أمسية الثلاثاء العاشر من يوليو، كان الشيخ الترابي يحدث نفراً من الذين كانوا له تبعًا، شباب بعضهم وشيوخ جُلهم، كان يحدثهم عن ضرورة دعم الاحتجاجات، ثم ما يلبث أن يمارس سخريته المعهودة والموجهة نحو إمام الأنصار الصادق المهدي.. إذ يقول: إنه «مرتزق» يحشد الناس في مسجد الأنصار، حتى إذا أعطوه المال الحكومة كفّ عن فعله هذا وتنصل من مواصلة دعم الثورة انطلاقاً من مسجد الأنصار!! قبل ذلك بيوم نهار الإثنين كان الإمام الصادق المهدي يقترح للمكتب السياسي لحزب الأمة القومي تنظيم الاحتجاجات في الميادين العامة، لأن المساجد ليست للاعتصام السياسي إنما هي للشعائر الدينية... ومساء ذات الإثنين، أعربت هيئة شؤون الأنصار عن رفضها للمظاهرات انطلاقا من مسجد الإمام عبد الرحمن المهدي، لأنها أضرت بطلاب الخلوة على حد زعمهم!! وفي سياق غير منفصل كشفت صحيفة آخر لحظة النقاب عن منع المكتب السياسي لحزب الأُمة القومي انطلاقة المظاهرات من مسجد الأنصار بود نوباوي، قبل أن تصدر رئيسة المكتب السياسي للحزب سارة نقد الله تصريحاً صحفياً يجرد خبر الصحيفة من الصحة، بل ويشيد بتجربة الاعتصام في الجمعة قبل الفائتة وتلك التي سبقتها، مع اعتبار أنها دليل على ثبات وصمود «الشعب !!» ضد البطش والعدوان على المدنيين العزل داخل دور العبادة، هكذا جاء التصريح الصحفي مخالفاً في الظاهر لمواقف الإمام الصادق وهيئة شؤون الأنصار الداعمة لوقف هذا السلوك إن صحت قراءة ما بين السطور!! إلى ذلك وفي مساء الخميس الماضي، كان شباب حزب الأمة القومي يعيد إرسال رسالة بعثت بها د. مريم الصادق المهدي لتستقر عند جميع الهواتف التي يمكن الوصول إليها... الرسالة كانت تحُث على الاعتصام مساء الجمعة الماضية لكن ليس في مسجد الأنصار أو في دار الحزب... إنما في ميدان المولد بأُم درمان!! وإن جاز لنا الربط، فلا بد أن نسقط أي شعور تجاه تعارض المواقف، وإن بدت للوهلة الأولى متعارضة... إذ خط حزب الأمة خط مستقيم تجاه تغيير النظام بطرق سلمية، ولما لم يعترض في البدء على انطلاقة الاحتجاجات من مسجد الأنصار كان حسب ظني يأمل أن تجد هذه الخطوة حظها من التأييد الشعبي، ومن ثم يلتف الناس خلف الحزب مفجر الثورة ولن تجد بقية القوى السياسية بد من الانجراف أمام أمواج إرادة الشعب، لذلك حاول الشيخ الترابي تشويه صورة الاحتجاجات التي انطلقت من مسجد الأنصار لعلمه يقيناً أن نجاحها يعني جلوسه في نفس مقعده المعارض وهو إلى كرسي الحكم طالب... أما الآن وبعد أن تبين لحزب الأُمة القومي أن الاحتجاجات انطلاقًا من مسجد الأنصار لم تجد التأييد المطلوب وعلى العكس من ذلك ألبت هيئة شؤون الأنصار على الجهاز التنفيذي للحزب وعلى شباب الحزب الذين لم يراعوا حرمة لدُور العبادة «راجع مقاطع الفيديو التي سُجلت عن جهل مشاهد لنسوة من داخل المسجد» فلم يكن من بد غير إيقاف هذه المهزلة... أما موقف المكتب السياسي للحزب وبيانه الذي يبدو للوهلة الأولى معارضة لخط رئيس الحزب وكيان الأنصار، فيأتي في إطار حفظ ماء الوجه أمام القوى السياسية والحركات الشبابية المعارضة، وحتى لا يقال إن الحزب نكص عن وعده بدعم الاحتجاجات.. وفي موقف الدكتور مريم أيضاً... يمكن أن نشتم رائحة الطاعة!!