في الوقت الذي انشغل فيه الجميع بقرار مجلس الأمن «2046» الذي تبني خارطة طريق مجلس السلم والأمن بالاتحاد الإفريقي فيما يلي المفاوضات بين دولتي السودان وجنوبه طارت الأنباء عن مبادرة سلام جديدة قدمها الفريق دانيال كودي لرئيس الجمهورية، أما التفاصيل فهي كما رواها كودي نفسه في صالون الراحل سيد أحمد خليفة بالأمس بقوله إن لقاءه الذي استغرق زهاء الساعة والنصف بالرئيس اتسم بالوضوح، ولم تخالف المبادرة سابقتها في التركيز على وقف النار وإنفاذ بند الترتيبات الأمنية في اتفاقية نيفاشا، فضلاً الترتيبات اللازمة لأعمال الإغاثة، أما الجديد في المبادرة فهو محاولتها للحاق بالمستجدات الطارئة بشأن الأوضاع بين البلدين، وذلك من خلال آليات جديدة لتواكب تدخل الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة في الملف، علاوة على الحرب غير المعلنة القائمة بين البلدين، وبما أن الدولتين أعلنتا قبولهما بوقف العدائيات بينهما، مما يستوجب وقف الدعم لحملة السلاح على الجانبين، هذا الظرف الماثل يفيد أن موقف حاملي السلاح بالسودان قد اختلف عما قبل، فإذا لم تتجه دولة الجنوب لفك ارتباطها مع الفرقتين التاسعة والعاشرة اللتين تقاتلان في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، تمهيدًا لتطبيق بروتوكول الترتيبات الأمنية، فإن مقاتلي الفرقتين سيواجهون مشكلة حاجتهم المستمرة للإمدادات العسكرية واللوجستية في الوقت الذي سيتعذر فيه أن يجدوا مأوى من أي دولة أخرى، ويترتب على ذلك سوء الحال النفسي لأولئك القادة، خاصة بعد الهزائم التي طالتهم في هجليج وتلودي. والسوال القائم الآن بالنسبة للفرقتين: ماذا بعد قرار مجلس الأمن؟ لا سيما في ظل الخلافات التي ظلت تلاحق تحالف الجبهة الثورية، فالنوبة الذين يرون أنهم القوة الغالبة في هذا التحالف لايجدون لهم ممثلين في قيادة التحالف، وتسببت تلك الخلافات في اعتقالات البعض منهم في جبال النوبة، وفي رفض النوبة للقتال في كاودا عندما تم استدعاؤهم إليها، ولاذوا بمنطقة تمانجه، إذن لا خيار سوى السلام وفقا لكودي الذي أفاض في تفصيل ذلك بقوله: إن مرتبات الفرقتين بعملة دولة الجنوب وهي غير مبرئة للذمة بالسودان، وهناك موقف الحكومة المؤيد للسلام، فضلاً عن أن الحرب لا يوجد بها منتصر ومهزوم، خاصة في جنوب كردفان، حيث تتعذر هزيمة المتمردين بشكل جذري، أما المخارج والحلول في تقدير كودي فتكمن في الاتجاه للحلول السودانية بالداخل، أن تتوفر النوايا الحسنة للحكومة في تحقيق السلام، كما يمكن لمنظمات المجتمع المدني والقوى السياسية أن تلعب دورًا كبيرًا في هذا الاتجاه، فضلاً عن دور الشخصيات الوطنية، وحدث عن ضرورة معالجة أوضاع الجنود الذين تركوا الحرب واختاروا السلام، وأبدى اهتمامه بقيادات أبناء النوبة بالخارج، وشدد على أهمية أن تعمل الدولتان لإيجاد الحلول اللازمة للفرقتين المقاتليتين، بالإضافة لمعالجة القضايا العالقة بين البلدين، منوها إلى خطورة تدويل القضية، مردفاً أن ذلك لن يكون من الصالح، وحذر كودي من أن استمرار الحرب قد يؤدي إلى أوضاع إنسانية أكثر سوءًا مما كان عليه الحال عام 2002م. من جانبه ذهب رئيس المؤتمر الوطني بالنيل الأزرق عبد الرحمن أبو مدين إلى أن علة الحرب تكمن في عدم التطبيق الكامل لنيفاشا، مشيرًا للانسحاب الذي نفذه الجيش بنسبة «100%» مقابل «37%» للجيش الشعبي، وقال إنهم في الولاية شكلوا جبهة قومية من «12» حزباً لها دور مقدر في استقرار الولاية، بالإضافة للعلاقات الجيدة مع إثيوبيا والتي ساهمت بدور كبير في هذا الاستقرار، مؤكدًا أن قوات الحركة في الولاية ليست ضاربة، وتطلع إلى أن الولاية بأسرها ستكون في قبضة الحكومة قبل الخريف، موضحاً أنه لا مجال للعمل بأية مبادرة خارج إطار اتفاق نيفاشا أو خارج الموجهات العامة للدولة، وفي كلمته قال سراج علي حامد رئيس الحركة الشعبية القومية للتنمية والسلام ووزير الدولة بالإرشاد إنه ما من سبب للحرب في النيل الأزرق سوى أنها مخطط لوبي صهيوني، إذ لا منطق ولا عقل يسندها.