أبو ذر حسين محمد، صحفي سوداني عمل بصحيفة الحياة اللندنية في الخرطوم في العام 1996م وصحيفة الرأي الآخر في العام 1997م واستمر في العمل الصحفي بالسودان لمدة عامين وهو من الدفعة الأولى التي امتحنت القيد الصحفي، انتقل للعمل في بلاط صاحبة الجلالة بالمملكة العربية السعودية، حيث عمل في صحيفة الرياض وتنقل في العمل الصحفي بالمملكة العربية السعودية واستقر به الحال في العمل الصحفي بمملكة البحرين، التقيناه وهو في إحدى زياراته للوطن فكان لنا معه هذا اللقاء. بداية حدثنا عن تجربتك مع الاغتراب؟ سافرت إلى المملكة العربية السعودية، وعملت في صحيفة الرياض لمدة عامين، وبعدها عملت بصحيفة الوطن في أبها جنوب المملكة، فقد تم اختياري ك«اصطاف» للعمل في صحيفة الوطن من ضمن «23» سودانياً من مختلف الفئات الصحفية وبعدها فكرت في أنه كفاية غربة ويجب الرجوع للوطن في العام 2002م وبعد رجوعي للوطن وأثناء وجودي بالخرطوم حيث مكثت مدة ستة أشهر جاءني عقد عمل من صحيفة اليوم السعودية وفي نفس الوقت كنت أعمل مدير تحرير لمجلة «أصول» الاقتصادية بالسعودية قضيت بها عامين ثم جاءني عقد عمل في البحرين للعمل بصحيفة «الوقت» لمدة أربع سنوات كمحرر وتعاقدت مع صحيفة الوطن وهي الصحيفة الأولى في البحرين رئيساً لقسم الأخبار. ما هو تقييمك لنظرة الدولة وجهاز المغتربين تجاه المغترب؟ جهاز المغتربين عموماً تطور بشكل كبير وخدماته تكاد تكون مميزة، أيضاً الجهاز له اهتمام كبير جداً بالنخب السودانية والشرائح والأسماء بدول المهجر، ويتم عمل لقاء تعارفي لمشاركة الهموم وتنوير لقضايا الوطن، وهذا تقدير جميل جداً للكفاءات والخبرات السودانية العاملة بالخارج، لكن يعاب عليه شيء أريد به التنظيم لكن أصبح مشكلة وهو كثرة موظفات الوكالات بالجهاز واللاتي يؤدين خدمة التعقيب كما تسمى في دول الخليج وأصبحت مأساة جهاز المغتربين في الخرطوم لأنهم يقومون بهذه الخدمة وتم تقنينها لهم بتخصيص موظفين لهؤلاء الموظفات، لكن الملاحظ في مكاتب الجهاز بمدينة ود مدني أن هناك قمة النظام والهدوء وإجراءاتك تسير بسهولة ويسر. كل مغترب تواجهه بعض المعاناة في بداية اغترابه أو أثناء فترة غربته؟ في بداياتنا كانت المعاناة كمعاناة أي مغترب بالمحاولة بتكوين رصيد محترم ليحقق به شيئاً من طموحه، والهموم أصبحت بشكل آخر تتلخص بمجالاتنا الاعلامية وتأثرنا لعدم التغطية الإعلامية التي تستطيع عكس القضايا بشكل حسن والمعلومة أصبحنا نستقيها من وكالات الأنباء والمعروف عنها أنها مسيّسة ولها توجهاتها سواء للسودان أو المنطقة لذلك المعلومة عن قضايا الوطن تصلنا مشوهة. ما هو الحل برأيك؟ أعتقد أن الحل على أقل تقدير يجب أن يتم بتمليك الصحفيين السودانيين بدول المهجر المعلومات ويتم الرد على اتصالاتهم من قبل المسؤولين في الدولة وفي نفس الوقت نجد الوكالات تأتي بالمعلومة التي نسعى إليها مشوهة وفيها كثير من الغلط وتزييف الحقائق الأمر الذي يجعلنا نتجاهلها وتبعاً لذلك التجاهل نتجاهل الحدث الذي كنا نسعى لتنوير الرأي العام الخليجي والعربي به من تلكم المشكلات بالسودان. هل قمتم كصحفيين بطرح هذه المشكلة على المسؤولين بالدولة ليتم حلها؟ هذه المشكلة طرحناها بشكل جيد خلال مؤتمرين للإعلاميين العاملين بالخارج في دورتيه الأخيرتين في العامين 2006م و2009م وخرجت توصيات واضحة وصريحة بأهمية تمليك الإعلاميين العاملين بالخارج كل الحقائق لمواجهة ادعاءات وكالات الأنباء المسيسة ذات التوجهات التي باتت معروفة للجميع غير أن تلك التوصيات لم يتبقَ منها إلا رسمها. بالرغم من ذلك هل هناك اجتهادات من قبلكم كصحفيين سودانيين لتنوير الرأي العام الخارجي عن قضايا الوطن؟ عندما نريد تنوير الرأي العام حول أي قضية من قضايا الوطن ندخل الإنترنت لمواقع الصحف السودانية لعمل تقرير يكون مزاحماً لادعاءات الوكالات غير أن تلك الوسيلة الرخيصة غالباً ما تبور في السوق الإعلامي العالمي المفتوح. ما هو تأثير التحولات الاقتصادية الداخلية على المغتربين؟ للأسف النظرة الشخصية الذاتية الضيِّقة لكثير من المغتربين فيما يخص سعر تحويل الدولار أو الريال تكاد تغطي على تلك السياسات التقشفية وربما تضر بكثير من الغبش لذا تكون النظرة لمثل تلك التغيرات الاقتصادية غير مبالية وليس فيها الهم الوطني كما ينبغي إلا من رحم ربي. هل استفادت الدولة من الخبرات المهاجرة؟ تجربة توطين السودانيين بالهجرة العكسية إلى السودان للأسف لم تؤتِ أُكلها رغم البرامج والخطط الكبيرة التي صاغها جهاز العاملين بالخارج وذلك للتباين الكبير في العمل المهني بكل قطاعاته داخل وخارج السودان لا سيما الأطباء. هل الظروف الآن باتت أقوى للهجرة مما كانت عليه؟ ربما تكون الرغبات تجددت لدى كثير من المواطنين في الهجرة إلى الخليج نسبة لعدم الاستقرار الاقتصادي وتقلب السياسات الاقتصادية والإغراق في الخريجين فأصبح هنالك خريجون بلا وظائف في كل المجالات تقريباً وأي من تلك الأسباب كفيل بقيادة تفكير الشباب لتحقيق «سافر ففي الأسفار خمس فوائد» لاكتساب العمل. كيف يمكن أن تستفيد الدولة من المهاجرين؟ استفادة الدولة من المغتربين تأتي مباشرة من خلال التحويلات المالية وذلك بعد إسقاط الضرائب على المغترب ومن الفوائد المباشرة التي تجنيها الدولة أن أصحاب المؤهلات في مختلف القطاعات هم بمثابة متدربين بالخارج لفترات طويلة باعتبار أن التقنيات الحديثة وتوفر الخبرات الأجنبية والعربية في كل المجالات تصقل الطبيب مثلما الصحفي والمهندس والمستشار القانوني وغيرهم، ويلاحظ ذلك في الفرق الواسع ما بين الكفاءات السودانية التي تعمل بالخارج والتي ظلت داخل السودان.