القراءة المتأنية للمشهد السياسي المصري تقول بوضوح معقول: إن الرئيس القادم لمصر هو العالم الدكتور محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين للرئاسة هذه الرؤية لها أسباب علينا بيانها كما أن لها استحقاقات علينا توضيحها.. أما الأسباب فمنها أن الذي يجري في مصر هو حصار نصف قرن من الأحداث.. أحداث كبيرة وأحداث صغيرة.. أحداث داخلية وأحداث خارجية.. أحداث محلية وأحداث عالمية.. أحداث سياسية وأخرى اقتصادية وأخرى اجتماعية.. كل هذه الأحداث منذ صعود عبدالناصر إلى سدة الحكم في 23 يوليو 1952 وإلى أحداث ثورة 25 يناير 2011 كان للإخوان المسلمين المصريين القدح المعلى فيها.. إذن فمصر اليوم تحصد.. مثلما حصدت تونس ومثلما حصدت ليبيا.. ومثلما حصدت اليمن.. ومثلما تحصد اليوم سوريا.. وهذا اختصار منا للأحداث عسى ألا يكون مخلاً ومن الأسباب أيضاً التي تدعو إلى هذا القول أن المجتمع المصري يشتد التصاقاً بالإسلام ويشتد التصاقاً بالتديُّن كلما ازدادت وتيرة الهجوم على الإسلام وكلما ازدادت وتيرة الهجوم على التدين.. ومن ذلك أن الشارع المصري اليوم أكثر التزاماً بالإسلام وأكثر لصوقاً به من الشارع السوداني رغم أن الحكم المصري ظل علمانياً منذ عام 1954م بل معادياً للإسلام.. بينما ظل الحكم في السودان «إسلامياً» منذ تفجر «ثورة» الإنقاذ وإلى كتابة هذه السطور.. من هذه الأسباب أن مرسي يمثل في مرحلة الإعادة .. بل هو في حقيقة الأمر.. مرشح الثورة.. بينما يمثل خصمه أحمد شفيق فلول النظام البائد.. وهو ما أطلقه عليه الثوار.. إن اختراق الجنرال أحمد شفيق الصف المصري المتراص منذ أيام ميدان التحرير.. مرورًا بأيام الانتخابات التشريعية وصولاً إلى انتخابات الرئاسة يكاد يمثل أكبر قدح في مصداقية الثورة إن وتيرة الإعلام المصري اليوم المقروء والمرئي والمسموع كلها تشير إلى أنه محمد مرسي هو الرئيس القادم لمصر.. وتبقى ظاهرة شفيق قيد الدرس والتمحيص.. أما الأسباب الإحصائية فتأتي لمزيد من التأكيد بأن محمد مرسي هو الرئيس القادم لمصر. جملة أصوات الناخبين المسجلين في مصر «50» مليوناً. جملة الذين صوتوا حوالى «23» مليونا أي بنسبة «46%» حصل منها مرسي على حوالى خمسة ملايين وبضع مئات من الأصوات جاء بعده أحمد شفيق بفارق حوالى «259» ألف صوت ثم جاء بعدة حمدين صباحي وهو مرشح الناصريين بحوالى أربعة ملايين وبضع مئات. بقي بعد ذلك في الساحة السلفيون الذين يمثلون حزب النور والذي أعلن أنه سوف يقف إلى جانب محمد مرسي في جولة الإعادة.. وكذلك بقي أنصار محمد أبو الفتوح الذين سوف يصوتون لمحمد مرسي لأن الاختلاف بين جماعة أبو الفتوح وجماعة مرسي كان عارضًا وكان شكلياً وقد صرح عضو الهيئة العليا لحزب الوفد عصام شيحة أن أصوات الكتل الإسلامية سوف تتجه تلقائياً إلى تأييد محمد مرسي مثل أصوات المرشح الخاسر محمد سليم العوا وكذلك عبدالمنعم أبو الفتوح بل وحتى أصوات مرشح الناصريين حمدين صباحي بالإضافة إلى جميع القوى الثورية.. فلم يبق للمرشح الآخر أحمد شفيق إلا أصوات مؤيدي عمرو موسى والمرشحين اليساريين أمثال هشام البسطويسي وأبو العز الحريري وخالد علي «ومادري شو» والذين جاءت نتائجهم كارثية حيث حصل أكثرهم على «134056» وهو خالد علي. وكان في ذيل قائمة المرشحين المعتبرين عمرو موسى وهم الذين حصلوا على أكثر من مليوني صوت.. وحصل عمرو موسى على «2.588.850» صوتاً بينما جاء في مقدمة قائمة المرشحين غير المعتبرين وهم الذين حصلوا على أقل من نصف مليون صوت د. محمد سليم العوا الذي ندب نفسه لمحاربة سنة الختان فحصل على «235.374» صوتاً. فإذا جمعت أصوات كتل اليسار والمستقلين جميعهم بالإضافة إلى أصوات عمرو موسى إلى مجموع أصوات أحمد شفيق فلن تزيد حصته على 8.5 مليون صوت، وإذا جمعت لمحمد مرسي نصف أصوات عبدالمنعم أبو الفتوح وحمدين صباحي أي حوالى «4.400.000» صوت فإن حصيلته سوف تبلغ ما يزيد على «10» ملايين صوت. من هذا التحليل يتضح أن فرص محمد مرسي وفيرة جداً ومطمئنة جداً. وهذه قراءة حذرة جداً لمواقف الكتل ومواقف الناخبين إلا أن النظرة المتفائلة تقول إن كتلة عبدالمنعم أبو الفتوح ستصوت بأكملها لمحمد مرسي والذين لم يصوتوا لمحمد مرسي من كتلة حمدين صباحي الناصرية فلن يصوتوا لأحمد شفيق للأسباب التاريخية المعروفة. أما د. محمد سيلم العوا فسيظل كما اختار لنفسه لا هو في نفير الإسلاميين ولا هو في عير اليساريين. إن الربيع العربي والإسلامي يتحقق بمجرد قيام هذه الثورات في البلاد التي قامت فيها سواء جاءت ببدائل إسلامية أم لم تأتِ. إلا أن إسلامية البدائل لا تخفى على أحد ومن هنا يبدو أن الإخوان المسلمين في مصر هم أكثر شعوب العالم العربي والإسلامي «ارتباعاً» فربيعهم ليس كمثله ربيع.. وحصادهم ليس كمثله حصاد.. وهذا أمر لا يجب أن يفوت على دعاة الإسلام في مصر وفي خارجها.. فليس هناك حركة في العالم العربي أو الإسلامي أكثر استحقاقاً للربيع من حركة الإخوان المسلمين في مصر.