السؤال: حلفت بالصيغة التالية في حالة غضب أمام زوجتي وهي حامل: علي الطلاق، علي الطلاق، علي الطلاق أي ثلاث مرات متتالية أن لا أمكث في هذا البلد سنة ثانية، وأقصد البلد التي أنا مغترب فيها، وكان في نيتي عدم المكوث وليس الطلاق، فالسؤال هو إذا مكثت ولم أعُد لبلدي الأصلي هل يقع الطلاق؟ وهل يكون طلقة واحدة أم ثلاث طلقات؟ وإذا لم يقع الطلاق فماذا يتوجب علي؟ أفيدوني أثابكم الله. الجواب: فالواجب أن تعلم أنه لا يجوز الحلف بغير الله عز وجل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم «من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت» والحلف بالطلاق يمين الفساق كما يقول علماء المالكية رحمهم الله تعالى، فالواجب عليك التوبة إلى الله من هذه اليمين، وما دمت لم تنوِ طلاقاً فإن الواجب عليك في حال الحنث كفارة يمين بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، والله تعالى أعلم. معاناة في التربية السؤال: أود أن أطرح مجموعة من الأسئلة للاستفادة من أرائكم في تربية أبنائي: أولاً: هل هناك فرق في التربية بين البنت والولد؟ ثانياً: يعتقد بعض الناس أن تعليم الأبناء التعاليم الدينية وتربيتهم على ذلك نوع من التشدد والتعصب خاصة الصغار دون السابعة كيف نرد عليهم، مع العلم بأني إذا علمتهم بعض الأمور يقولون لهم أنتم صغار وحرام عليكم... ولربما تركوها؟. ثالثاً: أقبل النصح وأستمع إليه من الآخرين بخصوص تربيتي لأبنائي، لكن بعض المقربين يتدخلون في تربيتي لدرجة التشويش على أبنائي فلا يعلمون أين الصواب والخطأ ولربما قاطعوني، فهل التربية خاصة بالأبوين مع الاستماع وتقبل النصح من الآخرين أم هي للمجتمع كافة بصوابها وخطأها؟ كيف أتصرف مع أبنائي عندما أعلمهم أو أمنعهم من شيء، ويأتي أهلهم ونحن نسكن معهم يطلبون منهم فعل أشياء معاكسة لما نعلمهم فتعلموا الكذب وعدم احترامنا وفعل ما يريدون، وبغض النظر عن نتائجه أو أنه صحيح أم خطأ، وذلك بحجة ترك الأطفال على حريتهم وعدم التشدد معهم وعندما يكبروا يتعلموا..؟ أخيراً هل يجوز لي أن أطلب من زوجي الانتقال من بيت أهله؛ لأن ذلك يؤثر على تربية أبنائي، مع العلم بأنه لا يبالي فأهم شيء عنده عمله ونجاحه فيه، وأبناؤه في المرتبة الثانية؟ جزاكم الله عنا كل خير ونأسف على الإطالة، نفعنا الله بكم خيراً وزادكم وزادنا علماً وجعلنا من أهل الجنة أجمعين. الجواب: فبداية لا بد من التذكير أختي الفاضلة بقول ربنا جل جلاله (لقد خلقنا الإنسان في كبد) فهذه الدنيا لا تخلو من مكابدة وصراع بين الحق والباطل والخير والشر والهدى والضلال، والواحد منا قد يعاني في سبيل ذلك من نفسه الأمارة بالسوء وذوي القربى الذين لا يذكرونه إذا نسي ولا يعينونه إذا ذكر، وقد قيل: إني بليت بأربع ما سلطت ... إلا لأجل شقاوتي وعنائي إبليس والدنيا ونفسي والهوى ... كيف الخلاص وكلهم أعدائي؟ إبليس يسلك في طريق مهالكي ... والنفس تأمرني بكل بلائي وأرى الهوى تدعو إليه خواطري ... في ظلمة الشبهات والآراء وزخرف الدنيا تقول أما ترى ... حسني وفخر ملابسي وبهائي؟ وعليه فإن المطلوب يا أختاه أن تجتهدي في تربية أولادك على مكارم الأخلاق ومحاسن العادات وتصبري في هذا الطريق الطويل وتستعيني بالله عز وجل، وقد قال سبحانه (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين) وجواباً على ما سألت أقول: أولاً: الذكر والأنثى كلاهما يربيان على حب الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم وآل بيته وصحابته وتلاوة القرآن ومكارم الأخلاق، لكن ينبغي تعويد كل منهما على أنه ابن جنسه؛ فينشأ الذكر على معاني الرجولة وتحمل المشاق والتصدي للأخطار، وتنشأ البنت على معاني الحياء والخفر والتستر والمباعدة بينها وبين الذكور. ثانياً: ليس صحيحاً ما يعتقده البعض أن نترك الأولاد حتى يكبروا ويتعلموا من الدنيا، بل على الأبوين مسؤولية عظيمة في ذلك، فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان علَّمه أبوه، وقدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال لابن عباس رضي الله عنهما «يا غلام إني أعلمك كلمات» وقال لعمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما «سم الله، وكل بيمينك وكل مما يليك» وقال للحسن بن علي رضي الله عنهما وقد رآه يأكل من تمر الصدقة «كخ إنما هي أوساخ الناس لا تحل لمحمد ولا لآل محمد صلى الله عليه وسلم» وجماع ذلك قوله عليه الصلاة والسلام «علموا أبناءكم الصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر». ثالثاً: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، وقبيح بالأهل أن يتدخلوا في كل صغيرة وكبيرة، بل عليهم أن يتركوا للأبوين حرية تربية أبنائهم على كريم العادات وصالح الفعال؛ لأن تدخلهم قد يفضي إلى فساد عريض، كما أن على الأب أن يقوم بدوره المعهود في الإشراف والمتابعة، فلا بد للتربية من أجل أن تثمر أن تطير بجناحين هما الأب والأم، ولا يغني أحدهما عن الآخر، والله الموفق والمستعان.