كلما مرت علينا ذكريات الإسراء والمعراج تذكرنا الأقصى الأسير والقدسالمحتلة والمؤامرات على القدس. لقد أسري بالحبيب محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام من مكة حاضرة الهداية إلى المسجد الأقصى إلى بيت المقدس ثغر الرباط ليعلم المؤمنون أن صلة المسجد الأقصى بالمسجد الحرام أعظم بيوت الله في الأرض صلة وثيقة والرابط بينهما واضح. المسجد الحرام أول بيت وضع للناس والمسجد الأقصى ثاني بيت وُضع للناس. وبين بناء الأول والثاني مساحة زمنية قصيرة هي أربعون سنة ثم إن المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين حيث يجب شد الرحال إليه للصلاة في محرابه كما تشد الرحال الى المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف وذاك في زمن السلم وتكون مدينة القدس محررة وتحت سيطرة المسلمين لا المحتلين الغاصبين. في هذه الأيام تتعرض مدينة القدس إلى أخطار جسام وإلى تحديات وتداعيات في ظل مخططات التهويد المتواصلة حيث تتصاعد الضغوط اليهودية لإقرار مبدأ يهودية الكيان الصهيوني واعتبار القدس عاصمة أبدية للشعب اليهودي. حيث يعتبر اليهود أن القدس هي الهدف الأسمى والأهم بالنسبة لهم اتساقًا مع تصريحات مؤسس الصهيونية «تيودر هيرتزل» التي أطلقها في مدينة بال السويسرية عام 1897 م حيث قال «إذا ما حصلنا على القدس يومًا وكنت لا أزال حيًا فإن أول ما سأفعله هوتنظيفها من كل ما هو ليس مقدسًا عند اليهود وسأحرق الآثار التي مرت عليها قرون» إذن الأمر عند هؤلاء الصهاينة أمر ديني عقدي فلا بد من وحي عقيدتهم تهويد القدس ثم إن هناك أمرًا آخر هو في أصله سياسي يرتكز على العقدي الديني وهو إخراج أهل القدس من العرب والمسلمين وحتى المسيحيين من المدينة ومن كل فلسطين لكي تكون خالصة لليهود وهذا هو أحط أنواع التطهير العرقي. محاولات التهويد وصلت إلى حد سرقة كل التراث العربي والإسلامي في القدس وتحويله إلى تراث يهودي وتتعرض «اليونسكو» الواقعة أصلاً تحت النفوذ اليهودي إلى ضغوط رهيبة لكي تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل ولانتزاع هذا الاعتراف تمارس العصابات الصهيونية كل أساليب التزوير والتضليل ومن بين هذه الأساليب نحت شعارات يهودية على أسوار المدينة المقدسة ووضع آثارهم المزوَّرة في الأنفاق والحفريات أسفل المسجد الأقصى وكذلك التوسع في بناء المعابد اليهودية بتصميمات هندسية في محاولة منهم لإخفاء قبة الصخرة من المنظر المقدسي ومحو الصبغة الإسلامية العربية للمدينة المقدسة فضلاً عن الحفريات المستمرة للعثور على أثر واحد يتعلق باليهود ولا يجدونه ومع هذا الإخفاق فإن اليهود يسعون سعيًا حثيثًا لتغيير المسميات العربية والإسلامية في المدينة واستبدالها بمسميات صهيونية ابتغاء تدمير الذاكرة العربية الإسلامية. كل هذه المحاولات تخالف ما جاء في توراتهم التي تؤكد عروبة المدينة المقدسة فالتوراة تقول «الفتى يقول للشيخ دعنا نميل إلى هذه المدينة نبيت فيها ليلتنا» والشيخ يرد على الفتى: «هذه مدينة اليبوسيين لا يوجد فيها يهودي واحد» أخشى ما نخشاه أن يستيقظ العرب والمسلمون يومًا على دوي انهيار المسجد الأقصى الذي هو عرضة للانهيار بفعل أي تقلبات مناخية أو اهتزازات طبيعية أومفتعلة أوحتى صوت عال تسببه طائرة تخترق حاجز الصوت. شياطين الإنس من اليهود والمتهودين لا يمنعهم من ارتكاب هذه الجرائم دون وازع من ضمير ولا رادع إن نام المسلمون ولم ينتفضوا. نصرة الأقصى والمرابطين فيه فرض عين على المسلمين جميعًا في مشارق الأرض ومغاربها.. يقول شيخ الأزهر الأسبق جاد الحق علي جاد الحق رحمه الله: «إن العمل من أجل حماية القدس ومسجدها الأقصى وكل آثارها الإسلامية وأهلها فريضة قطعية على كل الشعوب والدول الإسلامية». ويقول الشيخ العلامة يوسف القرضاوي أمد الله في عمره : إذا كان كل يهودي يعتبر نفسه مجندًا لإسرائيل بكل ما يقدر عليه فإن كل مسلم في أنحاء الأرض مجند لتحرير الأقصى ومساعدة أهله بكل ما يمكنه من نفس ومال وعد ذاك فريضة الفرائض وأول الواجبات على الأمة المسلمة في المشرق والمغرب. كما أن الشهيد حسن البنا رحمه الله نبه على ضرورة الاهتمام بفلسطين فقال: «من قعد عن فلسطين فقد قعد عن الله ورسوله ومن أعانها وبذل لها وأمدها فقد انتصر لله ورسوله» وقال أيضًا «إن القول مالي ولفلسطين في هذه الظروف معناه مالي وللإسلام. ليست قضية فلسطينية قضية وطن جغرافي بعينه وإنما هي قضية الإسلام الذي تدينون به». الخطر الذي يتهدد الأقصى والقدس خاصة وفلسطين عامة يتطلب تحركًا عاجلاً ومستمرًا من كل المسلمين في الأرض أفرادًا وجماعات شعوبًا وحكومات. للنصرة طرق عدة منها: النصرة بالقلب بأن نقدم حب الأقصى على حب الأنفس والأولاد والأموال والسكن والتجارة.. اليهودي التعيس الضال يترنم «شلت يميني إن نسيتك يا اورشليم» فكيف بالمسلم صاحب الحق أن لا يذكر الأقصى في كل حين. ومن طرق نصرة الأقصى نشر قضية الأقصى بين الناس عن طريق المهرجانات والمؤتمرات والمطبوعات وإحياء المناسبات المختلفة المتعلقة بالمسجد وجمع الأموال اللازمة لإعماره وعمارته ودعم المرابطين الذين يحمون المقدسات بأجسادهم ماديًا ومعنويًا ودعم المؤسسات المقدسية الاقتصادية منها والتعليمية والاجتماعية وتعزيز الوضع الاقتصادي للعاملين في المسجد الأقصى. كذلك يجب على كل مسلم المقاطعة الاقتصادية لكل المنتجات اليهودية والأمريكية والبريطانية بجميع أنواعها وأشكالها. ووفاءً لمسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصرة للأقصى الذي ينادينا «على النجدة هيا يا مسلمين» فقد رأت جمعية أنصار الخيرية أن تحيي أهم مناسبة تتعلق بالمسجد الأقصى ألا وهي ذكرى الإسراء والمعراج وذلك بإقامة مهرجانات خطابية وإنشادية في المدن الثلاث الخرطوم وأم درمان وبحري وليلة خاصة في قاعة الصداقة يقيمها اتحاد الطلاب. وبما أن الإنفاق المالي لنصرة الأقصى وفلسطين هو فريضة الفرائض وأولى الواجبات وهو مقدم على أي إنفاق آخر حيث اشترى الله سبحانه وتعالى الأنفس والأموال لنصرة دينه ومقدساته فإننا نهيب بالجميع المسارعة لهذه الاحتفالات حفظًا للمقدسات الإسلامية والمسيحية من عبث اليهود أعداء كل الأديان والأنبياء.