«الحق المعلوم لمعالجة ظاهرة التسول».. ذلك هو المشروع الذي تبنته أخيرًا حكومة ولاية الخرطوم ممثلة في وزارة التوجية والتنمية الاجتماعية، وعلى الرغم من أن المسألة تبدو في ظاهرها اجتماعية بحتة الا أن البعد السياسي فيها كبير وذلك أن التسول بات واحدًا من المظاهر السالبة للعاصمة وألقى بظلال سالبة على حركة السياحة ومعاملات المستثمرين نسبة لانتشار المتسولين في كل الطرقات وحتى أمام الفنادق والمحطات الرئيسة مما عكس صورة فيها كثير من القبح للولاية التي يفترض أن تكون متميزة في كثير من المناحي كونها قبلة للجميع. ولعل الوزارة المذكورة أحست بعظم المهمة التي تقع على عاتقها وقد عقدت أمس الأول لقاء تشاوريًا حملت تفاصيله صحف أمس الجمعة كشفت من خلاله الوزيرة مشاعر الدولب عن وجود أجنبي يمتهن التسول تم القبض على نحو ثلاثمائة وستة وأربعين متسولاً من دول الجوار تحاشت أن تسميها وهو مؤشر خطير يشير بدوره لمخاطر وتدفقات الأجانب بطرائق غير مشروعة على البلاد سيما وأن مشاعر أفصحت عن أمر آخر يمس أمن البلاد يتمثل في وجود عصابات تتاجر بالأطفال لجهة ممارسة مهنة التسول من خلال استئجار الطفل لمرافقة سيدة تمارس التسول بعشرين جنيهًا لليوم الواحد. حسم أمر التسول يبدو عصيًا نسبة لأنها حالة من الحراك تتغير مع متغيرات الظرف الاقتصادي ومع تغير الأوضاع بصفة عامة ولكن في ذات الوقت فالحكومة مطالبة بملاحقة من يحاولون تشويه صورة السودان وإظهاره في هكذا صورة والتي ستجعل الجميع ينفر من الخرطوم التي ازدادت أسعار الكهرباء وتم رفع الدعم عن المحروقات ما يعني أن «الفيها مكفيها»!! سبق أن أطلقت حكومة عبد الرحمن الخضر وعودًا بمحاربة ومحاصرة ظاهرة التسول ولم تُتبع تلك التصريحات الأفعال وكان ممن ذهب في ذلك الاتجاه معتمد الخرطوم عمر نمر ولعل خلفيته الأمنية أشعرته بخطورة ملف التسول ومدى إسقاطاته على أمن وسلامة الخرطوم ومع ذلك لم يفلح في إحداث اختراق في الملف ناهيك من بدء معالجات بشأنه إلا أن الخطوات التي شرحتها مؤخرًا الوزيرة مشاعر الدولب فيها كثير من الواقعية التي نفتقدها لدى كثير من المسؤولين عند تقديمهم لأطروحاتهم وبرامج عملهم أقلها أن الصدق بدا في كلمات الدولب عندما أقرت بضعف القوانين التي تردع الممتهنين للتسول ومضت في اتجاه اتخاذ تدابير وقائية لحماية ظهر حكومتها من خلال الاستعانة بمحامين لتقديم المتسولين للمحاكم بجانب السعي نحو ترحيل الأجانب منهم. هناك أحاديث هامسة تقول إن عددًا من المتسولين يقومون بترويج المخدرات من خلال وقوفهم في إشارات المرور وعند التقاطعات بعدد من شوارع العاصمة وهذا مهدد أمني آخر يحكم خناقه على العاصمة ما يتطلب تكاتف الجهود لملاحقة أولئك المجرمين الذين يستدر بعضهم عطف المواطن من خلال إبرازه لعاهة في جسدة.