وجدت الإصلاحات الاقتصادية التي أعلنتها الحكومة خلال الأيام الماضية اهتماماً واسعاً من مختلف القطاعات المجتمعية وبالأخص السياسيين والاقتصاديين، فهناك من صوب نقداً حادًا للإجراءات الإسعافية وبالأخص الاتجاه لرفع الدعم عن المحروقات غير أن ذات الاقتصاديين والسياسيين اتفقوا مع الحكومة على خطوتها في طرح برنامج اقتصادي متكامل وإعادة النظر في هيكلة الدولة وقد سمى السياسي المعروف مكي بلايل زعيم حزب العدالة في حديث ل«الإنتباهة» «المخرج الآمن» لرؤيته المتكاملة التي طرحها حسب قوله في ديسمبر الماضي على الحكومة كمشروع اقتصادي وسياسي متكامل يصلح لسودان ما بعد انفصال الجنوب، وقال بلايل إن ما تمر به البلاد حالياً هو انعكاس لآثار انفصال الجنوب وتداعياته التي حذّر منها مرارًا من قبل ودعا لتلافي آثارها في وقتها لكن الحكومة قابلت أطروحاتهم بالرفض ونفت وجود اي آثار سالبة على الاقتصاد من انفصال الجنوب، وعاد بلايل ليقول إن يأتوا للحق ولو متأخرين فهذا أمر إيجابي وأعلن قبولهم لبرنامج الإصلاحات الاقتصادية لمقابلة المرحلة الراهنة باعتباره مخرجاً لا بد منه ورفض بشدة في ذات الوقت رفع الدعم عن المحروقات، مشيرًا إلى أن لذلك آثاراً مباشرة على المواطن البسيط الذي عانى ما عانى من ويل وتداعيات البرامج الإسعافية الاقتصادية المتكررة، ونادى في ذات الوقت بالمضي قدماً في إعادة هيكلة الدولة وخفض الإنفاق الحكومي وتنفيذ سياسة تقشفية على نهج القيادة القدوة.. أما الخبير الاقتصادي حافظ عطا المنان أحد الذين عملوا جنباً إلى جنب مع رائد سياسة التحرير عبدالرحيم حمدي في وزارة المالية سابقاً فقد رأى أن عملية الإصلاح الاقتصادي مسألة مستمرة لكون طموحات الإنسان ومقابلتها تجعل من الإصلاح عملية مستمرة وذهب إلى أن الإصلاحات والتحرير اتجاه صحيح لكنه اشترط مراعاة الجانب الاجتماعي، مشيراً إلى أن ما يجعل الأشياء غير مقبولة هو ضعف الآليات الاجتماعية في وصول المستهدفين لمقابلة الآثار السالبة لرفع الدعم التدريجي عن السلع ومن ثم تحقيق العدالة وأشار إلى أن الإصلاحات الاقتصادية في رأيه تأخرت كثيرًا لكنها ستواكب الواقع إذا ما تم شرح فوائدها في المستقبل للمواطن العادي، وأوضح عطا المنان أن الحكومة رفعت الدعم عن ثلث اأعار المحروقات وأن ثلثي السعر يخضع للدعم ما يعني أن هناك تحريكاً نحو التحرير وليس تحريرًا بالكامل لأن رفع الدعم بالكامل عن البنزين على سبيل المثال يعني ان سعر جالون البنزين سيصل إلى «26 جنيهاً» وقال في ذات الوقت إن تحرير سلعة السكر هو إجراء صحيح وسليم لمواكبة السعر العالمي لكن الخطأ الأساسي في مسألة السكر هو منافذ التهريب المتعددة وعزا السبب المباشر في ذلك انفتاح الحدود بين الدول المجاورة وقال إن تحرير السعر ربما يكون عاملاً مساعدًا في مكافحة المهربين والحد من الظاهرة وبالتالي عودة السعر إلى وضعه الطبيعي الذي يوافق السعر العالمي، ودعا في نهاية المطاف إلى تهيئة الملعب بسياسية مالية وأدوات سياسات نقدية كسعر الصرف والتضخم لخلق بيئة اقتصادية مشجعة لاستقرار اقتصادي أهم ملامحه أن يكون التضخم في رقم أحادي وتكون هناك برامج للإصلاح الضريبي وغيره لأن الاقتصاد أصبح في عالم اليوم اقتصاد برامج والحاجة للمراجعة والتطور والإصلاح مستمرة.