عقب انتخابات 2010م تطاول امد تشكيل الحكومة لأكثر من أربعة أشهر، وذلك بانتظار الحوارات التي كانت تجريها الحكومة مع حزبي الأمة القومي والاتحادي الأصل، لتظفر بعد عنت ومشقة بمشاركة الأخير، الذي انقسم الى فريقين مؤيد للمشاركة وآخر رافض لها، للحد الذي اضطرت معه الشرطة لتطويق دار أبو جلابية التي تجمهرت حولها جماهير الحزب الرافضة للمشاركة، لتقف على القرارات التي سينتهي إليها اجتماع هيئة القيادة التي أوكل اليها أمر البت في المشاركة، ليستقر رأي الحزب على المشاركة، ورغم تأكيد المؤتمر الوطني أن أحزاب حكومته العريضة أبدت تفهماً لرؤية هيكلة الحكومة وإشارته إلى أن معظم التقليص سيشمل حزبه دون الأحزاب الأخرى، وفي السياق ذاته كان لقاء نائب الرئيس الحاج آدم يوسف بزعيم الحزب محمد عثمان الميرغني، إلا أن المفاجأة كانت في إعلان الاتحادي عن قراره بتقييم مشاركتهم في الحكومة، ولوح على لسان مسؤول التعبئة محمد سيد أحمد بأن كل الخيارات ستكون مفتوحة أمامهم سواء بالاستمرار أو الانسحاب، عقب الفراغ من عملية التقييم بحسب الزميلة «السوداني». والملاحظ أن مسألة التقييم هذه قد سبقتها حالة استياء مبكر من قيادات الحزب بالولايات لدى تشكيل الحكومات الولائية، فقد بادرت بالشكوى من ضآلة أنصبتها في الحكم، لاسيما في ولايات دارفور، مما يخالف اتفاقها مع المؤتمر الوطني كما قالت، ولم يقتصر الحال على الولايات فقد تواترت الأنباء في شهر مايو الماضي بأن وزير الدولة بالخارجية منصور العجب قدم استقالته لرئيس الحزب محمد عثمان الميرغني احتجاجاً على تهميشه داخل الوزارة، واعتكف في لندن زهاء الشهر، ولكن الخارجية آنذاك نفت الاستقالة، وتلت ذلك عودة الوزير العجب ونفيه استقالته، ووصف المروجين لها بالمخربين، كما ذاعت أنباء عن استقالة طاقم مكتب مساعد الرئيس جعفر الصادق الميرغني تذمراً من احتكار الوطني للسلطة وتجاهله لشركائه، ليجيء إعلان المساعد إقالته طاقم مكتبه كما أوردت «الإنتباهة» وقتها. ومن جانبه قال الوزير منصور العجب للصحيفة قبل أن يحيلها للناطق الرسمي باسم الحزب في تصريح مقتضب إن الحزب حالياً مشارك، واصفاً المشاركة بالالتزام. وبالإشارة إلى تصريحات مسؤول التعبئة سيد أحمد فقد تساءل عن الأساس الذي استند إليه في تصريحه، وعاد ليحيلني هذه المرة إلى المراقب العام للحزب بابكر عبد الرحمن، وبدوره أشار بابكر إلى أن القيادي بالحزب ووزير رئاسة مجلس الوزراء أحمد سعد عمر من القائمين على موضوع التقييم، وعن الاسباب الموضوعية للتقييم قال ل «الإنتباهة» إنه من حق الحزب أن يقيِّم تجربته في المشاركة، وهل كان لقيادات الحزب دور فعال في الحكومة «وللا هم قاعدين ساي»؟ وهل المشاركة كانت إيجابية في حق الحزب والبلاد أم لا؟ وتحدث عن قرارات رفع الدعم الأخيرة، وتساءل عما إذا كانت بإشراك الحزب أم أنها اتخذت بدون استشارته، وتساءل عن موقع الحزب من المفاوضات الجارية حالياً في أديس أبابا، وتطرق لقضية المشاركة ككل بتساؤله هل كانت الشراكة في أصلها شراكة حقيقية أم لا، وهل كان حجم المشاركة يوازي ثقل الحزب أم أنها في الأساس كانت ضعيفة؟ وأضاف بابكر أن قيادات الحزب متباينة حول المشاركة، فالبعض مؤيد لها والبعض الآخر رافض لها، فالفريقان في اجتماع التقييم كل سيطرح حجته، ولدى سؤاله عن أي خيار سيرجح الحزب عقب مدوالته، قال: لا استطيع أن أرجح أي خيار، فكل الخيارات متاحة أمام الحزب، وخطوة الحزب هذه يبدو أنها تمضي في المسار الاستباقي الذي انتقد فيه الناطق الرسمي للحزب حاتم السر في مهجره بالمملكة المتحدة في بيان معمم بالصحف، سياسات الدولة الاقتصادية المتعلقة برفع الدعم عن المحروقات، مشيراً إلى أن التفكير العام داخل حزبه يتجه للإسراع في الانسحاب من المشاركة في الحكومة التي تتبنى سياسات اقتصادية مخالفة لما تم الاتفاق حوله مع حزبه. وشدد على أن حزبه لن يكون جزءاً من حكومة تطبق سياسات اقتصادية من شأنها أن تضاعف من الغلاء. إذن في مساره لتقييم مشاركته هل يفلح التيار الرافض للمشاركة في مواجهة تيار المؤيدين الذي انتصر في إقرار المشاركة بدءاً؟ أم أن رؤيتهم ستهزم للمرة الثانية؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بإبراز الشاطئ الذي سترسو عليه سفينة الاتحاديين هذه المرة.