والبلاد تمر بمرحلة دقيقة في تاريخها في ظل انهيار جولة المفاوضات بأديس أبابا في شقيها العام والخاص بأبيي، يجيء انعقاد المؤتمر التأسيسي لحزب الحركة الشعبية جناح السلام بقاعة الصداقة أمس، بقيادة الفريق دانيال كودي الذي أطلق مبادرته للسلام مؤخرًا، وترتكز أهم بنودها على وقف الحرب وفتح المسارات لإيصال المعينات الغذائية والإسراع في تنفيذ الترتيبات الأمنية وتنفيذ المشورة الشعبية، ويعد القيادي بالمؤتمر الشعبي إبراهيم نايل إيدام ووفد أبناء النوبة القادم من أمريكا: أبو راس بشير فلين ومحمد أبو عنجة وأزرق زكريا خريف من أبرز المشاركين في المؤتمر ومساعد الرئيس نافع علي نافع الذي خاطب المؤتمر بقوله إن لهذا اليوم ما بعده في جنوب كردفان عامة والنوبة خاصة فالحزب وقاعدته العريضة نبذوا الحرب واستغلال قضية الولاية لأهداف الآخرين، وقال إنه ليوم تاريخي يتذكر فيه أبناء الجبال المآسي التي عاشتها عضويتها في الحركة الشعبية عندما كانوا وقودًا لحرب الحركة التي سعت من خلالها لفصل الجنوب وكيف أن عددًا كبيرًا منهم رفضوا الحرب حتى وهم في صفوف الحركة كما رفضوا أن يكونوا في ذيلية الحركة وهم أصحاب القدح المعلى في الحرب ومنهم كودي، وأعلن ترحيبهم بالحزب الوليد الذي يؤمن بقضية الجبال في إطار وحدة السودان وبمنأى عن التدخل الدولي وقال إن المؤتمر درس لأمثال عبد العزيز الحلو الذين يحلمون بأمانٍ تأتيهم من وراء البحار عبر جورج كلوني وروجر ونتر، وأكد أن جميع الاختلافات في إطار السلطة والثروة والحريات الحكم فيها للشعب، وقال: لنتفق على أن الحل بأيدينا نحن وأن الذين يحركون الأمور من وراء البحار أعداء لنا. وفي لفتة عكست إيمانه بالتسامح الديني وتوجهه للشعب كافة ابتدر دانيال كودي كلمته بالتحية المسيحية «المجد لله في الأعالي.. وعلي الأرض السلام .. وبالناس المسرة»، وبعد أن حيا ضيوف المؤتمر أرسل تحيته للشعب السوداني ب«السلام عليكم ورحمة الله» وهنأ قاعدة حزبه بانحيازها للسلام ونعت الذين اختاروا الحرب بأنهم سلكوا الطريق الخطأ، وقال: كنا شجعانًا عندما اخترنا الحرب ضد الظلم الذي حاق بالجبال وكنا شجعانًا عندما اعترضنا على الحرب الأخيرة لأنها لا تعود بالنفع لأبناء النوبة، ورد القول على الذين اتهموهم بالخيانة بقوله: هم الخائنون لأهلهم الذين يسوقونهم للحرب والدمار لمصلحة آخرين، وبينما هم يتحدثون عن التحرير لا تزال إرادتهم رهينة للآخرين، وتساءل كودي لم نقاتل ثانية وأمامنا مستحقات لم توف بعد أهمها المشورة الشعبية التي تعطينا الحق في إبداء الرأي بشأن التنمية وسبل الحكم والاقتصاد؟ فلم نقاتل ونحن ننشد السبل لنظام سياسي مدني تعددي أساسه التنوع ويسوده التسامح؟! وعدّ اختيار الحرب انحرافًا عن المؤسسية، وقال إن أصحابه ارتكبوا جرمًا في حق مواطنيهم والوطن، وقال: نحن مطالبون بإنجاح مسار السلام بالتنسيق مع الأحزاب والمجتمع المدني والحكومة، وأشار إلى أن اجتماعهم يجيء في ظل ظروف الحرب في أطراف البلاد والأوضاع الاقتصادية الضاغطة علاوة على الاستهداف الخارجي للبلاد مما يستوجب من الجميع على اختلاف انتمائهم السياسي والديني الاتفاق على كلمة سواء لنصرة الوطن وسلامته، ورسم كودي ملامح الوطن الذي ينشده حزبه بالمحافظة على احترام حقوق الإنسان والمواثيق الدولية وبناء اقتصاد مفتوح وتوفير المناخ الملائم للتنمية الاقتصادية درءًا للتهميش، وعبَّر عن انحيازه للمرأة بقوله إنه لامعنى للمساواة دون تمكين المرأة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا مما يستدعي تغيير النمط الفكري والممارسات الاجتماعية التي تحرم الأطفال والنساء من حقوقهم الاجتماعية، وتحدث كودي عن إيمان حزبهم بعدالة قضايا المناطق التي رفعت السلاح وعلى حق أهلها في التنمية وقسمة السلطة والثروة وشدد على رفضهم لرفع السلاح كوسيلة للحصول على الحقوق لأن قضيتهم قد وصلت وأن المجتمع الدولي والإقليمي اعترف بها وأن التجارب علمتهم أن الحوار هو الخيار الأمثل لحل القضايا والنزاعات ودعا حاملي السلاح في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق لإلقاء السلاح لمصلحة مواطنيهم وعدد طرفًا من إنجازات مبادرته للسلام ممثلة في إدخال الطمأنيينة لمنسوبي الحركة المنحازين للسلام والحيلولة دون انتماء الكثيرين من أبناء النوبة لمعسكر الحرب اتصالات بالمراكز الدولية النشطة في مجال فض النزاعات.