منذ فترة طويلة وزميلنا بالقسم السياسي الهميم عبد الرزاق كان يطلب منا زيارة ولاية سنار لنقل واقع أهلها في الأرياف والوقوف على تردي الخدمات التعليمية والصحية فيها، وفي كل مرة كنا نؤجل الزيارة لهذه الولاية الغنية بمواردها الطبيعية حتى سنحت لنا الفرصة لزيارة قصيرة إلى حظيرة الدندر، وعلى الرغم من عدم طوافنا على بعض قرى الولاية الكثيرة لنقل حالتها في مختلف الخدمات إلا إننا يمكننا التمسك بالمثل القائل (الجواب يكفيك عنوانه)، وهذا العنوان وضح منذ دخولنا إلى محلية الدندر ومعي الزميل أحمد التاي للوقوف على بعض التعديات على حظيرة الدندر التي تعتبر من أكبر المحميات الطبيعية في إفريقيا وربما العالم، ولذا لم يسعفنا الوقت لزيارة بعض قرى الولاية لنقل مشكلاتهم وقضاياهم المختلفة ولكننا نعد أهلنا في هذه الولاية المعطاءة بزيارة أخرى مخصصة لشح الصحة والتعليم والمياه وربما انعدام هذه الخدمات في البعض منها وليس شحها مما يجعل المواطن هناك يعيش حالة من المعاناة التي لا تنتهي، وعشنا بعضًا من هذه المعاناة ونحن في الطريق إلى الحظيرة التي تبعد تقريبًا «مائتي كيلو متر» ولكنها تستغرق أكثر من أربع ساعات لوعورة الطريق الذي ينقطع في فصل الخريف دون أن تحل ردمية «الولاية» المشكلة، وفي هذا الطريق الكثير من القرى التي يحلم أهلها بمياه نقية وصحة متوفرة و... و... والكثير من الخدمات سنتناول بعضًا من هذه المعاناة في الملف الذي نعده عن الحظيرة والإهمال الذي تجده من المركز وسيتضمن الملف أيضًا إغفال الغابات عن القطع الجائر وغيره من الممارسات التي تهدِّد الغابات في الولاية، وسنحكي بالتفصيل القصة الكاملة لسليمان المتعافي مع الحظيرة، وقصة الحيوانات التي تمتلئ بها الحظيرة والتي من المؤكد أنها تفوق «الأربعة قرود»، وقصة «اللبوة» التي طاردت عربتنا ونحن نهم بالعودة من الحظيرة، والكثير من القصص الواقعية التي عايشناها من داخل الحظيرة وخارجها. ولا نجد تشبيهًا لهذه الحظيرة سوى بالفتاة الحسناء التي تحتاج للقليل من الاهتمام لتتنافس على ملكة جمال الكون، وعدم هذا الاهتمام يبدأ من الطريق ويمر بشح إمكانات شرطة الحياة البرية التي يجتهد قادتها وأفرادها جهودًا كبيرة تفوق الإمكانات المتاحة لهم، ويختتم الإهمال بالطرق الوعرة وهذا ما سنتحدَّث عنه في الحلقة المقبلة إن شاء الله.