٭ ينزّل الله سبحانه وتعالى الرزق من السماء كما جاء في قوله تعالى «وفي السماء رزقكم وما توعدون» وقد ربط الله سبحانه وتعالى أسباب الرزق بالتقوى فقال «ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب» وهذا لا يعني أن من لا يتق الله لا يرزق ولكن تختلف هنا كيفية ونوعية الرزق، ولا شك أن من يتق الله يرزقه رزقًا حلالاً طيباً ويبارك الله له فيه و«يمحق» الله رزق الجاحد بنعمة الله والعاصي له حيث تذهب أمواله دون أن يدري من أين أتت وكيف صرفت. ٭ أسوق هذه المقدمة وفي بالي كثير من المواقف التي تصاحب بعض الأفراد هنا في الغربة حيث يستعجلون الغنى بوسائل غير شرعية مما يقود بعضهم إلى طرق يصعب الخروج منها ومتاهات يضيع معها مستقبله ومستقبل أسرته. ٭ ونحن كسودانيين نحمد الله بأن منّ علينا بنعمة اليقين والصبر وحفظ الأمانة وعدم خيانتها وثقة الناس فينا هذه الثقة اكسبتنا احترام الآخرين وحببتنا اليهم فيمكن لصاحب العمل إذا وثق فيك أن يسلمك كل ما لديه تدير أعماله وأمواله وتدير احتياجات منزله وأسرته، وكثيرون هنا استطاعوا أن يخلقوا نموذجاً سودانياً قيماً وطيباً وكانوا سبباً في نمو عمل الكفيل وهو كذلك لم يبخل عليهم فترك لهم حسن التصرف في أمواله وأن يأخذ ما يحتاج دون إذنه ولعمري أن مثل هذه الثقة تمثل عبئًا كبيرًا وثقيلاً لا يحتملها ويؤديها بحقها ومستحقها إلا إنسان كبير في أخلاقه وقيمه وتربيته إلا أن هناك من يضعف عندما تجري الأموال في يده ويعتقد أنها فرصة لن تعوض فتنغمس أياديه في الحرام يأخذ دون وعي وإدراك منه بأن هذا الطريق نهايته خطيرة دنيا وآخرة وما هي إلا أيام وليال وينكشف أمره ويخيب مسعاه ويخسر دنيته وأخرته، ويخسر مكانته المجتمعية ويخسر أسرته وأهله فيعض بنان الندم حيث لا ينفع بعد ذلك الندم.