لقد تعودنا على إطلاق الوعود والقرارات والشعارات، ولكنها جميعها لا تجد طريقها للتنفيذ، مما جعل الأمور تسير في غير اتجاهها الصحيح، وشجع ذلك من بيدهم قوت هذا الشعب ليرفعوا الأسعار دون خشية من رقيب أو حسيب. وفي أيام هذا العيد السعيد ارتفعت الأسعار بشكل جنوني لم يحدث من قبل، حيث بلغ سعر بعض السلع بل والكثير منها أضعافاً مضاعفة، خاصة في ما يتعلق بمستلزمات العيد وعلى رأسها ملابس الأطفال، وكلنا يعلم إمكانيات الأسر وضرورة تلبية احتياجات أطفالها، إذ أن فرحة العيد لا تكتمل إلا بفرحة هؤلاء الأطفال فلذات الأكباد. ونعود إلى الوراء قليلاً لنؤكد أن ما سقناه في مقدمة هذا العمود من أن القرارات والوعود لا تجد طريقها للتنفيذ حقيقة وليس تجنياً من جانبنا. فعندما بدأت أسعار اللحوم الحمراء ترتفع بشكل غير معهود أعلنت إحدى الجهات أنها ستقود حملة لمقاطعة شراء اللحوم، ولكن الفكرة ماتت لحظة إعلانها، وإن كانت قد نفذت كان يمكن أن تأتي بنتائج مثلما يحدث في الدول الأوربية حينما يرتفع سعر سلعة ما، فإن جمعية حماية المستهلك في الدولة المعنية تطلب من السكان مقاطعة شراء تلك السلعة فسرعان ما تعود لسعرها الحقيقي. أما بالنسبة للحوم الحمراء فإن الجهة المعنية أعلنت أن التصدير لم يكن السبب في الارتفاع الفلكي لأسعارها، حيث أن كميات المواشي المصدرة هذا العام أقل من الأعوام السابقة، وأن سبب الارتفاع يعود إلى السماسرة. وكم تساءلنا ماذا فعلت حكومتنا السنية لمعالجة مشكلة السماسرة، ووضع الأمور في نصابها بإبعاد هذه الفئة الطفيلية التي استمرأت أن تنتفخ جيوبها على حساب هذا الشعب، خاصة في ما يتعلق بقوته اليومي. إن هذه الفئة لم تترك مجالاً إلا ورفعت أسعاره، فاغتنت من ذلك وأذت الآخرين، حيث نجد ذلك في العقارات والاراضي والعربات وخلافها من المجالات التي تدخلها بلا مؤهلات ولا رأس مال، ونتساءل كذلك لماذا لا تراقب الجهات المعنية ممارسات هذه الفئة ووضع حد لعبثها بمقدرات هذا الشعب. ونأتي إلى ما صرح به والي الخرطوم السابق من أنه سيجعل الفراخ وجبة الفقراء، ورغم تقديرنا للجبهات التي يحارب فيها، إلا أننا لا نعفيه من أن يوضح لنا الأسباب التي جعلت هذا المشروع لا يرى النور في الوقت الذي كاد يتضاعف فيه سعر كيلو الفراخ وأصبح غير ميسور حتى للمقتدرين. وفي رمضان هذا الشهر الفضيل، ارتفعت أسعار السكر بصورة مخيفة، رغم إعلان الجهات الحكومية توفرها، وهي تعلم أن الاحتكار والتلاعب بالأسعار واستغلال حاجة الصائمين لهذه السلعة التي لا بد منها، هي التي جعلت أصحاب الذمم الخربة يعملون على إخفائها ورفع أسعارها، دون وازع من ضمير ودون مراعاة لحرمة هذا الشهر الفضيل.. فماذا فعلت الجهات الحكومية المعنية؟! هامش: أخيراً أقول رفقاً بهذا الشعب الصابر فقد أصبحت معيشته لا تطاق..