٭ إذا كانت محاولة اغتيال كبير مساعدي الرئيس السوداني ورئيس سلطة ولايات دارفور الانتقالية السابق مني أركو مناوي قبل عدة أشهر في جوبا عاصمة دولة جنوب السودان بدوافع غير واضحة، وقد قاد المحاولة بعض عناصر الجيش الشعبي ليهرب بعدها مناوي ناجياً إلى يوغندا، فإن محاولة اغتيال أخرى جديدة تعرّض لها أمس الأول مناوي وقفت وراءها هذه المرة دوافع واضحة كالشمس. فقد تعرض لمحاولة الاغتيال الثانية بمدينة راجا الجنوبسودانية وهو يتفقد معسكر التدريب التابع لحركته المتمردة وقد كان الرصاص الذي أطلق باتجاهه من أسلحة بعض أفراد طاقم الحراسة التابع له وذلك بسبب تصفية أقارب لعناصر حراسته كانوا ضمن مجموعات من المدنيين قام بتصفيتهم بمنطقتي كرنوي وأمبرو بولاية شمال دارفور. وبالفعل كانت حركة مناوي في وقت سابق قد ارتكبت جرائم إبادة جماعية ومجازر فظيعة في قرى بالمنطقتين آنفتي الذكر، وكأنها تريد تنفيذ سياسة إحراق الأرض لتسيطر بعد ذلك على أرض بلا شعب.. لكن يبدو أن هذا الخبر الذي حمل تفاصيل المحاولة الثانية لاغتيال مناوي في دولة جنوب السودان تعتريه حالة عدم صحة وهو يشير إلى أن بعض الضحايا هم أقرباء أفراد حرس مناوي والمقصود الضحايا المدنيون الذين سقطوا في كرنوي وأمبرو بولاية شمال دارفور بنيران حركة مناوي المتمردة، والسؤال هو أليس أقرباء حرس مناوي هم أيضاً أقرباء مناوي؟!.. ونواحي هذا السؤال باعتبار أن قائد الحركة المتمردة مناوي لا يسعه لتعيين أفراد حرسه إلا أن يختارهم من أقربائه ومن الدائرة الضيقة في القبيلة التي ينتمي إليها. لكن إذا صح الخبر حول محاولة اغتياله الثانية من قبل أفراد حراسته الذين هم أقارب بعض الضحايا المدنيين وفي نفس الوقت حتماً أقاربه، فإن السؤال الآخر هو هل كان أقاربه ضمن الضحايا خسائر ملازمة في عمليات الاعتداء على القرى.. أي أنهم سقطوا ضحايا بنيران صديقة مثلاً، أو قل نيران أقرباء غير مقصودة؟! على أية حال فإن حركات تمرد دارفور جميعها لم يعد إسقاط حكومة الخرطوم أولوية لها بعد أن أخذ عرش حكم الحركة الشعبية يهتز في جوبا ويحرز الثوار تقدماً ملموساً باتجاه قطف ثمار الربيع الإفريقي في دولة جنوب السودان حديثة الولادة التي لم تكمل عامها الأول ولم توقد فيها الشمعة الأولى التي ربما أعلن نار إيقادها الثوار. إن أولويتها الآن هي الحفاظ على حكومة الحركة الشعبية بعد تحسين العلاقات بين السودان وتشاد وإطاحة فرعون ليبيا القذافي، وبعد سقوط حكومة جوبا الحالية على أيدي الثوار فإن بديل دولة جنوب السودان لحركات دارفور يمكن أن يكون دولة إفريقيا الوسطى لكنه بديل رديء جداً بالنسبة لها ولن يكون مثل دولة جنوب السودان «النفطية» والتي تتخذ من السودان العدو الأول والأكبر، وهذا ما تستثمر فيه حركات دارفور المتمردة الآن. حركة مناوي تشعر بأنها في حاجة الى موطئ قدم داخل ولايات دارفور وترى أن هذا يمكن أن يكون من خلال إبادة المدنيين كما فعلت في أمبرو وكرنوي.. وترى أن هذا أيضاً يمكن أن يمنحها كرت تفاوض قوي مع حكومة الخرطوم مستقبلاً، لكن باب التفاوض الآن حتى أمام حكومة جوبا تغلقه الخرطوم ويغلقه أيضاً ثوار الجنوب وليس أمام مناوي إلا العودة بباب اتفاقية أبوجاً. تقرير اتحاد الصحفيين ٭ نشر اتحاد الصحفيين السودانيين تقريراً جيداً بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يصادف هذا اليوم الثالث من مايو، وأهم ما جاء في التقرير ويستحق الإشادة بالفعل هو أنه أشار إلى رفض الاتحاد تطبيق العقوبة أو الجزاء بشكل جماعي حفاظاً على حقوق الصحفيين غير المذنبين أي أنه يرفض مبدأ «الشر يَعُم» المعمول به في معسكرات التجنيد كجزء من تدريب وتأهيل المستجدين والمجندين ميدانياً. لكن ملاحظتنا في التقرير هي أنه بعد الاحتجاج على الأجسام النقابية الموازية لم يوضح كيف يمكن التعامل معها قانونياً حتى لا يكون الصحفيون مثل «الكتاب والأدباء» موزعين في أربعة أجسام نقابية؟! نلتقي السبت بإذن الله.