حينما تحتج جماهير فرق كرة القدم على لعبة خشنة من الخصم، دون أن يحتسبها الحكم تصيح في المدرجات «التحكيم فاشل.. التحكيم فاشل»، لكن كل ذلك لن يثني الحكم عن اتخاذ قراراته التي يرى أنها صائبة، دفعت بهذه التوطئة للتعليق على وساطة إمبيكي بين الخرطوم وجوبا، والتي من المتوقع أن تبدأ جولة مفاوضات جديدة غدًا في أديس أبابا حسب الموعد المعلن. فالحكومة تدخل جولة الغد ولديها شكوى مرفوعة في مجلس الأمن ضد الخارطة التي قدمها أمبيكي لمجلس السلم والأمن الإفريقي ومن ثم قدمها لمجلس الأمن الذي اعتمدها، وأدرج من خلالها أمبيكي منطقة نزاع خامسة بين الخرطوم وجوبا، احتجت الحكومة على ذلك وستذهب لأمبيكي ليتوسط إدريس عبد القادر باقان أموم لمنافشة أجندة التفاوض. كان على الحكومة أن تهتف بكل صراحة كما هتف باقان أموم من قبل بأن التحكيم فاشل حيث اتهم باقان أمبيكي بأنه غير محايد ولا يصلح لأن يكون وسيطًا. فالخرطوم اخفقت كما لو كل مرة، ولو كان لديها خطة إستراتيجية للتفاوض لرفضت لقاءات أمبيكي الأخيرة التي أجراها في الخرطوم قبل أن يسحب تلك الخارطة والاعتذار صراحة عن أنه أخطأ، كل ذلك لم يحدث واكتفت بشكوى لمجلس الأمن ربما تكون قد تم وضعها في السلة مع شقيقاتها التي سبقنها من قبل في عدد من القضايا، هذا الصمت ربما يكلف الخرطوم كثيرًا، حينما يذهب أمبيكي و ينفض يده عن الوساطة ويأتي من يقوم بدور جديد في مرحلة جديدة، فمشكلات السودان مع الجنوب لن تنتهي بهذه الوساطة، هناك عدة سيناريوهات معدة في أضابير عدد من الدول تدفعها في الوقت المناسب، فأمبيكي أُنيط به أن يقود هذه المفاوضات إلى هذه المرحلة اتفق الطرفان أم لم يتفقا ليس المهم، لكنه أدرج منطقة خامسة تحوطًا من أن يتم الاتفاق على أبيي في وقت قريب، فأدرج تلك المنطقة حتى تكون محل نزاع جديد مع دولة الجنوب ويذهب مثل دوغلاس جونسون عضو لجنة خبراء أبيي حينما «كلفت» تقريره دون مشورة بقية الأطراف وأدرج أبيي في الجنوب، ومن ثم غادر، وهو ما رفضته الحكومة بشدة. الحكومة تتحدث عن أن مفاوضات الغد يجب أن تبدأ بالملف الأمني، لكن قبل ذلك يجب أن تدرك أنها قبل ذلك يجب أن تبحث عن وسيط نزيه، وسيط لايضع «مطبات وخوازيق» غير مرئية في الوقت الحالي كأمبيكي، ولن يستقيم أن تجلس الحكومة لوسيط قدمت ضده شكوى في مجلس الأمن، إن قالت إنها تفعل ذلك التزامًا بقرار مجلس الأمن «2046» فإنها تكون دخلت في «الشرَك الدولي»، لأن وفد الجنوب بقيادة باقان سيأتي إلى أديس متنزهًا فقط، لأنه يدرك أنه مسنود بقرار يلزم بالواضح الاتفاق خلال «3» أشهر، بما فيها الحوار مع عقار والحلو وعرمان، فإن لم يتم ذلك، فإن السيناريو المقبل سيكون تنحي أمبيكي بعد أن سار بتلك المركب إلى وسط البحر حيث الأمواج المتلاطمة التي ربما لن ينجو منها أحد، حينها لن يكون أمام الحكومة إلا أن تردِّد مع اللحو رائعته «لا وصلت ليك لا الرجعة تاني عرفتها».