راحيل إبراهيم تصوير: متوكل البجاوي عند مدخل حي «المساكن الشعبية والشرطة» تقع عينك على أشياء قديمة معروضة للبيع بامتداده ورواكيب على جانب الطريق لورش غير ثابتة مصنوعة من المواد المحلية البسيطة ومجموعة من الدكاكين أمامها معارض ضخمة تحتل معظم الطريق، الغريب في الأمر أنه وحتى «الدرابزين والزقاقات» أمام المنازل تستخدم لعرض الأشياء، ساحة كبيرة تشبه ميادين الكرة تراصت على امتداده معارض الأثاثات وورش الحديد وأشياء أخرى، كان هذا المشهد يمثل الدلالة التي هي جزء من سوق الجمعة المتاخم للسوق الشعبي الخرطوم، وكان لغط كبير قد صاحب قرار إزالة هذا السوق بعد تنفيذه فعلياً؛ ففي الوقت الذي يرى بعضهم عدم الجدوى من هذا السوق مع وجود السوق الشعبي الخرطوم، ترى فئة أخرى أنه يقدم سلعاً استهلاكية للمواطن بأسعار زهيدة وأن إغلاقه سيشرّد عددًا كبيرًا من التجار الذين يدفعون ما عليهم من رسوم محلية وضرائب وزكاة ومع اختلاف الآراء وحدة لهجة إنذارات الإخلاء إلا أن السوق قد قاوم كل التيارات وثبت أشرعته بفتح أبوابه للبيع في كل أيام الأسبوع.. يدور حديث بالهمس أنه وبعد إزالة دلالة الجمعة قامت الجهات المختصة بتعويضهم في كل من الأزهري والإنقاذ إلا أنهم قاموا بإيجارها وعادوا إلى دلالاتهم حيث تقوم المحلية بأخذ الأتاوات منهم سراً لهذا فهي تتباطأ بالإزالة. دلالات فوق القانون بتاريخ العاشر من أغسطس للعام «2000م» قام مدير قسم الديوم الشرقية بوحدة الخرطوم وسط الإدارية بالمحلية فتحي الطيب محمد بإعلان لجميع العاملين الموجودين في دلالة الجمعة بإخلاء الموقع وعدم ممارسة أي عمل وترحيل ممتلكاتهم خلال أسبوع، وحدث الإخلاء بالفعل إلا أنه وبعد فترة زمنية قصيرة عادوا لمزاولة نشاطهم وبتاريخ «2/6/2006م» قام مدير قسم الديوم الشرقية بالوحدة الإدارية بالمحلية محمد أحمد نوباي بتوجيه إنذار نهائي بإخلاء الدلالة إضافة للمعروضات خارج «الدكاكين» وأكد لهم في حالة التمادي فإن المحلية ستضطر لإخلاء الموقع بالقوة الجبرية بواسطة إدارة المخالفات.. توالت الإنذارات إلا أن صوت المحلية أصبح يتخافت حتى اختفى تماماً منذ ثلاث سنوات. لا حياة لمن تنادي اشتكى عدد كبير من شباب الحي أن الدلالة سببت للأسر القاطنة مشكلات كثيرة بيئية وصحية، وأمنية باستغلال بعض ضعاف النفوس الوضع المتردي ليقوموا بعمليات سرقة وسطو إضافة لبعض الممارسات الخاطئة ليلاً، في ذات الوقت أعرب مجموعة من تجار هذه الدلالة عن عدم رضائهم من وجودهم بهذه الطريقة، وأعربوا عن استعدادهم لإخلاء المنطقة فورًا إذا ما حددت لهم المحلية البديل.. شباب هذا الحي ناشدوا المعتمد بلهجة تهديدية أنهم سيقومون بالإخلاء القسري لهذه الدلالة، وفكروا مرات عديدة في إحراقها إلا أنهم استكانوا لمحاولات اللجنة الشعبية من أجل حل المعضلة مع محلية الخرطوم التي تنام ملء جفونها وكأن الأمر لا يعنيه، علي محمد عثمان من مواطني الحي اشتكى بمرارة من الدلالة، وقال إن أطفاله مستاءون جداً من الوضع وإنهم غالباً ما يعودون عندما تؤذيهم بعض المناظر الصحية السالبة صباحاً وأن الكثير من أولياء الأمور الذين يعملون في المؤسسات المختلفة يرفضون لذويهم الخروج من المنزل حتى لشراء بعض الحاجيات إلا بعد عودتهم. شاهد من أهلها آدم أحمد هواري يعمل بهذه الدلالة منذ «15» عاماً بيّن أنه غير مرتاح في العمل لأن محله التجاري عبارة عن راكوبة غير ثابتة، وأوضح أنهم كانوا قديماً يدفعون مبالغ للمحلية نظير وجودهم بالمنطقة إلا أنه ومؤخرًا اختفت المحلية تماماً وتمنى أن تهتم الجهات المختصة بهم وتعوضهم كما فعلت مع مجموعة سابقة حيث عوضتهم بالإنقاذ والأزهري، وافقه الرأي معتز محمود الذي أوضح أنهم لا يعرفون من هو المسؤول عنهم فلم يحدث أن زارهم أي أحد أو وقف على المشكلة حتى يعرفوا ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات وبيّن أنهم يعولون أسرًا سوف تتشرد إذا ما أصرت اللجنة الشعبية على ترحيلهم دون أن تعوضهم المحلية وتمنى وقفة الصحافة مع المواطن بإيجابية من غير التركيز على السلبيات. جريمة مركّبة أمين محمد الأمين مسؤول الاستنفار والتعبئة باللجنة الشعبية بين أن المواطنين متضررون جداً من وجود هذه الدلالة وسط الحي السكني، وأن حالات من البلاغات مدونة بأقسام الشرطة حول الاعتداء على البنات والنساء ليلاً، الأمر الذي جعل طالبات الجامعات يتخوفن من عبور الشوارع في الصباح الباكر إلا بصحبة ذويهنّ فالعاملون الذين يقطنون بمكان عملهم يظلون في نوم عميق حتى بزوغ الشمس حيث يقضون حاجتهم على العراء فضلاً عن حالات السكر والتداول التجاري للممنوعات سراً بجانب المشكلات الصحية الناتجة عن التردي البيئي وبين أن عددًا من الأسر تركوا المنطقة، وأكد أنهم خاطبوا المحلية عدة مرات إلا أنه لا مجيب وأن مدير الخدمات محمد سعد ظل يراودهم بالكلام في كل مرة فتارة يخبرهم بأن المعتمد حل لجنة النظام العام وعليهم الانتظار حتى تكوين اللجنة الجديدة، وتارة أخرى يقول لهم إن الأمر قيد الدراسة وإنهم يخشون من مشكلات قد تحدث مع الإزالة، وأكد محمد أنهم ظلوا يطلبون من شباب الحي الهدوء وأن المشكلة ستحل حتى استفحل الأمر.