الكلمات القاسية التي قالها أمين العلاقات الخارجية بالوطني البروفيسور إبراهيم غندور في حق المعارضة وكان لحظتها هادئًا بأن «القوي السياسية المعارضة تريد السلطة فقط» جاءت في سياق استخدام الطرفين لكروتهما ومحاولة كسب أيٍّ منهما الحكومة والمعارضة للمواطن في أعقاب الإجراءات الاقتصادية التي أقرتها الحكومة و«زنقت» المواطن ما دفع البعض للاحتجاج في وقت بث فيه مساعد رئيس الجمهورية د. نافع علي نافع تطمينات بشأن تعافي الاقتصاد في فترة لا تتجاوز العام أو نصفه، ولكن حتى ذلك التاريخ الذي أكدت من خلاله الحكومة قدرتها على تجاوز الأزمة الراهنة يبقى السوال ما هي كروت المعارضة في مواجهة الحكومة؟ الناظر لصفوف المعارضة يلحظ وبشكل بائن عدم اتفاق داخل صفوفها ففي خواتيم الأسبوع الماضي عصفت خلافات حادة باجتماع أحزاب المعارضة حيث فشلت في التوقيع على ميثاق البديل الديمقراطي الأمر الذي دفع المؤتمر الوطني إلى رد المسألة إلى اختلاف المرجعية السياسية والفكرية بينها، وقال الأمين السياسي للوطني حسبو محمد عبد الرحمن: عندما يتحدثون عن الخيار الديمقراطي يتحدثون عن حكومة منتخبة ولديها مشروعية من الشعب السوداني وشراكة مع عدد من الأحزاب، معتبرًا طرح المعارضة غير موضوعي وأنها لم تأتِ بحل للمشكلة الاقتصادية، معتبرًا أن المعارضة تحمل عوامل فنائها بداخلها، في وقت أكد فيه أن أي عمل منظم من بعض القوى المعارضة لتحريك الشارع سيكون مكشوفًا للمواطنين.. الأمر الأكثر إرباكًا لصف المعارضة هو مسألة التعويل على الشارع بشكل عام وليس قواعد أحزابها، والملاحظ وجود مساحة شاسعة بين المواطن وأحزاب المعارضة في ظل حالة عدم التجانس في صفوف الأخيرة، وكان في وقت سابق سخر المؤتمر الوطني من الوجود الذي وصفه بالشاذ لفاروق أبوعيسى في صفوف المعارضة ممثلاً لنفسه فقط. قد يقول قائل إن الأوضاع الاقتصادية الطاحنة تجبر المواطن العادي الذي لا يصطبغ بأي لون سياسي للاحتجاج الذي أكدت الحكومة عدم رفضها له شريطة عدم إحداث تخريب لكن يبقى الرهان في كيفية استثمار أمثال هؤلاء سواء من جانب المعارضة أو الحكومة نفسها.. كما أن الوطني على لسان غندور في صالون الراحل سيد أحمد خليفة أشار إلى أنه عرض على المعارضة المشاركة في السلطة لكنها رفضتها ما يعني أنها لا تملك الحق الآن في محاسبة الحكومة. المعارضة تنظر إلى أن الفرصة أتتها على طبق من ذهب لمحاولة تحريك الشارع ضد الحكومة، وبينما عدم توافر الثقة لدى المواطن تجاه المعارضة فإن واحدة من وسائلها لمحاصرة الحكومة تمثلت في تحريك الطلاب وهي الخطوة التي واجهتها مصاعب جمّة تمثلت في تحرك الاتحادات الطلابية مثل اتحاد طلاب ولاية الخرطوم في محاولة منه لامتصاص آثار الأزمة من خلال تصميم خطة إسعافية وسريعة لطلاب الولاية تمثلت في توفير بصات خاصة بالطلاب تبلغ «260» بصًا وصل منها «80».. والطريف هنا أن والي الخرطوم لدى تدشينه البصات أمس الأول قال «إن البصات متاحة لجميع الطلاب الذين قذفوا البصات بالحجارة والذين اجتهدوا مع الولاية في توفيرها» فضلاً عن تخصيص «32» كافتيريا تقدم وجبات بأسعار مخفضة ومجانًا للطلاب المعسرين في «10» جامعات و«9» كليات جامعية.. ومن ثم إلى حد ما حاولت الحكومة قطع الطريق أمام المعارضة والحيلولة دون احتوائها للطلاب، يبقى من كروت المعارضة الشبكة العنكبوتية التي تم تفعيلها بواسطة معارضين خارج البلاد، حسبما قال مسؤولون بالحكومة، لكن يبقى أخطر الأسلحة التي تحاول المعارضة استخدامها هو سلاح الشائعات رغم أنه لم يؤت أكله هو أيضًا حتى الآن.