لم يكن تعيين إسرائيل لسفيرها الجديد بدولة الجنوب مجرد صدفة أكثر من أنه نتاج تخطيط طويل المدى يسعى لتنفيذ أجندة الكيان الصهيوني، فالسفير حاييم كورين هو سفير إسرائيل الحالي في جنوب إفريقيا، والجميع يعرف أن دولة تركمانستان قامت برفضه لشبهة أنه يعمل ضمن جهاز المخابرات الإسرائيلي «الموساد» ولأنه قضى ثلاث سنوات مدرساً في كلية الأمن القومي، لكن الأخطر من عمله بالجهاز الاستخباري، ولمن لا يعرفه يورده الإعلام أن حاييم يجيد اللغة العربية ب «اللهجة السودانية» بالإضافة للهجات سودانية أخرى هي «الزغاوة والنوبة» بطلاقة جراء مكوثه الطويل مع أكثر من «1500» لاجئ سوداني تعرّف عليهم أثناء تحضيره لرسالة الدكتوراة التي كانت هي الأخرى عن قضية دارفور بعنوان: «مخطوطات دارفور«1720 1916»، وفي سياق بحثه يصف السفير الإسرائيلي أنه التقى في كتابه عن دارفور «1500» لاجئ سوداني، «80% » من إقليم دارفور، ويشير حاييم في البحث الذي لدى «الإنتباهة» نسخة منه أن معظم الذين جاءوا إلى إسرائيل من السودان بواسطة منظمات استخبارية تديرها دول جوار السودان، وله بحث آخر بعنوان «دارفور أزمة الهوية: الإسلام، القبلية، الإثنولوجيا والبيئة من منظور تاريخي» صدر في لندن، بورتلاند، 2008». وحاييم لم يكن مهتماً بدارفور فقط، فلقد كان له سابق عهد بإعداد كتاب عن التركيبة السكانية السودانية، وكتاب ثانٍ عن التقاليد السودانية وإنثربلوجيا الشعب السوداني أي علم الاجتماع وتحليل الشخصية السودانية، وقبل إرساله إلى جنوب السودان كان مدير قسم الشرق الأوسط ومركز البحوث السياسية في وزارة الخارجية بالإضافة أنه عمل قنصل إسرائيل بولاية شيكاغو الأمريكية، وقنصل إسرائيل بمدينة الإسكندرية بمصر. إن معرفة حاييم بالسودان ليست بسيطة حيث رصدت «الإنتباهة» له أكثر من محاضرة عن السودان والإسلام السياسي الحاكم فيها، ففي محاضرة قدمها في يوم 21 يونيو 2011 بكلية الدفاع الوطني الإسرائيلي تحدث السفير عن أن جنوب السودان تلقى تهديدات واسعة من الدول الإسلامية مقابل أنها ستعرف بدولة إسرائيل أولها دولة السودان، كما يجدر الذكر أنه قدم محاضرة في جامعة نبراسكا الأمريكية عن السودان ودارفور وأخرى بذات العنوان في مركز الجالية اليهودية بالولاية، وفي العام 2010 قدم السفير الإسرائيلي أيضاً محاضرة مهمة بعنوان استكشاف الآثار المترتبة على مستقبل الإستراتيجية الدفاعية الإسرائيلية في منطقة الشرق الأوسط الكبير، وذلك في منتدى الشرق الأوسط وألقاها في جامعة كورفينوس بودابست، المجر، السفير كورين حاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة بيرغن النرويج، وله نشرات وكتب عديدة على نطاق واسع في العديد من الموضوعات التي تنطوي على الإسلام في الشرق الأوسط، وقد قام بالتدريس في جامعة حيفا، إسرائيل، وجامعة شيكاغو من خلال مركز دراسات الشرق الأوسط. وفي الإطار قالت صحيفة معاريف الإسرائيلية إن تعيين وزارة الخارجية الإسرائيلية سفير لأول مرة بدولة جنوب السودان، يأتي في سياق الجهود الإسرائيلية للوقوف أمام محور الإسلام السياسي الذي بدأ ينتشر بقوة في القرن الإفريقي خاصة عقب فوز الإسلاميين في مصر في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في مصر بأغلبية ساحقة وكذلك في تونس والمغرب وليبيا، ويقول كورين في أول تصريحاته الصحفية بجوبا عقب لقائه رئيس دولة جنوب السودان سلفا كير ميارديت إن تل أبيب ستعمل من أجل دعم وتطوير العلاقات الدبلوماسية مع جوبا، مشيرًا إلى أنهم مستعدون لتقديم الدعم والمساعدة من أجل تنمية جنوب السودان وتطوره، ويرى أنطوني جوزيف، وهو صحفي بجوبا، أن خطوة اعتماد سفير إسرائيلي في جوبا ستمهد للأخيرة الاستفادة من خبرات تل أبيب في تنمية قدراتها. ويضيف بحديثه أن على جوبا استثمار هذه العلاقة لبناء قدراتها العسكرية والزراعية والاقتصادية، لكن قدوم السفير حاييم كورين بهذه الخلفية الخطيرة ينذر بأن الاستهداف الذي سيجده السودان في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق من السفير الإسرائيلي سيكون أكبر من حجم الحركة الشعبية قطاع الشمال نفسه، خاصة وأن حاييم بالتأكيد ستكون له صلات واسعة مع متمردي دارفور بجنوب السودان.