بالطبع لم تكن بشارة.. ولكنها إنذارًا.. فالبشارة دائماً تكون سارة.. وعكسها الإنذار.. وهو (الخبر الصاعقة) الذي يرجو الشعب السوداني دائماً (ألا يكون خبراً صادقاً) أو أن يأتي ما يصرف المسؤولين عنه.. فقلوب المواطنين تدعو: (اللهم اصرفهم عن زيادة أسعار المحروقات).. فالفكرة من أساسها خاطئة ومبنية على (السطحية في التفكير) والبحث عن الحلول السهلة لتغطية عجز المصروفات الحكومية حتى ولو كان ذلك يعني (خراب معيشة الشعب كله وقلب موازين لقمة عيشه رأساً على عقب) وتأليب الشعب على الحكومة... هذا الحل للعجز في ميزانية الدولة حل أعرج وغريب.. إن كل الحلول الأخرى بما في ذلك (الاستدانة من الجهاز المصرفي بأكثر من الحد الأقصى المحدد في الميزانية) أو التوسع في الصكوك والاستدانة من الشعب أو القروض الخارجية.. أو خلافه.. كلها أفضل ألف مرة وأبرك من اللجوء لزيادة أسعار المحروقات الذي يعني زيادة تعرفة المواصلات وتعرفة نقل الاحتياجات الأساسية للشعب وزيادة تكلفة الإنتاج الأمر الذي يتضرَّر منه كل الشعب؛ لأنه سيرفع أسعار جميع السلع المنقولة وغير المنقولة بصورة تلقائية وبمعدلات أكبر مما هو عليه الآن.. فالمسؤولون يؤكدون أنهم يبحثون عن حلول لتخفيض الأسعار، فكيف يستقيم أن يفكروا في زيادة أسعار المحروقات؟.. أما القول إن دعم المحروقات لا يستفيد منه سوى الأغنياء فهو قول بجانبه الصواب.. فالأغنياء في هذا البلد قلة قليلة قد لا يصلون إلى «4%» من الشعب ولكن الطبقة الوسطى والفقراء هم الأغلبية، ورفع أسعار المحروقات سيرفع تكلفة المواصلات العامة على «99%» من جماهير الشعب الذين لا يمتلكون سيارات خاصة.. يسهم في ارتفاع أسعار السلع الأساسية لكل الشعب الأمر الذي سيتضرر منه كل الشعب السوداني (ما عدا 4% أو أقل دخولهم عالية للغاية وأرزاقهم متدفقة بلا حدود).. «اللهم ارهم الحق حقاً وارزقهم اتباعه.. وارهم الباطل باطلاً وارزقهم اجتنابه، فيبتعدون عن رفع الدعم عن المحروقات، ويبحثون عن الحلول الأخرى».. فالخيارات كلها مهما كانت أهون وأسهل على الشعب من رفع الدعم عن المحروقات، بما في ذلك بيع أراضي حكومية في المزاد العلني، فالسودان وااااسع.. وأرضه ثروة لا تنضب ولا ضرر من بيعها لسودانيين.. أو كل ما يمكن التصرف فيه.. (وحبّة من دي.. وحبّة من دي.. واستدانة من الجهاز المصرفي وصكوك.. وتخفيض منصرفات.. وخصم راتب يوم.. ومن «هِنا وهِنا».. تعالج المشكلة).