لم يستعمر الإنجليز السودان إلا لنهب خيراته.. ولكن بالرغم من ذلك كانت ثقافة التقشف الاداري جزء من تربيتهم.. وربما يعجب المرء لأدق تفاصيلها.. تصور عزيزي القارئ حتى «الورق» الذي كان يستعمل في المكاتبات بدواوين الحكومة كان يشجع على الكتابة في الورقة «دبل فيس».. بل إن المكاتبة إن كان لا يتسع لها نصف الورق، لا يجوز للموظف أن يكتب في ورقة كاملة هذا يعتبر اسرافًا.. والإنجليز هم الذين اختصروا حتى لغة المخاطبة الديوانية ووجدوا التلغراف والاختزال وكل ما إلى ذلك من سياسات حتى إذ سودانهم كانت سودنتنا تنبع من ثلاثة ارادب غدا وثلاثة ارادب عشاء وثلاثة قدر محلبية وثلاثة قدر سرتية.. وبعد ده كلو نسيبتو قالت شوية وكمان: حرمان ما بدخلن عليّ. في رمضان العظيم لا نقدر سياسة التقشف.. يحكي لنا أحد الأعمام من الأقاليم حينما وجدنا في إفطارنا الجماعي بالشارع اتقفنا على أن تنظيم موضوع العصائد لاننا لاحظنا أن كل من بيوتنا السبعة التي تخرج الافطار تخرج بجانب تعدد المأكولات والوجبات عصائد يعني سبعة صحون عصيدة مملحة معظمها ترجع.. لذلك اتفقنا على تقشف ان كل يوم العصيدة على بيت.عمنا عجبتو الفكرة وضحك سألناه عن سبب الضحك.. قال عندنا هناك اللقمة البترجع ويدفقوها تكفي الحلة لسبعة رمضانات. «آل تقشف آل» على الوزنة المصرية.