٭ اتصالاً لما جاء في قضية الأمس حول الأزمة التي تعاني منها بعثة الحج السودانية من ما تسميه بحجاج الداخل وهي ذات القضية التي تعتبر موردًا إضافيًا للبعثة حيث يتحمل حجاج الداخل تكاليف مالية كبيرة كرسوم يدفعونها للبعثة هناك، وأن كل الذين يحجون من الداخل هم على اتفاق تام مع البعثة إلا أن هذه البعثة دائمًا ما تحاول أن ترمي فشلها على سلة حجاج الداخل. ً٭ «والإنتباهة» حاولت أن تقترب كثيرًا من شواطئ هذه القضية لكشف حيثياتها وإبعادها وتأثيراتها حيث رصدت العديد من الإفادات عبر هذه الجرعة الصحفية الثانية من ذات القضية فتحدث لنا بداية الإعلامي مصطفى جابر تكروني وهو أمير لبعثة سابقة لمدة خمس سنوات، وعضو بعثة لثلاث سنوات.. وقال: نحن كسودانيين بطبيعة حالنا نحب التواصل الاجتماعي، ومن الصعب علينا أن نحكم مسألة حجاج الداخل بقوانين والأصعب من ذلك أن نمنعهم من مقابلة ذويهم فقد يكون هنالك مثلاً ابن مغترب لمدة عشر سنوات وأرسل لوالديه لأداء الفريضة فمن المستحيل ألا يسعى للقائهم، ومسألة حجاج الداخل بها نواحي إيجابية منها صلة الرحم بين الأهل ومساعدة الأبناء للأبوين والأقارب في آداء مناسكهم خاصة إذا كانوا من كبار السن، وهذه إيجابيات لا يمكن نكرانها، أما فيما يتعلق بالجانب السلبي فهو مزاحمة الحجاج بصورة عامة في المدينةومكة، وبصورة خاصة في «منى» لأن المساحات ضيقة والأماكن محدودة تكفي أفراد البعثة بالكاد وحين قدوم أي وافد جديد يؤثر سلبًا على راحة الحجاج في المكان، وفي الخدمات وفي استخدام المرافق والمنافع، ويلجأ بعض حجاج الداخل لافتراش الطرقات، وبالتالي يشكلون مصدر إزعاج لغيرهم فالممرات ضيقة قد تكون مترًا ونصف المتر أو «2» متر بالكثير، وأيضًا جلوسهم خارج المخيم إضافة إلى الزحام يسبب مشكلات في البيئة من تناولهم للأطعمة وبقايا الأكل والنفايات.. ورغم التدابير التي تتخذ كل عام متمثلة في ديباجات تعلّق على صدر الحاج كإثبات لكنه يكون هنالك تحايل فهذه المسألة ترجع لوازع الضمير في المقام الأول. ٭ مثلاً إذا فرضنا أن مقابل كل حاج من البعثة جاء حاج من الداخل تربطه صلة قربى وثيقة بحاج البعثة فسوف يتضاعف العدد هذا بغض النظر عن بقية الأهل.. لذا من الأجدى لهم التواصل عبر الهاتف ويمكن أن يلتقوا كما أسلفت في أماكن أقل ازدحامًا بعد آداء المشاعر. ٭ وأضاف أحمد محجوب أحمد أمير فوج سابق أنه لا يوجد جديدًا لإيجاد حلول جذرية، فنحن كسودانيين بطبعنا نحب التواصل وكل فرد مقيم بالمملكة يود مقابلة أهله في موسم الحج، والعمل على خدمتهم وحل المشكلات التي تواجههم ولا يشترط أن تكون القرابة من الدرجة الأولى. وغالبية الازدحام يكون في المشاعر «منى مزدلفة وعرفة» فالمساحات ضيقة ولا تكفى فالحاج يجب أن يكون مقيمًا في مخيم في مكان المشاعر، لكن نجد أن غالبية الحجاج بعد رمي الجمرات يرجع للسكن العادي في مكة ويمكث بها نسبة للازدحام في المخيم، ثم يعود بعد المغرب مرة أخرى. ٭ ولكن كانت هنالك كثير من المحاولات لحل هذه الإشكالية لكنها لم تحل ولا بنسبة «20%» ومن ضمن المحاولات كان يتم ابتعاث عدد من أفراد الشرطة من الخرطوم لمراقبة حجاج الداخل لكنهم لم يحققوا النجاح بالصورة المطلوبة نسبة للازدحام والتدافع لحظة دخول المخيمات، كما أن بعض الحجاج يمنحون ذويهم بطاقاتهم للدخول بها أضف إلى ذلك أن ترحيل الحجاج يتم ليلاً وفي أوقات مزعجة لتلافي الزحمة المرورية فتقف جميع البصات في وقت واحد أمام البوابة، وهنا تتاح الفرصة لحجاج الداخل. ٭ ومهما كان الشخص المسؤول على قدر من الصرامة لا يستطيع منع حاج مسن مثلاً من دخول الحمامات أو لا يستطيع التحدث معه بلهجة قاسية، ولا يمكنه منعه من ركوب البصات.. فمثلاً لو توفر بص لكل أمير فوج لتمكن من معرفة أفراد فوجه لكن في أحايين كثيرة البص يضم «2» فوج مما يصعب علينا التعرف عليهم فإذا أردنا تحديد عدد بصات بحجم البعثة يتطلب ذلك زيادة في التكلفة كما حدث في العام الماضي.. حيث تمت الاستعانة بالقطارات لترحيل الحجاج بنسبة «3040%» مما سمح بتوفير مساحة لدخول بصات إضافية، ومن المتوقع هذا العام أن تزيد نسبة الترحيل بالقطار بنسبة «5060%» فكل عام يكون هنالك تحسين في الخدمات ولا أعتقد أن هنالك حجاجًا سودانين يتم ترحليهم بالقطار، لكن ذلك يخفف العدد مما يسهل عملية المتابعة. ٭ وفي ذات السياق قال الأستاذ علي شمس العُلاء مدير إدارة الحج والعمرة بولاية الخرطوم إن الترتيبات التي اُتُخذت بشأن حجاج الداخل لهذا العام مقارنة بالأعوام السابقة جيدة، وأشار إلى أنهم في عام «2000م» قاموا بإيجار مخيم لحجاج الداخل لكنهم مع الأسف لم يلتزموا به لأن القصد أساسًا الإقامة مع ذويهم، وبعدها قمنا بإيجار شركات أمنية داخلية لكن صاحبها ضعف في الآداء، ولثلاث سنوات خلت كنا نصطحب معنا أفرادًا من الشرطة السودانية من غير الحجاج ليقوموا بحراسة الأبواب، ولا أستطيع القول إن «الحكاية» انتهت لكنهم قللوا منها بصورة واضحة فالمخيم به أبواب طوارئ غير مسموح لنا بقفلها تنفيذًا لأوامر حكومة خادم الحرمين فيتم التسلل عبرها . ٭ وهذا العام ومع إجراءات الشرطة حددنا فراش «مرتبة» صغيرة للحاج يكتب عليها اسمه وأي شخص لا يملك فراشًا هو غير تابع للبعثة، والمطلوب من أمراء الأفواج أن يتمموا على أفراد فوجهم كل مرة.. وهنالك حزمة إجراءات أخرى قد تقلل من هذه الأزمة.. وامتدح الأستاذ علي شمس العلاء المقيمين في المملكة لحرصهم على تقديم دعوات الحج لأهاليهم، وقال نحن نقدر رغبتهم في أن يكونوا في خدمتهم، وبالقرب منهم لكن يجب علينا أن نفرّق ما بين تكافلنا الاجتماعي وعاداتنا الجميلة، وما بين الضوابط المتّبعة في المملكة فالمساحة المسموح بها للحاج ضيقة للغاية «90» سم.. ولا يمكن أن تستوعب شخص آخر.. فلديهم مجال لمقابلة أهلهم وذويهم في السكن في مكةوالمدينة فقط يجب ترك الحجاج لوحدهم مدة أيام المشاعر «5» أيام.. حتى يتمكنوا من آدائها بالصورة الصحيحة.