شرق السودان من المجتمعات السودانية المحافظة، ويعتبر إنسان الشرق بكل مكوناته الاجتماعية بما فيها المجموعات السكانية التى قدمت إليه من شمال أو غرب أو وسط السودان، إنساناً صبوراً، كما أنه شديد المراس وبعضه معتد جداً بأصوله كالبجة مثلاً. والذي يزور مناطق طوكر والقاش وخور بركة وغيرها سوف يلمس هذه الملاحظات بصورة بينة، ورغم التمازج الذي حدث أخيراً لكن يظل الفرق واضحاً.. وهذا الجزء المهم من أقاليم السودان يمثل ثروة إنسانية وطبيعية يتطلع الواقع إلى استثمارها وتحريكها حتى ينهض الناس من معاناتهم وشقاء الحال الذي لازم تاريخ هذا الإقليم، وفشلت كثير من الحكومات المتعاقبة على حكم السودان فى أن تجد معادلة تنموية وخدمية تقنع إنسان الشرق، فبلغ به الحال أن انتفض من بعد صبر حتى وصم به، فنشأت كيانات سياسية ومطلبية منها مؤتمر البجة وجبهة الشرق والأسود الحرة، لكن الإنقاذ تمكنت من إخماد فتنة ثورة الشرق باتفاقية الشرق التي وقعت في أسمرا، ولبساطة إنسان الشرق وعدم تطلعه إلى أبعد من حقه الطبيعى جاءت إتفاقية سلام الشرق سهلة وبدون تعقيدات أو اشتراطات، اللهم إلا التنمية وبعض المشاركات فى الأجهزة التنفيذية، وصدقت الحكومة وأكدت جديتها في الالتزام ببنود الاتفاقية في ما يلى إعادة بناء وتنمية الشرق، فقد أنشأت صندوقاً متخصصاً لهذا الشأن في عام 2007م بناءً على توصيات الاتفاقية، ليعمل دون المساس ببرنامج مشروعات التنمية التي تشرف عليها الحكومة القومية، فقد بلغت جملة المشروعات التي نفذها الصندوق «644» مشروعاً موزعة على ولايات الشرق الثلاث، وتشمل كل محاور الحياة العامة من مياه وصحة وتعليم وترقية الاقتصاد والطرق والكهرباء وتنمية المجتمع. وسبق لي أن زرت ولايات الشرق الثلاث «القضارف» و «كسلا» و «بورتسودان» ووقتها كانت هذه المشروعات في بداياتها، ولم ير المواطن مخرجاتها، فكان الناس حينها يسألون عن الصندوق وماذا فعل، ففي تلك الزيارة لمست حاجة الناس للطرق، وكيف أنهم يعانون في التواصل لا سيما في فصل الخريف. وبالأمس كنا على موعد في قاعة الصداقة بالخرطوم، حيث كان هناك حشد كبير من أهل الشرق وحكوماته ورموزه، وبرعاية كريمة من النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان طه وقادة الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والإجتماعي، وكانت المناسبة حفل توقيع عقودات المقاولين والاستشاريين لمشروعات طرق الشرق التي ينفذها صندوق الشرق بالتعاون مع وزارة النقل والطرق والجسور، حيث ضمت الاحتفالية التوقيع على عقد الاستشاري لمشروعات منحة الصندوق العربي للمياه، وكان الجميع متفائلاً.. أبو عبيدة دج ووزير الطرق دكتور نهار وموسى محمد أحمد أحد فرسان اتفاقية الشرق وقد بادل الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل موسى الثناء .. وهناك حزمة المشروعات التى يجرى تنفيذها فى شرق السودان، إذ أضيف لها مشروع سدي أعالى نهر عطبرة وستيت. وهذه الحزمة من المشروعات ينتظر أن تغير وجه الحياة في شرق السودان، وهي نقلة نوعية في الإعمار والبنية التحتية، لأننى زرت الشرق ورأيت كيف أن الناس فى أمس الحاجة إلى طريق طوكر قرورة وطريق كسلا تلكوك ومامان كسلا عواض، وكيف أنهم فى أمس الحاجة إلى طريق القضارف أم خير سمس، بجانب كباري خور بركة والقاش ونهر عطبرة وسيدون، فهذه الطرق والمشروعات المصاحبة فى ما يلى الاستقرار جديرة بإحياء الزراعة والنهضة العامة لإنسان الشرق الحبيب، وهى جديرة بإحداث نهضة اقتصادية تنفرج لها أسارير أهلنا البسطاء هناك، وشكراً للإخوة في صندوق إعادة تنمية وإعمار الشرق وهم يواصلون الجهد. وشكراً للدعوات المتكررة لنا نحن أهل الإعلام حتى نقف على جهد الدولة ووفائها، كما نقول شكراً للصديق النشط مستشار والي كسلا الإعلامي حاتم أبو سن، على الدعوات المتكررة والملاحقة و «المساسقة» الانتظار على أبواب الصحف والقنوات، حتى تلتفت نحو الشرق الحبيب لمعرفة حاجته الحقيقية، ومساهمات الحكومات المركزية والولائية فى ردم الفجوة.