أن تمركز إسرائيل في البحر الأحمر يسمح لها بطريق مائي ممتد إلى المحيط الهندي. وفي هذا الاتجاه تحدث إلينا القانوني عبد الله الصافي قائلاً: إن العالم كله يبحث عن مصالحه في السودان حتى الدول التي كنا نعتقد أنها خارج المنظومة الامبريالية، الآن نجدها تتدخل في أفريقيا والشرق الأوسط والسودان والجنوب خاصة وخير دليل على ذلك الشركات الصينية العاملة في مجال البترول. لكن نجد أن إسرائيل بصفة خاصة والغرب بصفة عامة وبسبب ظروف مناخية وندرة في المياه نجد أن إسرائيل تبحث الآن عن إيجاد موضع قدم لها في الجنوب سيما وأنه بالنسبة لها مشروع لدولة جديدة يتنافس عليها كل الغرب ليكون لهم الوجود المباشر فيها لتحقيق أهدافهم الإستراتيجية ، وإسرائيل تبحث عن أهدافها الأمنية التي تمثل لها اختراق للأفارقة سيما أن الموقف الأفريقي واضح من القضية الفلسطينية لذلك نجدها تحرص على وجودها في الجنوب سيما أنها تدري أنه لا يوجد ما يمنع وجودها في الجنوب حال الانفصال ، لا مانع أخلاقي ولا قانوني لذلك يمكنها أن تنشئ سفارة لها وقواعد يمكن من خلالها أن تعزز وجودها الأمني، كما أن إسرائيل في هذه الحالة ستقوم بتوقيع اتفاقيات مختلفة تمتد إلى مئات السنين لأن لديها مشكلة في المياه والخدمات سيما وأن الفترة القادمة ستكون فيها حرب المياه بمعنى أن كل الأطماع والمصالح ستصبح من أجل المياه أو من جانب آخر فإن اتفاقية مياه النيل أصبحت الآن قيد الانهيار . وستحاول إسرائيل ومن خلال عقد اتفاقيات مياه مع جنوب السودان أن تضغط حتى تقدم مصر تنازلات وهذا يسعد إسرائيل جداً وأيضاً ستحاول أن تجد موقع لها في الجنوب ومن ثم يمكنها إنشاء مشروعات لتوليد للطاقة وهذا بدوره يسبب إزعاج لمصر لأنها تعلم أن انزعاج مصر يجعلها تقدم تنازلات يمكن من خلالها الضغط على القارة الأفريقية حتى تعترف بيهودية إسرائيل وأضاف الصافي أن الوجود الأجنبي موجود من قبل الاستقلال فالآن كل الشركات التي ترفع شعارات الخدمات ما هي إلا واجهات امبريالية صهيونية فإسرائيل تطمع في أن تظل دولة الجنوب دولة هشة يمكنها من خلالها أن تفعل ما تشاء وأن تزعزع الأمن في الشمال وترسخ وجودها وأيضاً تعلم أن الجنوب لا يمكنه امتلاك مقومات للتفاوض وبذلك تضمن وجودها الأبدي فيه لذلك يمكنها أن تأخذ ما تشاء وتقدم له الفتات. أمريكا حليفة الحركة لا تخفي أمريكا مولاتها للحركة الشعبية وكانت لها أجندتها خاصة في مشكلة الجنوب حيث لم تذهب بها إلى مجلس الأمن بل ابتعدت بها عنه حتى لا يمكن للدول الكبيرة التي هي صديقة للسودان ولها مقاعد دائمة ولديها حق الفيتو مثل الصين وروسيا أن يكون لها دوراً في تحديد مصير الجنوب وقامت باختصار الأمر عليها وبعض حلفائها من الدول الغربية لذلك نجدها وبعد اتفاقية نيفاشا اتخذت مواقف إيجابية كثيرة لصالح الجنوب عكس مواقفها مع الشمال ،وأيضاً فإنها دائماً ما تتحد ث عن حرصها على قيام الاستفتاء في موعده ولم نسمع يوماً أنها حريصة على وحدة السودان وذلك لأن لها أطماع لا تحصى في الجنوب وقد ذكر عبد الله الصافي أن الولاياتالمتحدة تسعى إلى تفتيت أفريقيا لكن الآن نجد أن هنالك بعض الرجاءات من الدول الأفريقية التي تتخوف أن تصيبها عدوى الانفصال فيوغندا الآن تواجه جيش الرب والذي هو مثل الحركة الشعبية سابقاً لكنها لا تستجيب لهذه الرجاءات وتسعى إلى تفتيت القارة الأفريقية ونهب ثرواتها وبترولها وإعادة تجربة جلب الرقيق إلى أمريكا وهي تضع في حساباتها أن الجنوب لا يمكن الاستفادة منه اقتصادياً من ناحية الغذاء لأن الأرض الجنوبية لا تسمح بزراعة الحبوب والقمح كما لا يمكن قيام مشروعات منظمة للري في الجنوب فهي لا تفكر بعقل الدولة بل تفكر بعقل مجموعات دينية كنسية صهيونية تخدم أهدافها السياسية أكثر من أهدافها الاقتصادية. كينيا واسترداد الدين من الحركة تمثل كينيا الوسيط الجيد لإسرائيل في تمكينها من إيجاد موضع قدم لها في الجنوب وذلك لتحقيق مصالح الجانبين سيما وأن كينيا عليها ضغوط إسرائيلية غربية في هذا الاتجاه وبدا واضحاً مخططها حيث لم تخف كينيا أنها ستدعم انفصال الجنوب وستعترف به كدولة وذلك حتى يمكنها ذلك من إحكام قبضتها على الجنوب بعيداً عن الشمال فهي الآن تعتزم إنشاء خطوط لتصدير البترول بمعزل عن بورتسودان حيث يتم نقل الخط الخام من جنوب السودان إلى ميناء لامو بكينيا على المحيط الهندي بجانب الطرق التي تعتزم كينيا ربطها مع الجنوب وقد ذكر لنا الخبير الأمني محمد بشير سليمان أن كينيا تعتبر أن الحركة الشعبية مدينة لها حيث كانت هي من آواها ودعمها في مجال البناء العسكري اللوجستي من خلال الكنيسة الأفريقية الموجودة في كينيا لذلك فمن الواجب على الحركة الشعبية حال الانفصال من وجهة نظر كينيا أن تقوم برد ديونها لكينيا سيما أن كينيا هي من صنع الحركة الشعبية لذلك توجد التزامات من الناحية الاقتصادية والتجارية ومن المفترض على الحركة الشعبية الوفاء بهذه الالتزامات بشكل عام ، وجزء من الأطماع الكينية في الجنوب هو البعد الأمني فإستراتيجية كينيا تجاه السودان بدأت تتحقق من خلال الوجود الكيني في الجنوب الآن وأيضاً فإن الحركة الشعبية لا يمكن أن تنازع كينيا على الحدود التي يتمركز فيها الكينيون الآن في المثلث الواقع على الحدود بينها والسودان ، من جانبه أوضح خالد بشير الجدع أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين أن كينيا تحاول أن تنافس يوغندا حيث أن يوغندا بدأت تنتعش اقتصادياً منذ توقيع اتفاقية السلام الشامل لذلك فإن كينيا تحاول أن تنفذ مخطط صهيوني غربي لبناء المنطقة من جديد حيث يشمل هذا المخطط اثيوبيا باعتبار عدم وجود منفذ لها على البحر وأيضاً لأن أثيوبيا تمثل ثقل مكاني ضخم والجنوب يمثل مركز ثقل لهم من الناحية الاقتصادية لذلك نجد أن كينيا بدأت مشروع لخط الأنابيب خلال خمس سنوات لتصدير البترول وإنشاء الطرق الإسفلتية ورغم أن الحكومة كانت تراهن بأن كينيا بعيدة عن انفصال الجنوب إلا أن التأثير الغربي بدا واضحاً عليها فهي الآن تنظر إلى الاقتصاد اليوغندي وانتعاشه وتقول في نفسها كيف سيكون الحال إذا انفصل الجنوب. يوغندا المستفيد الأكبر لم تخف يوغندا علاقتها بفصل الجنوب حيث احتضنت الحركة الشعبية منذ التمرد الأول ومازالت تدعم الحركة مادياً ولوجستياً إلى أن تم الوصول إلى اتفاق سلام شامل ، وعندها كانت واضحة حيث رفضت أن يتم توقيع السلام في يوغندا وأرسلت به إلى كينيا في إشارة منها بعدم الموافقة ، وظلت تحتضن الحركة وتتربص بالشمال كيداً ومكراً سياسياً حتى تنفرد بالجنوب ويتسنى لها أن تفعل ما تشاء دون حسيب أو رقيب وبالفعل نجد الآن أن الوجود اليوغندي في الجنوب والعملة اليوغندية موجودة بصورة أكثر من الجنيه السوداني والعمالة السودانية في الجنوب وقد ذكر محمد بشير أن يوغندا تسعى إلى تحقيق أهدافها العسكرية والإستراتيجية من خلال المد الإنساني الذي يقع بين شمال الصحراء المسلم والصحراء غير المتدين ة أو المسيحية بالإضافة إلى أن موسيفيني يريد أن يجعل له كيان كبير في البحيرات باعتبار أنه إبن أمريكا المدلل وأيضاً هي ترى أن الحكومة داعمة لجيش الرب لكن من ناحية المساحة لا يمكن لذلك أن يحدث لكنها تسعى إلى أن تحقق أهدافها بعيداً عن الحكومة السودانية.