على الرغم من عدم ورود أية إشارة لمؤتمر أهل دارفور للسلام والتنمية في نصوص وثيقة الدوحة، إلا أن السلطة الإقليمية لدارفور، تمسكت بمادة حملت الرقم (473) وردت في الوثيقة بشأن الحوار والتشاور الداخلي في دارفور، وهو شبيه بالحوار الدارفوري -الدارفوري الذي نص عليه في إتفاقية أبوجا، والذي لقي حتفه كما الإتفاقية التي عاد موقعها رئيس حركة التحرير مني مناوي الى التمرد مرة أخرى .. ويبدو أن السلطة الاقليمية سعت لتفعيل مشاركة ودعم أهل دارفور لوثيقة الدوحة، التي أبرمتها حركة التحرير والعدالة مع الحكومة، حيث عقدت مؤتمر أهل دارفور للسلام والتنمية بالفاشر في الأسبوع الثاني من الشهر الجاري، والذي حوى حزمة من الأهداف أهمها إستقطاب السند الشعبي والسياسي والدبلوماسي لتنفيذ الوثيقة، وتحقيق السلام المستدام، وحشد الطاقات وإستنهاض الهمم ،وإذكاء روح المبادرة، وترسيخ مفاهيم العمل الجماعي، وإحياء فضيلة التسامح والتصالح بين مكونات المجتمع الدارفوري، وتهيئة البيئة الملائمة لرتق النسيج الإجتماعي، وتحقيق العودة الطوعية، وإستقرار المتأثرين بالحرب. النجاح الذي وجده المؤتمر بحسب الناطق باسم وزير الاعلام، والناطق باسم السلطة المهندس إبراهيم مادبو عزاه الى الإستعدادات التي سبقت المؤتمر، ولكن تبقى المعضلة في الأموال التي تحتاجها السلطة لإعمار دارفور وإعادة بنائه، والتي قدرها مادبو في مؤتمر صحفي عقده أمس الأول بثمانية مليارات دولار، بل أن مادبو أشار إلى زيادة المبلغ في ظل إرتفاع أسعار مواد البناء .. والناظر للحالة الراهنة لدارفور يلحظ هدوءًا نسبيا على أرض الواقع، بجانب عودة طوعية من بعض المواطنين لقراهم من أجل الزراعة، علاوة على إنحسار التمرد في بعض المناطق، وتراجع عدائيات الحركات المسلحة نتيجة لقلة الجهات الداعمة مثل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي وغياب عنصر مؤثرة مثل رئيس حركة العدل والمساواة. المبلغ الذي حدده مادبو لإعادة إعمار دارفور، يبدو عصيا على الحكومة الإيفاء ولو بنصفه، في ظل الظروف الراهنة التي تعيشها الموازنة العامة، علاوة على الأزمة المالية الخانقة التي أثرت على العالم أجمع، ويبدو أن الرهان لإحداث إختراق حقيقي في دارفور وإشاعة السلام ستكون عبر بوابة مؤتمر المانحين الذي من المتوقع أن يلتئم في العاصمة القطرية في ديسمبر المقبل، والذي تعول عليه الحكومة قبل سلطة دارفور حتى يمضي قطار الإتفاقية على قضبان الإنفاذ. ووضح الاهتمام بالمؤتمر حتى من جانب أطراف غربية منها الولاياتالمتحدة، إذ كشف مادبو في مؤتمره المشار اليه عن عقد السفارة الأمريكيةبالخرطوم والمعونة الأمريكية لسبعة إجتماعات مع قيادات السلطة بشأن مؤتمر المانحين. تجربة الحكومة مع مؤتمرات المانحين فيما يلي إتفاقات السلام التي أبرمتها مع خصوم الأمس تتفاوت درجاتها، فبينما فشل مؤتمر مانحي إتفاقية نيفاشا، كان النجاح حليف إتفاق سلام الشرق الذي جنى منه شرق السودان أموالا طائلة ،وكان مرد النجاح إهتمام دولة الكويت - مستضيفة المؤتمر - وحثها الأطراف المجتمعة على تقديم الدعم. وعلى ذات النسق تتفاءل قيادات بحركة التحرير والعدالة منها الوزير عبد الكريم مختار بالمؤتمر المحدد له ديسمبر المقبل .وعزا ذلك في حديثه معي الى إهتمام القيادة القطرية بسلام دارفور وصبرها على جمع الأطراف حتى تكلل المجهود الى سلام. من جانب الحكومة ليس أمامها سوى الترويج للمؤتمر وإثبات جديتها في إنفاذ وثيقة الدوحة حتى ينجح المؤتمر، خاصة وأن الراهن المالي لا ينبئ باقتراب إنفراج. وقد أشار القيادي بالوطني إبراهيم غندور الى أن الحكومة لن تلغي دعم المحروقات بالكامل حتى نهاية العام المقبل.