قبل أن تنتهي الحرب العالمية الأولى وفي إطار العمل من أجل تحقيق مطامعها الإمبريالية في المنطقة العربية قامت بريطانيا وهي يحركها المخطط الصهيوني الصليبي قامت بإرساء أسس الوطن القومي اليهودي في فلسطين حين أعلن وزير خارجيتها يومها إعطاء وعد بلفور المعروف باسمه للحركة الصهيونية وذلك في 29 تشرين الثاني عام 1917م والذي أعلن فيه أن بريطانيا تنظر بعين العطف إلى إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين وقد فهمت الحركة الصهيونية يومها وعد بلفور وفسرته على أنه يشتمل على الأراضي الواقعة على ضفتي نهر الأردن حيث إنه لم تكن فلسطين آنذاك حيزاً جغرافياً دولياً محدداً بل لم تكن مجرد إصلاح إداري ضمن الدولة العثمانية وإنما كانت اسماً تاريخياً وجغرافياً فحسب دون أن تكون له حدود سياسية لدولة متعارف عليها ولم يجر هذا التحديد إلا في نهاية الحرب العالمية الأولى ضمن التسويات التي تمت بين الحلفاء في تلك المرحلة باتفاقية سايكس بيكو وما تلاها، وعندما رسمت الحدود كان المفهوم الصهيوني الصليبي يتلاءم مع الأطماع الجغرافية والتوسعية في الأراضي المجاورة وموارد المياه العربية وقد جاء أول تحديد رسمي صهيوني صليبي لحدود الدولة التي وعدوا بإنشائها في المذكرة التي رفعتها المنظمة الصهيونية العالمية إلى المجلس الأعلى لمؤتمر السلام في باريس في 3 شباط سنة 1919م وقد رسمت هذه المذكرة حدود فلسطينالشرقية على الشكل التالي أي أنه في الشرق خط محاذ للخط الحديدي وغرباً منه ينتهي في خليج العقبة، وتضيف المذكرة بعد ذلك أن السهول الخصبة الواقعة إلى الشرق من الأردن كانت منذ أقدم عصور التوراة مرتبطة اقتصادياً وسياسياً بالأراضي الواقعة غربي النهر ولم تقف مطامع الحركة الصهيونية وتأكيداتها تجاه احتلال شرقي الأردن عند حدود تقديم هذه المذكرة ففي السادس من كانون الأول عام 1919م حددت الحركة الصهيونية مطامعها في الاستيلاء على منابع نهر الأردن ومياهه حيث أعلنت أن الحقيقة الأساسية فيما يتعلق بحدود فلسطين لا بد من إدخال المياه الضرورية للري والقوة الكهربائية ضمن هذه الحدود، وهذا بالضرورة يشمل مجرى نهر الليطاني ومنابع مياه الأردن وثلوج جبل الشيخ، واستمراراً لهذا النهج اتخذت الحركة الصهيونية قراراً في تشرين الثاني في عام 1920م عن طريق مجلسها الاستشاري أعلنت فيه أنه يصر سكان فلسطين وبالإجماع على أن تشمل الحدود الشمالية القسم الأسفل من الليطاني وكل منطقة وادي الأردن وجميع روافده ومجاريه ولذلك فهم يطلبون إلى المندوب السامي اتخاذ الخطوات اللازمة، وقبل هذا التاريخ كانت الحركة الصهيونية قد أعلنت وبتاريخ الخامس من إيار سنة 1917م عن احتجاجها في نشرة فلسطين الصادرة باسمها على معاهدة سايكس بيكو السرية والتي اتفقت بموجبها كل من بريطانيا وفرنسا على تقسيم المنطقة وفي الثالث من شباط عام 1919م تقدمت المنظمة الصهيونية العالمية بمذكرة إلى المجلس الأعلى لمؤتمر السلام في باريس أوضحت فيها معالم الحدود التي تريدها لفلسطين أي للأراضي التي يراد تحويلها إلى دولة صهيونية وقد طالبت هذه المذكرة الدول المجتمعة في مؤتمر الصلح بباريس بأن تقدم اعترافاً بما سمّته الحق التاريخي للشعب اليهودي في فلسطين وكذلك حتى اليهود في أن يعيدوا إنشاء وطن قومي لهم وتورد هذه المذكرة أن حدود فلسطين يجب أن تتبع أنه في الشمال تبتدئ الحدود بنقطة تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط بجوار صيدا وتتبع مجاري مياه الجبال اللبنانية حتى جسر القرعون ومنها إلى البيرة متبعة الخط الفاصل بين حوضي وادي القرن ووادي التيم ثم تسير في اتجاه جنوبي متبعة الخط الفاصل بين السفوح الشرقية والسفوح الغربية بجبل الشيخ وهذا جزء من الإشارات إلى المخططات الصهيونية وخطورتها على الوطن العربي.