أعجبني جداً ما واجه به الأستاذ محمد الحسن الأمين المتمرد المنسلخ عن جلده تعبان دينق والي ولاية الوحدة.. وكنت أتمنى لو أن الأستاذ محمد الحسن الأمين توغل قليلاً فيما يجرح ويحرج ويؤذي تعبان دينق.. فتعبان دينق حالة خاصة من اللؤم والشؤم والسقوط الذي يمكن أن يتصف به ابن آدم.. ولو كان هذا الذي في تعبان دينق في ابن آوى لأضر بسمعته. العبارة التي أعجبتني وأوقفتني هي قوله لتعبان دينق عند الحديث عن المشورة الشعبية والفرقتين التاسعة والعاشرة التابعتين للحركة الشعبية ولقطاع الشمال.. قال له محمد الحسن الأمين: مالكم ومال المشورة الشعبية ومالكم ومال النيل الأزرق أو جنوب كردفان.. لقد أصبحتم دولة أخرى.. وهذا شأن داخلي للسودان وحديثكم عنه تدخل في شأن داخلي لبلد آخر مستقل عنكم.. إن مقتضى كلام محمد الحسن الأمين أن الفرقة التاسعة والعاشرة تمثلان الآن تمرداً صريحاً وواضحاً وممولاً من دولة أجنبية.. والتعامل مع التمرد شأن داخلي لا حق لأحد في مجرد الكلام فيه أو التعرض له دعك من تمويله ودعمه بالسلاح والسند كما تفعل دولة الجنوب المسخ المشوّه مع تمرد عقار والحلو وعرمان وسجمان إن الذي كان يجب أن يضيفه محمد الحسن الأمين لتعبان دينق وتعبان لا يحتاج إلى اسمه لأنه تعبان جداً جداً» .. كان يجب أن يقول له إن مجرد حديثك عن المشورة الشعبية وتأييدك للحلو وعقار يوفر السند القانوني للتعامل معكم بقوة السلاح بجانب السند الشرعي الذي جعل لقتالكم سببًا آخر هو الكفر والردة .. والبغي والحرابة. أي أن السند القانوني والشرعي والأخلاقي والإنساني يجعل الطريق معبداً ومفتوحاً إلى جوبا.. والقتال الذي سببه الكفر قائم ولا يستطيع إنكاره أو الالتفاف حوله مسلم مهما بلغ من الدغمسة والانبطاح «فالجهاد قائم منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي المسيح الدجال لا يبطله عدل عادل ولا جور جائر». هكذا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم. أي لا يبطله جور الأممالمتحدة.. ولا ظلم مجلس الأمن ولا دغمسة المؤتمر الوطني .. ولا يبطله شيء حتى نقاتل المسيح الدجال. إن الحركة الشعبية ربما ظنت أنها تستطيع أن تكون شوكة في خاصرة السودان.. أو مخلب قط في يد الصهيونية والصليبية وكفار الدنيا.. يوجهونها ويسلطونها على أهل السودان.. والحركة الشعبية تنسى في غمرة الفرحة الشديدة بالإمدادات الأممية من عتاد وسلاح وأموال.. وفي غمرة السكرة وتصديق الأكاذيب الأممية والصهيونية والصليبية في غمرة كل ذلك تنسى الحركة الشعبية أنها مولود جديد انقطع عنه حبله السري الذي كان يغذيه وانقطع غذاؤه من أمه.. وهو يعيش الآن على المحاليل والتغذية الصناعية والتفتيش في المكبات وأكياس الزبالة.وفوق كل ذلك فإن النائب الأول قد قطع بتصريحه ذلك القوي الثدي الحرام الذي كان التمرد والحركة الشعبية يرضعان منه وهو ثدي التهريب عبر الحدود إلى جنوب السودان الدولة المسخ التي مازالت تبحث لها عن اسم.. وعن هُوية.. وتبحث عن بندقية.. وعن لقمة.. وعن مستقبل ومع ذلك تريد أن تقنع الممول الأممي للحروب والاضطرابات أنها تستطيع أن تقض مضاجع السودان وتسقط دولة الإنقاذ.. وتلغي الشريعة.. إلى آخر الظلوطيات التي لا تسمن ولا تغني من جوع.. والعنتريات التي لا تقتل ذبابة. إن الحركة الشعبية تنسى أن الشوك ليس في خاصرتها فقط بل إن الشوك في حلقها وفي قلبها وفي دبرها وفي كل موضع من جسدها.. وأن الثوار الآن يقاتلون على أبواب عواصمها الكبرى.. وأنهم في أمعائها وأحشائها وأعصابها.. ونحن نبشرها بأن الثوار في الجنوب ليسوا مجرد ثوار بل هم سرطان ليس له دواء وليس له مسكِّن وليس له ما يوقفه.. فهو يتنامى تماماً كما يتنامى السرطان بمتوالية هندسية بل متوالية شيطانية.. والتمرد دائماً يحصل على السلاح.. وقد كانت الحركة الشعبية وهي تقاتلنا تحصل على السلاح.. وكل تمرد في الدنيا يحصل على السلاح. ولا تصدر دولة أو جماعة بياناً تتنبى فيه إمداد هذه الجماعة المتمردة أو تلك بالسلاح.. ولكن السلاح في الآخر يأتي ويستمر التمرد.. وكثيراً ما ينتصر التمرد.. لأن التمرد كثيراً ما يكون ثورة وقتالاً من أجل الحق والحرية. أنا لست كغيري من المحللين والكتاب.. فأنا لا أقول للحركة الشعبية عليك أن ترعوي.. أو أن تعقلي فمكلف الأشياء ضد طباعها.. متطلب في الماء جذوة نار.. والحركة الشعبية بلا خلق ولا دين ولا عقل والحركة الشعبية واهمة وهي تظن أنها أداة في يد الصهيونية والصليبية والأممية الحاقدة المسخرة وفاتها أنها سواء صحّ هذا أو لم يصح فهي في واقع الأمر أداة في يد الناموس يسيرها كيف يشاء. وهي بلا أدنى ريب ستبوء كل محاولاتها بالفشل الذريع لأنها موسومة.. ولأن الخرطوم مذكورة في صحائف آخر الزمان ومربوطة بآخر مراحل الجهاد عندما يقاتل آخر هذه الأمة المسيح الدجال ومعلوم نزول عيسى وظهور المهدي.. مهدي الحق لا مهدي الضلالة وذُكر في الآثار أنه يكون في نصرته صاحب الخرطوم صاحب راية الإمام المهدي. إن الحركة الشعبية اليوم تستثمر العداوات الظاهرة والخفية التي يكنها أهل الملل الجاحدة للإسلام وأهله وتظن أن هذا يؤهلها لأن تكون رقماً في المنطقة وهي في الواقع مؤهلة لأن تكون صفراً لأن الرقم ولو كان تحت الصفر فهو رقم.. ومهما كان انكسار هؤلاء وانبطاحهم وتذللهم وضراعاتهم ودموعهم وورعهم الكاذب.. فإن نظام الحركة الشعبية تحت ضربات الثوار.. وتحت وطأة الناموس إن هو إلا هامة اليوم أو غداً وما مصير قرنق منكم ببعيد..