جاء اختيار الزملاء بقسم الإعلانات للساحة الخضراء لإقامة إفطارهم السنوي لهذا العام بعد أن تم إعمارها وتحويلها لحدائق عامة، ولعل كبر المساحة وتشابه وحدات الساحة ثم كثرة الناس جعلت من الصعوبة أن تجد المجموعة التي تبحث عنها، خاصة اذا شارف الزمن على موعد أذان المغرب، وهذا ما حدث بالضبط وقبيل موعد الإفطار بدقيقة. ووقف بالقرب من مجموعتنا شاب في مقتبل العمر وهو يتحدث بالهاتف ويحمل إناءين كبيرين بداخلهما ما لذ وطاب، وظل يعتذر لمن يتحدث معهم ويعلن لهم أنه سيطلب حق اللجوء السياسي مع أقرب مجموعة أجنبية، وبسماحة سودانية رمضانية انضم الشاب النيَّل الكباشي لمجموعة «الإنتباهة». وبعدها دار حديث حول كثير من القضايا، وظل يحكي عن تجربته مع التنقيب عن الذهب ودراسة القانون، وقال إن رجلاً بسيطاً في مناطق الذهب سألناه بسخرية عن وضع هذه البلاد وما رؤيته للوضع الراهن، فقال انه لن ينصلح الحال إلا إذا أُبيد هذا الجيل وجيء بجيل جديد، ولعل الرجل يقصد بالإبادة إبادة الفكرة لا النوع البشري، أي وضع مناهج جديدة لتربية جيل جديد.. بالمناسبة ود الكباشي محظوظ لأنه انضم لمجموعة داخل الساحة، والغالبية لم تتمكن من الدخول، فتناولت إفطارها بالخارج. الطلاب ب «الإنتباهة» لشهر رمضان خصوصية في السودان، وفيه تتعدد مظاهر التواصل والتكافل والتراحم، ومن أشهر تلك المظاهر أن يحمل الشخص إفطاره المتواضع «العصيدة والملاح» ويذهب بها لمن يحب، فيتشارك الجميع السماحة والملاحة واللقمة الحلال.. هذه القيمة العرفانية جعلت الاتحاد العام للطلاب السودانيين يحمل «عصيدتة» ويتواصل بها عرفاناً لمن يحب من اهل الصحافة، واليوم يحل الاتحاد ضيفاً عزيزاً على مائدة «الإنتباهة» فيكون له بذلك اجر المبادرة والفكرة والتواصل. أفق قبل الأخير: تطور وسائل الاتصال جعل من رمضان موسماً لأدب الرسائل القصيرة، وهذه واحدة منهن تقول: أسال الله أن يجعلكم ممن شملتهم رحمته في عشر مضت.. وممن شملتهم مغفرته في عشر أتت.. وممن يعتقون من النار في عشر بقت.. وأن يرزقكم مناجاته في ليلة القدر.. وألا ترد لكم دعوة، وألا تسلب منكم نعمة، وان يكرمكم بقضاء حوائجكم ويعطيكم خيري الدنيا والآخرة. أفق أخير: اختفت إفطارات الشوارع العامة بسبب الأمطار.