قبل عام أو يزيد بقليل أعلن اتحاد الصحفيين لعضويته عن الاتفاق مع إدارة السجل المدني لاستخراج الرقم الوطني للأعضاء وأسرهم ضمن مشروعات الاتحاد ومساعيه لمساعدة أعضائه وتيسير حصولهم على الخدمات المختلفة، فحمدت الله وشكرت الاتحاد على هذه الخطوة التي ستقيني وأسرتي الصغيرة من تكبّد مشاق استخراج الرقم الوطني في المواقع الأخرى والزحام الشديد الذي فيها، فتوكلت على الحي الدائم واصطحبت معي أسرتي ويممنا شطر دار الاتحاد لا نلوي على شيء، وكان (التيم) الذي تم تعيينه للقيام بهذه المهمة بقيادة ضابط برتبة (ملازم) كان هو وأعضاء فريقه الفني على درجة عالية من حسن التعامل الكريم والرفيع مع الصحفيين وكانوا يعملون بمثابرة على راحتهم وتقليل المشاق عنهم قدر المستطاع وتلحظ فيهم مهارة وخبرة في أدائهم.. ولم نمضِ وقتاً طويلاً في إكمال الإجراءات وغادرنا الاتحاد على وعد منهم بأن الرقم سيكون جاهزاً في غضون أيام قلائل، ولكن ذلك لم يتحقق البتة فمرت الأيام كالخيال أحلام ومرت الأسابيع ثم الشهور وبعد (تلتلة) علمنا أن سلطات السجل أفادت الاتحاد بأن (الشبكة طشت) ومن ثم فإن عدداً مقدراً من بيانات الذين أكملوا إجراءات التسجيل قد ذهبت أدراج (الطشّة) وعلى هؤلاء أن يقوموا بإعادة الإجراءات (من أول وجديد) في أي مركز من المراكز المنتشرة في العاصمة أو الولايات، وطبعاً كنت أنا وأسرتي ضمن هؤلاء الذين (طشّت) أسماؤهم، ولما لم تتسنَ لي فرصة إعادة الكرّة مرة أخرى في (خمخمة) أسرتي مرة أخرى والذهاب إلى أحد هذه المراكز (المنتشرة) فقد (طنشت) الموضوع و(صهينت) منه، إلى أن رن هاتفي في شهر أبريل الماضي وكانت في الطرف الآخر سكرتيرة الاتحاد تطلب مني الحضور وأسرتي للقيام بإجراءات الرقم الوطني بالاتحاد، فقلت في نفسي هذه المرة لا بد أن يتم فيها تدارك الخطأ السابق فذهبت فكانت هذه المرة هي الأسوأ حيث كان رئيس التيم برتبة رقيب أول وكان واضحاً من طريقة عمل هذا التيم أنه يفتقد الخبرة والمهارة وقد طلب مني رئيس التيم ما يثبت أنني صحفي، فقلت له: ظننت أننا في اتحاد الصحفيين وأنكم جئتم خصيصاً للعمل لهذه الفئة وأن هناك تنسيقاً مسبقاً بينكم وبين الاتحاد وفق كشوفات عضويته، وبعد تعب وضياع زمن قالوا لنا إن استلام الأرقام سيكون بعد أيام معدودات عبر الاتحاد فمر شهر ولا جديد هناك مجرد وعود (بكرة بعد بكرة) وهكذا، وفي أوائل يونيو الماضي ذهبت إلى مكتب السجل المدني في المقرن الذي يقع على بعد خطوات من دار الاتحاد لاستجلاء الأمر ومعرفة السر وراء هذا التأخير، وقد صدمت لأول وهلة من الزحام الشديد داخل الصالة الرئيسة واختلاط الحابل بالنابل فشققت طريقي بصعوبة نحو «الكاونتر» لكي أتحدث مع الضابط المسؤول وهو برتبة نقيب وأشرح له المشكلة وبعد صياح من جانبي وأنا أشرح له المشكلة بسبب الضوضاء الشديدة طلب مني أن أوافيه برقم المتابعة فسألته من أين آتي به فقال لي يفترض أن الجهة التي قامت بإجراءات التسجيل هي التي تعطيكم هذا الرقم، فراجعت سكرتارية اتحاد الصحفيين التي أعطتني أرقامًا متسلسلة لي ولأسرتي فأخذتها وأنا فرح فخور بأن المشكلة قد قاربت على الانتهاء فرجعت إلى ذلك الضابط الذي طلبها مني ومرة أخرى شققت طريقي داخل الصالة وسط الزحام وذهبت إليه في مكتبه فقال لي عليك أن تذهب بهذه الأرقام إلى مكتب المهندس وبالفعل ذهبت إليه وكان شاباً عابس الوجه ضيق الخلق ينفث ضيقه وتبرمه في وجه الناس ويجيب عن أسئلتهم (بمساخة) شديدة فمددت إليه أرقام المتابعة مع شرح موجز للمشكلة فنظر إلى الأرقام وقال لي (دي ما بتنفع أمشي جيب لينا رقم الحقيبة) فقلت له أي حقيبة ومن أين آتيك بها؟ فلم يلتفت إليّ وقال لي وقد (تشاغل) عني (جيبو من الناس الأدوك الأرقام دي) فراجعت سكرتارية الاتحاد فهي الجهة التي أعطتني تلك الأرقام فأفادتني بأنهم ليس بحوزتهم هذا الرقم ولا ينبغي لهم أن يحوزوا عليه؛ لأنه خاص بعمل تيم السجل المدني.. فبدأت رحلة البحث عن رئيس التيم وبعد بحث وتقصي وجدت رقم هاتفه فهاتفته وقد كان خارج المكتب فقال لي إنه لا يعرف رقم الحقيبة؛ لأنها ببساطة قد تحرك بها تيم إلى ولاية نهر النيل وحمل مندوب الاتحاد مسؤولية التأخير وتقصيره في المتابعة فقلت له إذاً ما هو الحل الآن ولم أكن وحدي فقد كان هناك حوالى «26» اسماً لهم نفس المشكلة فقال لي الحل في متابعة مندوب الاتحاد للمشكلة.. ولما كنت في سباق مع الزمن أجريت عدة اتصالات (خاصة) فعلمت أن هناك مشكلة فنية هي نفس المشكلة التي حدثت في المرة الأولى وأن عليّ أن أعيد الإجراءات مرة أخرى (من أول وجديد). وهذه المرة تمت الإعادة في رئاسة السجل المدني والحق يقال فقد تمت الإجراءات بسرعة والتعامل كان في غاية الذوق واللطف، مع وعد بأن الأرقام ستكون لديّ في ظرف يومين فقط، ولكن مر أسبوعان بعد ذلك تسلمت بعدها الرقم الوطني لابنتي ثم بعد ذلك مر أسبوع فقالوا لي نريد صورة من شهادة الجنسية للزوجة وكنت قد أرفقتها من قبل فاستجبت بموافاتهم بالصورة ثم مكثت أسبوعاً آخر فقيل لي إنك سبق أن استخرجت جوازاً إلكترونياً وهو ما خلق إشكالاً فنياً وهذا ما لم يحدث قط، فلم أتشرف حتى الآن باستخراج الجواز الإلكتروني وما زلت أحمل جوازي القديم واستخدمه وهو لا يزال ساري المفعول، وبعد أسبوع آخر تسلمت الرقم الوطني الخاص بي، ولكن حتى كتابة هذا المقال لم يتم استخراج الرقم الوطني للزوجة ولا ندري بالتحديد ما هي المشكلة. بالتأكيد لن أكون وحدي الذي واجه هذه المصاعب في استخراج الرقم الوطني فهناك العديد من الناس لا بد أنهم قد تضرروا من هذا التأخير وهذه الربكة الحادثة في هذا العمل المهم جداً والحيوي بالنسبة للدولة وللمواطن على حد سواء، والأمر يحتاج إلى وقفة مراجعة وإعادة ترتيب فهناك خلل ما في مكان ما ينبغي تحديده ومن ثم معالجته معالجة جذرية من الجهات المختصة تجنباً للآثار السالبة التي يمكن أن تترتب عليه..