تأخذنا الحيرة في حزب الأمة ونقف مندهشين من حالة التردُّد وعدم الثبات وفعل الشيء ونقيضه في ذات الوقت وإعلان الأمر وضده.. ولا أجد غير أن أكرِّر وللمرة الثالثة على القارئ الكريم الطرفة «المعادة» التي تقول إنه كان هناك أربعة فتيات عوانس و«بايركس» بلغن من الكبر عتياً وانتظرن طويلاً دون زواج.. وبعد طول الانتظار علمت العانسات أن هناك «فكي» في إحدى القرى وأنه «فكي كارب» وأنه «يدوِّب الموية» وأن «بركتو حاضرة» وأن «كهربتو تش» وأن «لمبتو مولِّعة» و«بخورو قاجّي». وذهبت البنات إلى الفكي الذي أجرى لهن التعاويذ والقراءات وأمرهن بالذهاب فجر الغد إلى الشجرة الكبيرة بجوار الحلة وهناك سيجدن أربعة صبيان واقفين في انتظار أن تختار كل واحدة عريساً لنفسها من بينهم.. وقامت الأربعة بنات منذ النبَّاه الأول في اتجاه الشجرة ووجدن الشبان الأربعة في الانتظار مثلما قال الشيخ.. وكان من الطبيعي أن تختار كل واحدة عريساً واحد ولكن يبدو أن واحدة منهن كانت «طماعة» جداً وكانت عينها «طايرة» فأخذت تجري أمام أخواتها وسبقتهن نحو الصبيان وقفزت على كتف الأول ثم مسكت الثاني بيدها اليمنى ومسكت الثالث بيدها اليسرى مدعية أنهم جميعاً صاروا من حقها.. ثم لم تجد غير أن «تتف» باللعاب على الرابع قائلة: «حدقوني بي داك» وبهذا تكون قد «استولت» على كل «المتاح» من العرسان وتركت زميلاتها في الكفاح والمعاناة «قاعدات ساكت». المحيِّر في موقف حزب الأمة وزعامته أنه جعلنا نتلفت «زي المروحة» مع المواقف والقرارات التي يقفها أو يعلنها حتى عاد من الصعب على المراقب أن يحدِّد إن كان حزب الأمة مع الحكومة أو ضدها أو مع المعارضة أم ضدها.. وهل حزب الأمة يقول لا أم يقول نعم وهل رافض أم موافق.. هل واقف أم قاعد هل هو «أبيض أم أ سود» ودائماً ما تختلط أفعاله وأقواله بالألوان الرمادية.. وحزب الأمة له في كل موقف «مبادرة» وفي كل مبادرة له عدة آراء وفي كل رأي له اتجاهين متناقضين وحزب الأمة مع الشيوعيين وضدهم ومع المؤتمر الشعبي وضده ومع المؤتمر الوطني وضده ومع الحركة الشعبية وضدها وينادي بإسقاط الإنقاذ لكنه لا يؤيد إسقاط الحكومة.. ويقف مع حركة العدل والمساواة ويأمل أن تغزو الخرطوم وتسقط النظام ثم يقول إنه ضدها.. وحزب الأمة وزعيمه يؤيد قرارات المحكمة الدولية ويدعو الحكومة للاستجابة إلى المطالب الدولية وهو في نفس الوقت يقول بعدم تنفيذ مقررات المحكمة الجنائية وحزب الأمة يقف مع تجمع جوبا وينادي في نفس الوقت بعدم الانجرار نحو أهدافه غير الوطنية.. وزعامة حزب الأمة تنادي بضرورة وحدة أهداف الجبهة الثورية لإسقاط النظام وفي نفس الوقت تدعو إلى مقاومة الأهداف غير الوطنية للجبهة الثورية.. وحزب الأمة كان من الممولين والمساعدين والمشجعين للحركة الشعبية لتحرير السودان الجنوبية التي تعمل على تدمير السودان وهو في نفس الوقت يقول إنه ضدها وحزب الأمة يرغب في عمل إصلاحات اقتصادية وإدخال تعديلات جوهرية على الاقتصاد وهو في نفس الوقت ضد التعديلات الأخيرة.. وحزب الأمة ينادي بالخروج للشارع والمظاهرات لإسقاط النظام وهو في نفس الوقت مشارك فيه و«ماسك» بيديه ورجليه.. وبهذه المناسبة لا نحتاج إلى الإشارة إلى أن الابن الأكبر للسيد زعيم حزب الأمة هو نفسه مساعد رئيس الجمهورية.. وغايتو حزب الأمة حيّرنا كراع في الطوف وكراع في المركب وكراع في الطاحونة وكراع في الطابونة وكراع في مدني وكراع في الخرطوم وكراع برّة وكراع جوّة وروحو فايرة وعينو طايرة..