أبحرت «الإنتباهة» بين شعراء وأدباء ومثقفين كثيرين ولكن اليوم تقف على شاطئ بحر المثقفين بالمملكة العربية السعودية فالتقت الشاعر والكاتب السعودي سمو الأمير طلال بن سلطان آل سعود بن عبد العزيز، فهو شاعر وكاتب متميز صاحب مفردات عذبة ومنهج مختلف، عندما التقيناه وجدنا الثقافة والتواضع واحترامه للثقافات الأخرى، بدأ الشاعر مسيرته الشعرية منذ سن «19» عامًا وظهر باسم الخيل الأصيل، ولم يكن آنذاك يعلم أحد أنه ابن سمو الأمير سلطان بن عبد العزيز لما يتميز به سمو الأمير من التواضع، ولأنه أراد أن يرى الناس تجربته الشعرية عن صدق دون مجاملات بعد ذلك غيّر اسمه الشعري إلى الشاعر المجلى ويعني الجواد الأصيل وأيضًا مأخوذ من الجلاء والوضوح.. كان لنا معه هذا الحديث السلس.. ٭٭ حدثنا عن بداياتك الشعرية ومتى اكتشفت الموهبة لديك؟ كانت البداية وأنا عمري «19» عامًا ولم تكن سهلة وقراري في دخول الوسط الأدبي كان مصيرياً ونقطة تحول في حياتي حيث استندت إلى إيماني الكبير بالله ثم بما أقدم من شعر كان نتاج شعور وتجارب إلى جانب الإرادة القوية والعزم على المثابرة. ٭٭ ما هي أول قصيده كتبتها وفي أي الظروف كانت؟ أول أبياتي أتت تلقائية تقول: لهيب الأشواق... عند المغيب والمها .... ما يستكين تناجي الغيم والموج .... من يبرد نار جمر ... وحنين وهي من قصيدتي «لهيب الأشواق» أعتز بها كثيراً وأحبها علماً بأني كتبتها فجراً عام «2003»م. ٭٭ هل وجدت من يقف بجانبك في مسيرتك الشعرية؟ كانت الإرادة أكبر سند وكذلك الهدف، من ثم والدي رحمة الله عليه شجعني ولم يعارض مسيرتي، أما والدتي الله يحفظها رحبت بالفكرة بعد أن اقتنعت بموهبتي. هل للبيئة تأثير على الشاعر؟ الشاعر أو الكاتب هو ابن بيئته هذا هو العُرف، أما الشاعر المتمكن فهو الذي يستطيع مخاطبة بيئات متنوعة تختلف عن بيئته الأصلية. ٭٭ شاعر اقتديت به؟ ما أقدمه شيء مختلف وجديد لم يسبق لشاعر أن قدمه كفكرة قصيدة من نص وإلقاء، جُل طموحي هو تأسيس مدرسة شعرية تخص الشاعر المُجلى.. ٭٭ ما هو تأثير اطلاعاتك الثقافية على مسيرتك الشعرية؟ بكل تأكيد متعددة وفي مجال المدارس الشعرية القديمة منها والحديثة العربية والغربية، علماً بأن أنماط الشعر التي وُجدت منذ القدم في التاريخ العربي وحتى المعلقات أحاول أحيائها من جديد بطابع حديث برؤيتي الخاصة، وهذا يتضح من خلال أعمالي التي أحرص على أن تحاكي مختلف الأنماط والأنواع والثقافات بقالب راقٍ. ٭٭ لكل الشعراء قابلية لدى الشعوب الأخرى.. ما هي ملاحظاتك على هذا التجاوب؟ محاكاة الشعوب من منطلق ثقافاتها.. لهجاتها ولغاتها وتوحيدها بقالب مضمونه المحبة والوئام تحت راية الأدب والشعر من شأنه تعزيز التبادل الثقافي والإنساني فيما بينها للحصول على حضارة راقية.. ٭٭ ماذا يمثل الشعر في عصر التكنولوجيا الحديثة وتأثيرها عليه؟ يمثل مرحلة ومساحة تواصل مهمة جداً خاصة مواقع التواصل الاجتماعي الفضل لله حققت نسبة متابعة عالية من الجمهور وفي زمن قياسي بواسطة صفحتي الشخصية على «الفيس بوك» التي أطرح فيها أعمالي ونشاطاتي وكل ما أكتب، أيضاً من خلال روابط تخصني على الفيس بوك مثل «حرب الزهور» و«صالون عرش الشوك» وصفحة الإعجاب الخاصة بأعمالي. ٭٭ يتعرض الشعر للعديد من القضايا الاجتماعية.. هل تعتقد أنه يكفيها؟ بالطبع هناك قضايا مهمة وليس هناك مجتمع كامل لا توجد فيه ثغرات والتي نسعى لملئها إيجابياً وأوجه رسالة إلى الشعراء العرب الملتزمين بقيم الرسالة الأدبية عدم إثارة الفتن وتأجيج الصراعات الداخلية التي تمس الأمن والاستقرار في أوطانهم، وفي الدول العربية الشقيقة من خلال أعمالهم الأدبية، بل الأجدر أن يعملوا يداً بيد على وأد رؤوس الفتنة والشغب والمساعدة على تهدئة الأوضاع السياسية الصعبة التي يمر بها وطننا العربي وذلك بتوحيد صفوف الشعوب الغالية وحكوماتها والسعي لاستقرارها وتبرئة جراحها بأفضل السُبل الممكنة والبعد عن إشعال الوضع أكثر مما هو عليه؛ فهذه مهمة الشاعر الوطني القومي الحقيقي. ٭٭ قلت خلال تصريحك لصحيفة الشرق السعودية أنك ترفض غناء أشعارك.. لماذا والغناء وسيلة من وسائل الانتشار؟ صحيح؛ وهذا منهجي منذ البداية.. حريٌ بي أن أقول إن غناء القصائد يحقق انتشاراً واسعاً للشاعر فتضعه وسط الأضواء بغض النظر عن شعره إن كان جيداً أم لا، ولكنها تبعده بعداً كبيراً عن جمالية مفهوم الشعر التجريدي وعذوبة إلقاء كلمته وفقدان الحالة الشعرية والبعد عن هدف أمة اقرأ في نشر اللغة العربية التي ننتمي إليها.. ٭٭ إذا طلب منك فنان سوداني غناء قصيدةٍ ما هل توافق؟ بالتأكيد لا أوافق..!! ٭٭ لماذا؟ لأن جوابي واضح، ومع تقديري للفنانين السودانيين إلا أنني أرفض للكل أن يتغنى بأشعاري؛ فأنا أريد أن أعيد عصر القصيدة بإلقاء شعرها دون اللجوء إلى الغناء والطبل والزمر لتوصيل الكلمة واعترف أن منهجي مختلف وصعب ولا يخدمني في الانتشار ولكن هذه رسالتي الأدبية التي أسعى لتوصيلها. ٭٭ هل لديك علاقة بشعراء سودانيين وهل تقرأ الشعر السوداني؟ عامة المدن التي تحيا على ضفاف النهر تحمل إبداعات أدبية بين سكان تلكم المدن، وسمعت الشعر السوداني من شعراء كثر عدة مرات، ووجدت فيه إبداعًا وتجسيدًا لدور الحب والأرض وحتى الغناء السوداني ذو طابع شجي، ولكن الإعلام العربي لا يسلط عليه الضوء مع الأسف. ٭٭ هل تفكر في زيارة للسودان والتعرف على ثقافاته؟ السودان فيه الأمانة والطيبة متأصلة في شعبه.. كما أن هناك نخبة كبيرة مثقفة وعسى أن يكتب لي الله زيارته والتعرف على ثقافته أكثر. ٭٭ هل كتبت شيئًا عن رمضان؟ كتبت نصيحة لجمهوري العزيز هي أبلغ من كل القصائد أو المقالات في هذا الشهر الفضيل ألا وهي الابتعاد عن مشاهدة المسلسلات والملهيات والتفرغ للعبادة والقرآن الكريم وبعد انقضاء رمضان يستطيعون مشاهدة ما يفضلون في العيد وسائر الأيام. ٭٭ كلمة أخيرة؟ أشكرك وأجزله لصحيفتكم العامرة وكادرها، كانت الأسئلة مختلفة عما قدم لي وإن شاء الله يتم التواصل بيننا وأقول لكل الشعب السوداني كل عام وأنت بخير والوطن العربي أكثر استقراراً.. قصيدة للأمير طلال بن سعود آل سلطان بعنوان «عاد الشتاء».. هبت الريح ُوبدا لي الفرح ذبيحًا نظرت إليها نظرة الحسم رافعًا يدي المطالبة وقلت: لقد عاد الشتاء رد ِ لي معطفي لا أدري لما يغمرني معطفي بعالم حنانه أكثر منكِ ويحيطني بفهم مزاجي مطلق عند ساحات الصراع الصفراء هناك أخذت أتسلق أبراج فكري ووطئت أعلى قمة فيها و دنوت لأراكي من شرفتها كم أنتي بعيدة سابحة عنيدة تمازحين عواصف بكراتك الثلجية لقد عاد الشتاء رد ِ لي معطفي الذي حماكِ بعدما جرت نفسي منه أملاً بتعويض ٍ من أحلامك أكثر حرارة تتقدين كي تصهريني رخاماً وأكثر برداً أتجمد لمقاومة وهجك وسهامك وللموعد حظه العاثر بيننا فمزاجي الدائم هو الشتاء وفاكهتي الدفء والصفاء فمن فضلك أقولها بحنان عاصف رد لي معطفي فقد عاد من يشعرني بأني أتنفس شتائي.