في سياج من السرية وتكتم على مداولاته بدأت أمس اجتماعات مجلس شورى الحركة الإسلامية وسط أجواء عاصفة تحيط بالحركة خاصة بعد المذكرات التي طالبت بالإصلاح، ومن بينها مذكرة ال «ألف أخ» التي قوبلت بردة فعل قوية مثل تعليق الرئيس البشير في لقاء تلفزيوني سابق عليها بالقول «ما في زول وصي علينا». ولعل واقع الحركة الإسلامية اليوم يصطدم بكثير من القضايا الساخنة بل الخطيرة التي تحتاج إلى أعمال الشورى والتغيير والتصحيح، وربما اليأس الذي أصاب عضوية الحركة الإسلامية من الإصلاح هو الذي دفعها إصدار المذكرات التصحيحية، رغم أن البروفيسور عوض حاج علي يرى عكس ذلك، حيث قال في حوار سابق مع «الإنتباهة» إن هذه المذكرات ليست منطقية، وأضاف قائلاً: «نحن في الهيئة البرلمانية رفعنا مذكرة من أميز المذكرات مليئة بالشفافية والمناصحة، ويكفي أن من نتائجها تعديل النظام الأساسي للحزب، وجعل المسؤولية التنظيمية لدورتين فقط لعدم الاحتكار و «الكنكشة»، وجعل الاختيار كله انتخابياً وشورياً، وإيقاف التعيين، وعمل آلية المحاسبة التي رأسها الآن أبو قناية». ورغم أن الدورة الحالية للحركة الإسلامية قد انتهت، فإن هناك اتجاهاً برز لتقديم وجوه جديدة في خريطة العمل الإسلامي، ويبدو أن ذلك الاتجاه يسترعي انتباه الكثير من الإسلاميين بعد تصاعد الحديث عن تمكين الشباب، بالإضافة إلى مسايرة التطور التقني، ورغم أن ذلك يجد من يعارضه ويشدد على ضرورة تواصل الأجيال، فإن نهاية هذا العام ستشهد اختيار قيادات جديدة، رغم أن الشيخ أحمد حسب الرسول بدر قد قال لى في حوار معه إن التغيير لا يعني إبعاد القيادات القديمة، ولا بد من وجود أصحاب الخبرة والدراية مع الشباب لصنع المستقبل. ومن القضايا التي تواجه اجتماعات شورى الحركة الإسلامية بروز تيارات قوية داخلها ترى عدم جدوى استمرار الحركة، داعين إلى تذويبها في الحزب، في ظل وجود اتهامات بوجود تعارض بين مواقف الحركة والوطني. ولهذا السبب سألت د. أمين حسن عمر القيادي بالوطني والحركة الإسلامية عن مسألة التعارض، حيث نفى ذلك، وقال إنه من الطبيعي وجود وجهات نظر مختلفة بين الناس، ولكن المتفق عليه أن الحركة الإسلامية تعمل في إطار متفق عليه وكذلك المؤتمر الوطني، وأكد أن العلاقة بينهما تكمن في أن أعضاء الحركة الإسلامية هم أعضاء في الحزب. ويبدو أن قضية وحدة الإسلاميين واحدة من القضايا التي ظلت تشغل بال «الإخوان» باستمرار، وما من لقاء يجمع بينهم إلا وكان الحديث عن فرص الوحدة هو السائد. ولعل الأشواق ظلت مستمرة بين القواعد نحو الوحدة، وإن فقدت الأمل فيها تماماً على مستوى القيادات، الأمر الذي دفع نائب رئيس الوطني نافع علي نافع ليؤكد استمرار الحوار مع أفراد بالشعبي، بينما كشف أحمد حسب الرسول بدر عن اتجاه قوي داخل شورى الوطني لطرح قضية وحدة الإسلاميين، وأقسم لي بأن رؤساء مجالس شورى الوطني يناقشون هذا الموضوع، وأكد أن اجتماعاً سيعقد بين شورى الوطني والحركة الإسلامية في هذا الخصوص. ودعا بدر إلى إبعاد العقد النفسية حتى يتم الجمع بين الإسلاميين، وقال إنه ليس هناك ما يمنع ذلك، وأكد أن اجتماعات شورى الحركة ستختار قيادات جديدة، مرجحاً أن تكون من الشباب في إطار الفهم للمستقبل، الأمر الذي يتطلب التعايش مع هذا الواقع، وقال إن اختيار قيادات جديدة للحركة الإسلامية لا يعني إبعاد القيادات القديمة. إذن اجتماعات شورى الحركة الإسلامية سوف تبحر في محيط الإصلاحات التي لا ساحل لها، وربما تجد بعض المناخات الساخنة الأمر الذي ترفضه بعض الأجسام التي تخاف من أن تصيبها بالحمى، وكل ذلك في اتجاه «ما أردت إلا الإصلاح»، فبأي جديد ستخرج اجتماعات شورى الحركة الإسلامية؟ هذا ما ستكشفه الأيام القادمة.