مشاهد غريبة ومحيرة تتجاوز بالناظر والمتأمل مراحل الدهشة المفرطة إلى الخيال الواسع خاصة إن كان المشاهَد أمرًا يتنافى مع طبيعة الأشياء ونواميس الكون، ولك أن تصدق محاولة بيع «دمية» الرذيلة في قلب العاصمة وهي سلعة عبارة عن مجسم بلاستيكي بحجم فتاة عارية وكاملة التفاصيل الإباحية «عاهرة بلاستيكية» وإن كان «الزبون» غير راغب في الجسم كاملاً فإن هناك خيار آخر «بالقطاعي» فمن بين السلع مجسم مطاطي آخر عبارة عن «جهاز تناسلي لأنثى» تم صنعه على قاعدة صلبة، لمارسة اليدوية ، مع وجود كافة أنواع الخمور المستوردة والمنشطات الجنسية الضارة بالصحة ومستحضرات تجميل خطيرة ومدمرة لأغراض التكبير والتصغير مع صور فاضحة للأجزاء التي يراد تعديلها كيميائياً.. الأمر لم يتوقف في هذه السلع عند إشاعة الفاحشة فقط، بل امتد ليطول فلذات الأكباد من خلال اللعب التي أثبت المختبر احتواءها على مواد مسرطنة والعياذ بالله. جملة هذه البضائع «50» طنًا أي ما يزن لحمولة 13 دفارًا «جامبو» تم ضبطها بمطار الخرطوم فكانت الجمارك السودانية سداً منيعاً لهذا الغثاء الفتاك.. والتحريات التي أُجريت ثبت أن بعضها إسرائيلي وبعضها مجهول دولة المنشأ وبعضها آسيوي وبعضها دخلت عن طريق الأفراد والتجار والحقائب الدبلوماسية لبعض الدول ذات الرقابة الضعيفة والتي تبيع حقيبتها الدبلوماسية لتجار الشنط. سؤالان مهمان جداً لم يُجب عنهما الخبر الخاص بهذه الإبادة حيث أوضحت المعلومات كيفية محاولة دخول هذه البضائع ومن الذي أدخلها؟ وحجم مخاطرها وما لم يجب عنه هو الكيفية التي تم بها ضبط السلع، فالجمارك وحسب ما أفادنا المدير أنهم يملكون نظماً رقابية عالية المستوى ولا تستخدمها في المنطقة العربية إلا دولتان فقط السودان ثالثهما، كما أن مختبرات الجمارك وهيئة المواصفات هي الأخرى مؤهلة للقيام بهذا الدور، والسؤال الثاني ما هي عقوبة الموردين لهذه البضائع المدمرة والإجابة محبطة جداً فلا يوجد تشريع لردع الموردين لسلع الهلاك غير الإبادة أو إعادة الإرسالية، وما ينبغي هو سن تشريع رادع لمحاكمة كل من يحاول التخطيط لإفساد المجتمع فالبضائع التي رأيناها قطعاً ليست لأغراض التجارة بل للإفساد وتشكل سلاحاً للحرب الأخلاقية التي تقودها إسرائيل ضد السودان وهي بلا شك جزء من حلقات التآمر على البلاد ومحاولة تحويل مطار الخرطوم والمنافذ الأخرى لمسرح عمليات جديد تدمَّر من خلاله الأخلاق والقيم والشباب. أفق قبل الأخير: أشعل اللواء سيف الدين عمر مدير الجمارك النار على سلع الرذيلة وقال إن البضائع تقدر قيمتها بأربعة مليارات جنيه تم ضبطها بمطار الخرطوم وعلينا أن ننظر للجمارك وهي تشكل خط الدفاع الأول لحماية المواطن في عرضه وماله ودينه. أفق أخير: هناك «مريسة» صينية تمت إعادة تعبئتها لتدخل بمطار الخرطوم