زيادة تعرفة المواصلات بنسبة تتراوح بين «25 30%» تعني الكثير بالنسبة للمواطن.. إذ أن عاملاً جديداً في (تخريب) موازنة الأسرة قد أطل ليعني أن المنصرفات الشهرية للأسرة قد أضيف إليها عبئًا جديدًا.. ما الحل إذن؟ هل يكون الحل على حساب الوجبات التي يتناولها أفراد الأسرة؟ هل يكون على حساب تعليمهم بمعنى التضحية بواحد أو أكثر من الأبناء وحرمانهم من التعليم بسبب ضيق ذات اليد والطلب إليهم أن يبحثوا عن عمل؟ هل يكون بالاستدانة من المعارف في ظل ظروف لا أمل فيها للحصول على ما يمكن أن تسد به دينك؟ كل هذه الحلول جربتها الأسر قبل ذلك وطبقتها في مستوياتها القصوى ولم يبقَ منها شيء.. وتأتي زيادة أسعار المحروقات لتدفع بأسعار السلع الأخرى كلها إلى مستوى من الخطورة لن يبقى معه شيء سوى (البكاء!!).. هنالك فئات قليلة في المجتمع قد لا تتأثر بهذه الزيادات تأثراً كبيراً؛ لأن دخولها أصلاً عالية ولها فوائض مالية وهي تمارس الادخار ويبقى تأثرها في حدود أن تقل معدلات ادخارها بنسبة قليلة.. غير أن موظفي الدولة والعمال وذوو الدخل المحدود وأصحاب (رزق اليوم باليوم) وهم أغلبية الشعب فإن ما هو قادم سيؤثر عليهم تأثيراً فعلياً وسيصبحون في (المركب الصعب).. ويبقى السؤال: متى ستزول هذه الأزمة الخانقة ويأتي الانفراج؟ وكيف ومتى وبأي الوسائل؟ وإذا كانت الدولة تمتلك برنامجاً إسعافياً ثلاثياً للخروج من عنق الزجاجة (2012م 2014م) بمفرداته المعروفة.. فهل يا ترى تجري عملية المتابعة الدقيقة لتنفيذ البرنامج المعنى ليكون هو الحل تمهيداً للانطلاقة أم سيكون هنالك تراخٍ وتباطؤ بما يؤدي إلى خيبة أمل الشعب واضمحلال طموحاته في الحل القريب؟ وهل ستكون زيادة تعرفة المواصلات ورفع الدعم عن المحروقات هي آخر الزيادات في الأسعار أم ستتبعها زيادات أخرى هنا وهناك تقود للمزيد من التأزم؟ إن المرحلة الحالية هي مرحلة الاستدانة من الجهاز المصرفي و(طبع النقود) لسد العجز في المنصرفات الحكومية وليست مرحلة اللجوء إلى جيب المواطنين.. وكل ما يقال عن إن (طبع النقود) بمعدلات أكبر سيقود إلى التضخم نقول له أن يأتيك التضخم بصورة غير مباشرة وبمعدلات طفيفة أفضل من أن تصنعه أنت بشكلٍ مباشر بزيادة أسعار السلع.. فالتضخم يعني شيئاً واحداً: زيادة الأسعار.. فإذا كنا سنزيد الأسعار بصورة مباشرة وبقرار أي نفعل التضخم بشكل مباشر فلماذا نخشى مما نفعله بأيدينا جهاراً نهاراً بينما بالصيغة الأخرى (طبع النقود، أي الاستدانة من الجهاز المصرفي) يصبح احتمالاً قد يأتي في شكل (حمى طفيفة) وقد لا يأتي؟ ليت هنالك من يسمع (النصيحة) ويعمل بها في ظروف معقدة وصعبة تمر بها البلاد؟.