عندما خرجت من مجلس كبيرنا ... الذي لم يتعطف علينا فيعلمنا السحر، كنت أحمل في رأسي حكمة تفوه بها كبيرنا في كلمات بسيطة باللغتين العربية والإنجليزية إلا أن تأثيرها كان عميقًا ... قال كبيرنا: «أي شخص مش انت فهو منافس لك» .. وترجمها إلى الإنجليزية: HE WHO IS NOT YOU , IS YOUR RIVAL فتصور طيلة هذا الزمن انا لا ادري ان أي شخص هو مش انا .. منافس لي وما اكثر عدد المنافسين لي المزاحمين لي والمدافرين لي في جميع المجالات بل عدد المنافسين لي في هذا الهواء ترى كم انف تستنشق الاكسجين من تحت انفي ورغم انفي وانا اقف متفرجًا؟.. كم عربة تسرق الطريق يمينًا وشمالاً ... بركشاتها وما يطلقون عليها أمجاد أو كما قال أحد الإخوة من الجنوب «عربية شفقانة» وجحافل المتسولين وهم يهجمون عليك ويسرقون افكارك بترصد واصرار لا تفله جملة «الله يدينا ويديك» وعندما يرد عليك من تحت نظرات حاقدة وهو يدير نظره حول سيارتك: - يديك أكتر من دا.. يسوي ليك شنو؟ ابتداء من هذا اليوم فان أي شخص مش انا هو منافس عنيد لي. بالقرب من منزلي كانت هناك حركة تركيب صيوان ضخم والصيوان في العادة يعني شيئين لا ثالث لهما فإما موت او حياة زوجية قادمة ولله تدابير في شؤون خلقه... ذات الصيوان وذات الكراسي و بل اسم ذلك الشخص المشهور قد يكون اليوم منصوبًا كخيمة عزاء وغدًا كخيمة افراح كل الفرق ان صيوان العزاء تقدم فيه ثلاث وجبات على صينية بينما صيوان الفرح تقدم فيه وجبة واحدة وهي كوكتيل العشاء على صحن ورقي. اقتربت من الشبان الذين وقفوا يسندون الهيكل الحديدي للصيوان بايديهم وهم يقفون على الكراسي ويجدون صعوبة في رفع القضيب الحديدي الى اعلى ... اذ ان متوسط طول الشخص السوداني زائدًا ارتفاع الكرسي دائمًا يقصر قليلاً عن ارتفاع اعمدة الصيوان ولكنهم في النهاية وبطريقة شد الانفس وشقها يفلحون في تركيب الهياكل: قلت لأحد الشبان عندكم شنو الليلة؟ أجابني دون ان ينظر تحته حيث اقف لانه ان فعل فسيهبط القضيب الحديدي على راسي. عندنا مناسبة زواج اذن فهذه مناسبة يتزوج فيها رجل امرأة .. كيف بالله حصل هذا الرجل على هذه المرأة واقنع اهلها بأنه خير من يكون بعلاً لها؟ لابد أنه نافسني وتغلب علي .. لقد ادركت هذا من البداية عندما علمت أن ذلك العريس هو مش انا ... وشعرت بغيظ شديد وعدت الى منزلي وركلت الباب وانا في ضيق شديد ولا حظت ذلك زوجتي وسألتني: بسم الله الرحمن الرحيم يا راجل مالك زعلان؟ متضايق من منو؟ قلت بتأفف: تصوري الراجل الكحيان دا عايز يتزوج الراجل منو؟ انا عارفو ... ما تلقاهو واحد كحيان كدا... يعني انت ما بتعرفو؟ لا ابدًا.. وطيب مالك ومالو... يتزوج ولا يطلق؟ دخلك شنو؟ دخلي شنو؟ هو أي واحد كحيان عاوز يتزوج يقوم يتزوج؟ هي بنات الناس دي لعبه؟ لكين انت ما قلت ما بتعرفه كيف حكمت عليه انو كحيان؟ وهو في واحد الزمن دا بعرس ما يكون كحيان؟ وطبعًا زوجتي لا تدرك ان منطقي الجديد هو أن كل شخص هو مش أنا منافس لي وطالما انه منافس لي فلا بد ان يكون كحيان. اجبت: شوفي في قعدة معروفة لينا نحن الرجال وانتو صنف النسوان ما بتعرفوها وفلتت مني جملة وانا ادافع عن منطقي الجديد أن اعمل لها حساباً وبعدين أنسب اتزوج انا البت دي والا يتزوجها هو؟ ولم تصدق زوجتي ما سمعته اذا ان شياطين الانس والجن ركبت رأسها في تلك اللحظة فاشتعلت قائلة: شنو .. شنو؟ تتزوج انت؟ كدي اشرح لي الكلام دا معناه شنو؟ وافقت على الجملة الأخيرة ولساني يبحث عن مخرج للحروف ما هو أصلو انا اقصد يعني ما هو يعني كنت عاوز اقول.... و تشتعل هي مرة اخرى وتشتعل معها شياطين الانس والجن: عاوز تقول شنو كمان؟ ما هو واضح من كلامك قال انسب قال: انت بتعرف بت الناس دي؟ كدي كلمني؟ حاولت ان اتملص وان اسحب كل مقولاتي السابقة انني فقط كنت اقول ذلك على سبيل كونو انو مثلاً في الحديث وهو انا مجنون اتزوج تاني؟ القصة كلها يعني افتراض وليه تفترض حاجة زي دي؟ خاني التعبير مش في واحد بخونو التعبير؟... أهو انا الليلة دي خاني التعبير ولم تصدق زوجتي ان التعبير خانني وانها زلة لسان وطيلة فترة زواجنا التي امتدت لعشرات الاعوام كان لساني هو حصاني ولم يحدث ان زل بكلمة مثل هذه. طبعاً لو قلت ليكي أنا الزول دا ما بعرفو والبت دي ما بعرفها بعد دا ما بتصدقيني؟ وتصيح بأعلى صوتها: - طبعاً ما بصدقك - لا أحسن تصدقيني .. لأنو لو ما صدقتيني ما بحصل كويس. - كيف يعني؟ - بحصل تعارف.. والتعارف ما في صالحك.. طبعاً هذه طريقة علمنا لها كبيرنا وهي تعتمد على إثارة المخاوف .. وغداً نكمل بإذن الله ونوضح كيف أن هذه الطريقة ستنجح في إخراجي من هذه الزنقة التي لم تكن في الحسبان. آخر الكلام: دل على وعيك البيئي.. لا تقطع شجرة ولا تقبل ولا تشترِ ولا تُهدِ هدية مصنوعة من جلد النمر أو التمساح أو الورل أو الأصلة أو سنّ الفيل وليكن شعارك الحياة لنا ولسوانا. ولكي تحافظ على تلك الحياة الغالية لا تتكلم في الموبايل وأنت تقود السيارة أوتعبر الشارع. وأغلقه أو اجعله صامتاً وأنت في المسجد.