الذي تفعله بنا الإنقاذ اليوم نحن معشرَ عضوية الحركة الإسلامية وأنصار المشروع الحضاري الإسلامي يجعل من سلمى محبوبة الشاعر المهجري اللبناني إيليا أبي ماضي مجرد امرأة هانئة العيش مرتاحة البال بالرغم من أنه شبه حَيرتها.. وقال إنها أعظم حَيرة من فارس تحت القتام والقتام هو غبار الحرب الذي تثيره الخيل وهو النقع الذي ذكره بشّار عندما قال: كأن مُثار النقعِ فوق رؤوسنا وأسيافَنا ليلٌ تهاوى كواكبه وسلمى مثل هذا الفارس والرحى دائرة والموت محدق بالفرسان.. وهو في حَيرة من أمره، لا يستطيع أن يتقدّم.. والانتصار مربوط بالتقدُّم.. فلعله لو تقدّم أصاب حبيباً أو ولياً أو قريباً.. وهو كذلك لا يستطيع الانهزام لما يسببه ذلك له من عار: فلأنت أعظم حَيرة ٭٭٭ من فارس تحت القتام لا يستطيع الانتصار ٭٭٭ ولا يطيق الانكسار والحركة الإسلامية اليوم هي ذلك الفارس.. بل إن أهل السودان كلهم اليوم، هم ذلك الفارس الذي يحمل السلاح ولا يستطيع أن يقاتل به ولا أن يوجهه إلى أحد. فنحن لا نستطيع أن نقاتل الإنقاذ.. لأننا لا نأمن أن نكون نقاتل الإسلام.. ونحن لا نستطيع أن نصبر على أخطاء الإنقاذ وخطايا الإنقاذ.. لأننا لا نأمن أن نكون ننظر إليها وهي تقضي على مشروعها الحضاري الذي هو الإسلام. إن سِجِل الضربات التي وجهتها الإنقاذ إلى مشروعها الحضاري لا تخفى على أحد. لقد كانت المادة 19 من المبادئ الموجهة من دستور 98 ضربة موجعة إلى المشروع الحضاري وكذلك كانت المادة 37 من نفس الدستور، وهي متعلقة بشروط رئيس الجمهورية. لقد كان مفهوم المواطنة وما يترتب عليه من إخلال بشروط الولاية والوظيفة العامة طعنة نجلاء وجهت إلى خاصرة المشروع الحضاري. وجاءت حكاية نقد وإخراجه من تحت الأرض وتشجيعه لتسجيل حزب شيوعي في ظل دولة المشروع الحضاري!!.. وربما تمويله لذلك الغرض.. كل ذلك كان من أشدِّ ما يمكن أن يوجه إلى المشروع الحضاري!!. ثم جاءت نيفاشا وكانت نصلاً غائراً ليس فقط في قلب المشروع الحضاري!! بل في قلب حراس المشروع الحضاري!! ولأول مرة أصبحت ترى «إخوان مسلمين» يدافعون عن العلمانية!!. ثم جعلت الإنقاذ من نصرانيٍّ نائباً أولاً لرئيس الجمهورية.. وأياً كانت التحوُّطات التي اتخذت لحجبه عن الرئاسة.. إلا أنه أصبح على مرمى حجر منها.. ولا أحسبه من الذكاء أن نصف الآخرين بالغباء وندعي أننا نحن الأذكياء.. فذلك غباء منّا مطبق ومهلك وقد أوردنا المهالك. كل هذه الانحناءات والاستكانات والانبطاحات جرّأت علينا الفسقة والعلمانيين وأصحاب الأهواء والأطماع وأعداء الملة.. فهُنّا.. وهان المشروع الحضاري!. لذلك لا نجد أنه من الغريب أن تُصعِّد الحركة الشعبية المتمردة من سقف مطالبها وأن تُبالغ في ادِّعاءاتها، فقد طامنت الإنقاذ من قامة الإسلام حتى أصبح أقزام السياسة يتطاولون عليه. ولمَ لا يفعلون وألْسنة القيادات من الحركة الإسلامية تلهج بالثناء على الديمقراطية، وكأن الديمقراطية أنزلت على محمد صلى الله عليه وسلّم في القرآن أو أنها من الحنيفية ملة إبراهيم. أو أن الله قد أوصى بها عيسى وموسى والنبيين، ولو كان فيها خير لفعل ولو لم يفعل لما كان الدين، مع أنه جلّ وعلا يقول »اليومَ أكملتُ لكم دينكم« وأخشى أن تكون المناداة بالديمقراطية والثناء عليها ضرباً من ضروب الشرك.. فقد روى مسلم عن أبي هريرة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: »أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه«. والشرك نوعان: جليٌّ وخفيٌّ، أما الجليُّ فإن تدعُ لغير الله وأن تنذر لغير الله. أما الشرك الخفي فهو الرياء وأن لا يكون العمل خالصاً لوجه الله سبحانه وتعالى. فهؤلاء يحكِّمون الديمقراطية فيما شجر بينهم من اختلافات في السياسة وفي الاقتصاد وفي الاجتماع لأنهم يجدون حرجاً في أنفسهم من التسليم الكامل لله سبحانه وتعالى. «فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا». وقد يأتي بعدي من هو أكثر تشدداً فيقول إن المناداة بالديمقراطية من الشرك الأكبر الظاهر الجلي. لأجل كل ذلك سلّط الله علينا السفهاء والسفلة من خلقه فأخذوا يتضاحكون بنا ويطلقون علينا ألقاب السخرية والاستهزاء.. فيسموننا »الإسلامويون« عوضاً عن الإسلاميين.. وما دلّ علينا وعلى عوراتنا إلا ما جنته أيدينا. وإن أعظم من الذنب الإصرار على الذنب والإنقاذ اليوم ما بين الذنب.. والإصرار على الذنب ومن أقبح أوجه الإصرار على الذنب أن تظن في نفسك أنك في مأمن.. اغتراراً منك بما تعمل. ونودُّ في ختام هذه الكلمات أن نتوجه بسؤال إلى إدريس محمد عبد القادر: متى اكتشفت أن حكومة الجنوب غير جادة في المفاوضات؟ يوم بكيت أم يوم قلت إنك تخشى علينا من غضب الجبّار إن نحن نكصنا في المفاوضات؟ لا تنسى أن تعمل بمقتضى هذا الاكتشاف الخطير. ونودُّ أن نسأل وزير الدفاع: لقد علمتم أن دولة الجنوب عدوانية وأن الذي فعلته مقدِّمة لمؤامرة كبرى.. فماذا فعلتم لمواجهة هذه المؤامرة الكبرى؟!.