لا وجود لمدينة أبيي ولا منطقة أبيي في التوزيع الجغرافي في الحكم الثنائي عام «1905م» ولم يُشر إلى أيٍّ منهما في ذلك الوقت ولم تذكرا في أي من مستندات التحويل في ذلك الزمان بل لم تُرسم أبيي كقرية في الخرائط إلا بعد مرور عدة سنوات من التاريخ المفتاحي المحوري، ولم يكن لها أي دور من الأدوار في مخيلة الموظفين والمسؤولين السودانيين في الحكم الثنائي في عام 1905م عندما قرروا التحويل، ولم يرد ذكرها في وصف الحاكم العام السيد ونجت للمنطقة التي حُوِّلت وأن كيفية تطويرها فيما بعد ليس لها أية علاقة بتقييم التحويل الذي تم في عام 1905م أو ما قاله موظفو ومسؤولو الحكومة الثنائية عن ذلك التحويل، كما أن شأن مصطلح منطقة أبيي لم يظهر للوجود إلا في بروتوكول أبيي، وأن الإصرار على ما لا يمكن تصديقه من تجاوزات الحركة الشعبية للحقائق التاريخية كالقول لا بد من التفكير وبجدية وكما يتوقع من الطرفين التخلي عن المطالبة بأن منطقة أبيي لا تضم مدينة أبيي وذلك حسبما ورد في مذكرة الحركة الشعبية المضادة وهذه في الواقع من الحركة الشعبية ليست إلا حجة لنصب الشراك واللف والدوران حول الموضوع، وكل هذا ناتج وبالتحديد من عدم اتفاق الطرفين على مكوِّنات منطقة أبيي إذ أنهم اتفقوا على معيار تعرف تلك المنطقة بناءً على قرار إداري صدر في عام 1905م وكل تلك الحجج الواهية من الحركة الشعبية ومن يساندونها لا علاقة لها بموقع مدينة أبيي في عام 2005م أو في أي وقت قبل ذلك وقد عُرفت منطقة أبيي لاحقاً بمنطقة مشيخات دينكا نقوك التسع والتي حُوِّلت إلى مديرية كردفان في عام 1905م وأن تعريف المنطقة المتنازَع عليها قد حُذف عن قصد بعد عام 1905م لاعتبارات سكانية وسياسية، وإضافة إلى ذلك فإن ملحق أبيي نفسه قد تصور وضعاً يمكن ألا تكون فيه مدينة أبيي جزءاً من منطقة أبيي إذ ورد في الفقرة «7» في ملحق أبيي أنه في حالة تأخر تقرير مفوضية ترسيم حدود أبيي لفترة تزيد عن السنتين فإن مدينة أبيي يمكن أن تصبح المقر لمنطقة أبيي بصورة مؤقتة شريطة أن تخضع لأي إعادة في الترتيبات أو تأكيد القرار النهائي لخبراء المفوضية، وهنا كذلك نجد أن كلمات المعيار والغرض والهدف من ورائها لا تثبت أيضاً حجج الحركة الشعبية المغرضة وجدالها بأن تعريف منطقة أبيي كمنطقة تقع جنوب بحر العرب وأنه سيتعارض مع المبادئ الأساسية لحق تقرير المصير بالنسبة لشعب دينكا نقوك والذي حصلوا عليه بموجب استفتاء أبيي وكذلك لم يتضمن المعيار أية إشارة لأي مواضيع لها علاقة بذلك الاستفتاء أو مفهوم تقرير المصير فهي معيار محايد اتفق عليه الطرفان بناءً على حقيقة وهي تخالف ادعاءات وحجج الحركة الشعبية المتعلقة بتقرير المصير المبني على الوضع السكاني اليوم لدينكا نقوك وأماكن وجودهم اليوم إذ أن هذه المسائل لا علاقة لها بالاعتبارات التي قادت إلى قرار الحكومة في عام 1905م بتحويل مراكز دينكا نقوك إلى كردفان أو الكيفية التي عرفت بها المنطقة المحوّلة في ذلك الوقت، ومن الأشياء البدهية جداً أن تحويل عام 1905م لا علاقة له بمواضيع تقرير المصير، وهنا تجادل الحركة كاذبة بأن نفس الموضوع الذي أدى إلى عدم اتفاق الطرفين في بروتوكول أبيي هو حدود المنطقة المتنازَع عليها، ويجب أن يكون له تأثير على كل العوامل الأخرى والتي لم تذكر في نصوص البروتوكول ذات الصلة ولا علاقة لها بالطريقة التي حل بها موضوع تعريف منطقة أبيي التي اتفقا على تحديدها، وإذا كان هدف الطرفين هو تضمين كل دينكا نقوك دون اعتبار لمكان وجودهم في منطقة أبيي وبالتالي تناول المسائل ذات الصلة بذلك الاستفتاء فإن الطرفين كان عليهما أن يتطرقا لمثل هذه المواضيع ويحددا المعيار وفقاً لذلك ولكنهما لم يعملا شيئاً في ذلك، وهنا المتفق عليه في التحليل النهائي يتمثل في تحديد وترسيم منطقة معينة حُوِّلت إدارياً في عام 1905م من مديرية إلى أخرى، وهذا التاريخ أساس وهام وأن قرار حل النزاع في شأن منطقة أبيي لا بد أن يؤسس عليه مع استرجاع الأحداث التي حصلت فيه والتي لها صلة بالمنطقة، وهنا لا بد من مناقشة إصرار الحركة الشعبية وتأكيدها على ذلك في مذكرة ردها على الزعم بأنها تملك الأدلة لإثبات حجتها الواهية.