«الزول دا ياجماعة اتجاوز الحدود وبقى يستفز في الحكومة والسر شنو ما عارفين مش خلاص الحركة الشعبية فصلت الجنوب وكل دولة بقت قائمة بذاتها؟ طيب مالك عقار تابع للجنوب واللا الشمال ورئيسو سلفا كير واللا البشير؟ والله البشير حقو ما يصبِّح ليهو الواطة ولازم يعزلو لأنو بقى مهدد لأمن الوطن بتصريحاته البنسمع فيها كل يوم».. هكذا كانت أحاديث المجالس خلال الأسابيع الماضية قبل أن يؤكد رئيس الجمهورية بإصداره قرارًا أعفى بموجبه عقار بقوله لقد صمتنا كثيرًا على عقار وعضد ذلك الحاكم العسكري اللواء يحيى محمد خير بأن القوات المسلحة صبرت كثيرًا على استفزازات عقار في الفترة الماضية، وذات القول ساقه القيادي بالوطني أمين الشباب عبد المنعم السني لدى معايدة هيئة شباب الأحزاب الأحد الماضي ومنذ أن بدأت حملة الانتخابات كانت أنظار الحركة تتجه بكلياتها نحو ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وهي تدفع بكل من عقار والحلو في الانتخابات التكميلية، كانت اللغة السائدة عند كليهما هي لغة التهديد والوعيد وبلغ الأمر بعقار لإطلاق عبارته الشهيرة «النجمة أوالهجمة» في أول تهديد وابتزاز له وفازت النجمة في وقت كانت فيه الأمور تسير لمصلحة مرشح الوطني فرح العقار في خطوة اعتبرها المراقبون إرضاء لعقار وتفاديًا لحدوث أي تفلتات قد تحدث في الولاية، غير أن هذا الموقف زاد من غرور وغطرسة مالك فأخذ يفتعل الأزمات مع المؤتمر الوطني مستقويًا بحكومة دولة الجنوب والمجتمع الدولي في بعض الأحيان بعد زيارات له لأمريكا بمعية قيادات الحركة ولم تجد قضايا النيل الأزرق اهتمامًا منه أكثر مما هو مهتم بأجندة الحركة الشعبية فاستوعب كوادر الحركة في أجهزة الولاية المختلفة مع تضييق دائرة المشاركة في الحكم على المؤتمر الوطني وبقية الأحزاب بل إن مالك عقار اعتقد أنه يرأس دولة قائمة بذاتها يمتلك جيشًا وأسلحة ما فتئ يهدِّد باكتساح الخرطوم بواسطتها حسب ما ورد في لقاء ضم إلى جانبه كلاً من ياسر عرمان والحلو في منطقة كاودا بجنوب كردفان، في وقت ظلت فيه الحكومة المركزية تعلن رصد كل خروقاته وتجاوزاته، وبلغ به الأمر أن طالب شباب النيل الأزرق بأن يستعدوا للحرب.. والحكومة تمد له حبال الصبر شيئًا فشيئًا وهو ما ذهب إليه الكاتب الصحفي إسحق أحمد فضل الله عبر زاويته المقروءة «آخر الليل» باعتقاد عقار أنه يرأس دولة لا ولاية تتبع لجمهورية السودان شأنه شأن بقية الولاة، وقد غادر لدولة إثيوبيا دون أن يُخطر المركز وكذلك دولة الجنوب، وبالرغم من أن مالك عقار ظل يؤكد تارة «ألا عودة للحرب» ولن أسمح بإطلاق طلقة واحدة ولو من جيشي، ويقول «لا نريد أن تمتد الحرب ثانية إلى النيل الأزرق»، ويضيف: «الحرب جربناها من قبل فأدت لانفصال الجنوب»، ويقول أيضًا «إن الحرب كويسة للناس الشافوها على شاشات السينما بس» وظل كذلك يهدد «لكننا لن نخاف من الحرب إذا فُرضت علينا»، ويضيف «الكتوف اتلاحقت وكل زول بجيشه وقصره»، رغم ذلك ظل عقار يطالب الدولة أيضًا ب «جيش واحد وشرطة واحدة ودولة واحدة»، وقال عقار «لو فى زول شايل سلاحو أنا سلاحي مابختو»، فالأوضاع بالنيل الأزرق كانت مأزومة وقابلة للانفجار تحت أي ظرف.