يعتبر مشروع السجل المدني من المشروعات الإستراتيجية القومية ومن كبرى المشروعات في تاريخ السودان الحديث، كما أنه مشروع دولة، ويهم كل مواطن سوداني، ويهدف استخراج الرقم الوطني إلى تثبيت وحماية وصيانة الهوية السودانية في الوقت الذي تعرَّضت فيه الجنسية السودانية في فترات مضت لبعض الاختراقات وتحتوي استمارة السجل المدني على تفاصيل وبيانات دقيقة ومعلومات تشكل أهمية قصوى للمواطن وللدولة في مختلف الجوانب.. ولمنع الاختراق والتزوير أحيطت البطاقة القومية والرقم الوطني بسياج سميك من الحماية ابتداء من تسجيل البيانات مرورًا بالرقم المكون من (11) رقمًا غير متكرر وصولاً إلى البصمة العشرية وغيرها من البيانات الأخرى التي تصعب عملية التزوير فيها. وبالرغم من الإجراءات التي اتخذتها السلطات المختصة لتسهيل عملية التسجيل للمواطنين بكافة ولايات السودان غير أن سكان الولاية الشمالية يجدون مشقة كبيرة لإكمال استخراج الرقم الوطني.. وليس معنى استخراج الرقم الوطني مجانًا أن المواطن تم التخفيف عليه بل تبدأ المعاناة من قبل أن تأتي لهذه المجانية؛ لأنك لن تصلها قبل أن يصبح (جيبك قاعا صفصفا) والتي تتمثل في أن بالولاية الشمالية مركزًا واحدًا فقط يقبع داخل عاصمة الولاية (دنقلا) وهذا المركز يقصده سكان الولاية من حلفا في أقصى الشمال إلى مروي في أقصى الجنوب وما بينهما تذاكر السفر والإقامة والترحيل الداخلي وغيرها، وبالرغم من وجود مراكز تسجيل متحركة غير أن ذلك لا يعني أنها تصل إلى المواطن في الوقت الذي يحتاج إليه.. بينما المعاناة الكبرى لسكان الولاية هي أن مركز التسجيل يقع في أقصى الشمال الغربي لمدينة دنقلا حيث يقع مركز التسجيل في آخر المباني الحكومية بالولاية التي بها من المباني العديدة وكان بالإمكان استغلال واحدة منها لكي تخفف الأعباء على المواطن المغلوب على أمره وهو المتحمل لمتاعب لا حصر لها ولا عد في هذه الأيام بداية من (انطلاقة العام الدراسي رسوم الطلاب الجامعيين استقبال شهر رمضان المعظم تحمل عبء رفع الدعم عن المحروقات وما خلفه من زيادة في السلع الأساسية ووسائل المواصلات استمرار دفع أقساط الكهرباء لأكثر من ثلاث سنوات ولا يزال العرض مستمرًا ولا يدري أحد متى يتوقف هذا الاستقطاع ولمصلحة من يتواصل وأين تذهب هذه الأموال الطائلة وجميع مشروعات التنمية بالولاية متوقفة... إلخ)، وكغيرها من القرارات التي تصدر عشوائية ودون دراسة ودون رؤية يأتي قرار ربط استخراج الرقم الوطني لطلاب الشهادة السودانية هذا العام مع التقديم للجامعات السودانية في هذا التوقيت وفي هذه الفترة الحرجة، والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن ألا يمكن أن تكون هذه البداية من العام القادم حتى تهيء الأسر نفسها جيدًا لهذا الأمر خاصة أن استخراج الرقم الوطني مرتبط بعدة شهادات منها الجنسية وشهادة الميلاد وغيرها من الإجراءات، ثم إن الذي ليس لديه جنسية عليه استخراجها وهي بالطبع لن تكون بالمجان وبالرغم من أنها ستصبح ليست لها أية فائدة بعد استخراج الرقم الوطني مع العلم أنه كان بالإمكان اتباع نفس شروط استخراج الجنسية في استخراج الرقم الوطني بدلاً من إلزام الشخص باستخراج الجنسية التي لن يكون لها معنى بعد أقل من «42» ساعة من استخراجها أي بعد استخراج الرقم الوطني، وبالرغم من الانسياب السريع والتسلسل الجيد وتوفر الأجهزة والكوادر البشرية لإكمال الإجراءات في أسرع وقت بمركز التسجيل بدنقلا غير أن تبعات الاستخراج يشيب لها الولدان غير الصرف الكبير أثناء القيام بذلك في ظل محدودية الدخل للعديد من سكان الولاية، علاوة على الاكتواء بنيران المواصلات الداخلية بالمدينة.. عددٌ من المواطنين الذين التقتهم (الإنتباهة) من داخل مركز التسجيل أبدوا بعض الملاحظات التي صاحبت العملية الجديدة، ويرى الباقر جعفر محمد من مواطني محلية دلقو أن وجود مركز واحد لكل محليات الولاية لا يتناسب مع امتداد الولاية الجغرافي، مشيرًا إلا أنه كان يجب أن يكون هنالك مركز على رأس كل محلية؛ لأن مواطن المحليات الأخرى كثيرًا ما يعاني في سبيل الوصل لمكتب التسجيل بمدينة دنقلا وقد يضطر الشخص للمبيت في حالة عدم اكتمال بقية الإجراءات وقد يدفع الكثير في إيجار غرفة بالفندق غير أنه أشاد بالإجراءات السريعة والسهلة والميسرة بمركز التسجيل التي لن تأخذ وقتًا طويلاً لاستلام الرقم الوطني، بينما يرى المواطن محمد سيد (البرقيق) أن الإجراءات جميعها ميسرة فقط ينبغي للشخص أن يكون «مجهز» كل الأوراق المطلوبة.. وفي الوقت الذي حاولت فيه (الإنتباهة) استنطاق مدير مركز التسجيل بدنقلا المقدم محمد ياسين غير أنه رفض الإدلاء بأي تصريح بحجة أن المسؤول من المركز هو مدير الجمارك بالولاية العقيد عبد البديع الذي بدوره رفض الإدلاء بأي تصريح بعد أن استقبلني بحفاوة بمكتبه وحولني بدوره إلى مدير عام الشرطة بالولاية غير أن مدير مكتبه رفض إجراء أي حوار أو لقاء معه بحجة أن التصريحات الصحفية يقوم بها مكتب الإعلام والعلاقات العامة ومقره بالخرطوم وهكذا ضاعت إرشادات ونصائح وحقائق ومعلومات كنا نرغب استخلاصها من مسؤولي مركز التسجيل بدنقلا لعكسها للرأي العام بصورة عامة ما كنا نرغب في عرض بعض السلبيات والمشكلات التي تحتاج إلى معالجة من قِبل الجهات المختصة..