قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا هذه الكلمات توضح مكانة المعلم السامية في المجتمع فهو يخرج من بين يديه الطبيب والمهندس والسياسي وكل فئات المجتمع، وبه ترقى الأمم وينير ظلام العقول لهذا استحق هذه المكانة السامية لكن الشيء الملاحظ في الآونة الأخيرة قلّ احترام المعلم من قبل الطلاب ليس ذلك فحسب وإنما يتم الاعتداء على المعلمين بالضرب مثل ما حدث مع معلمي مدرسة الفتح الثانوية بدنقلا، واعتداء الطلاب عليهم بحجة المعاملة السيئة وهذه ليست الحادثة الأولى فقد تم الاعتداء من قبل أحد الطلاب على معلمه بالضرب الذي أدى لوفاة المعلم في إحدى قرى ولاية نهر النيل، قبل عدة أعوام أيضاً تم الاعتداء على إحدى المعلمات من قبل بعض الأهالي بحجة أنها قامت بضرب ابنتهم أثناء الدرس، فما الذي تغيّر حتى وصلت مكانة المعلم إلى هذه الدرجة، حول هذا الموضوع قمنا باستطلاع خبراء في المجال التربوي فكانت إفاداتهم على النحو التالي.. مخرجات نظام التعليم! يوضح د. محمد صالح أحمد خبير تربوي: إن ما حدث لهؤلاء الأساتذة من قبل الطلاب شيء مؤسف وتكرار مثل هذا التعدي لا يعفينا كتربويين أن ننظر إلى العملية التربوية برمتها، لأن هذه مخرجات نظامنا التعليمي وهذا ما وصلنا إليه اليوم ويدعو إلى مراجعة العملية التعليمية والتربوية برمتها والنظر إلى الغايات والأهداف التربوية والتعليمية بمعنى أنها لم تؤدِ إلى مخرجات فعالة تؤدي إلى النظر في مشكلات وهموم المجتمع والمساهمة في تطوير البلاد هذا من جانب، ومن جانب آخر نحن نعتقد أن هنالك بعض الأسباب التي أدت إلى أن يصل الحال إلى ذلك منها: عدم الصرف على التعليم والاعتناء بالمعلمين والمتعلمين من قبل الدولة أدى إلى إهمال العملية التربوية والتعليمية، أيضاً إهمال النظام الإداري وعدم تحديد مواصفات ومعايير للإداريين في المدارس وفي إدارة التربية والتعليم أدى إلى وصول قيادات تربوية ضعيفة وغير مهتمة بالعملية التعليمية والتربوية، أيضًا أدى إلى انصرافهم من العمليات التربوية إلى همومهم الشخصية وإهمال المدارس والطلاب وهؤلاء ربما وصلوا إلى هذه المناصب الإدارية إما بسبب الكادر المفتوح الذي طبقته وزارة التربية والتعليم والذي أدى إلى وصول الإداريين إلى المناصب دون الأخذ في الاعتبار الخبرة والتدرج الوظيفي أو نتيجة للولاء السياسي أو نتيجة إلى الانتماء إلى جهات أو خلافه أيضاً وضع وزارة التربية والتعليم هي كانت وزارة التربية والتعليم لكن أصبحت وزارة التعليم العام فأصبحت تهتم بالتعليم أكثر من التربية وفي التشكيل الوزاري هي وزارة ترضيات لأحزاب سياسية فيقوموا بتغيير النظام حسب رؤية الحزب مما أدى إلى التأثير السلبي على العملية التربوية، كذلك العملية التعليمية فاقدة إلى الجانب العملي التطبيقي من فقدان المعامل والورش وغيرها من الوسائل التعليمية بالمدارس أدى إلى أن يعيش الطلاب في أوقات فراغ فاذا كانوا مشغولين في جو علمي لا ينصرف تفكيرهم إلى هذه التصرفات السلبية. معالجة أوضاع التعليم ويبيِّن د. محمد صالح أن المعالجة لهذه الأوضاع هي الاهتمام بالجوانب التربوية وتدريب المعلمين وإعطاؤهم جرعات من العلوم التربوية لأن «70%» من المعلمين غير مدربين على العملية التربوية تدريب مفيد مما يؤثر في تعاملهم مع الطلاب مما يؤدي إلى هذه الاحتقانات. استنكار ويقول د. عوض أحمد أدروب خبير تربوي: أولاً نحن كأساتذة وخبراء نستنكر أي سلوك عنف خاصة إذا كانت من طلاب لأساتذتهم وطبعاً سلوك العنف له أسباب كثيرة من ضمنها السن العمرية للطلاب في سن المراهقة تؤدي إلى أن يتصرفوا تصرفات عدوانية ويرجع ذلك إلى غياب الأنشطة الحوارية فإذا لم يتحاور البشر يتعاركوا فلذلك نحن نوصي باتاحة فرصة للحوار، وفي مناهجنا ينبغي أن تبث قيم السلام والحوار واحترام الآخر والنقد البناء وقيام الاتحادات بالمرحلة الثانوية واختيار الطلاب الناضجين والمفكرين وذوي الأخلاق العالية ليتبنوا حل مشكلات الطلاب مع الإدارة بالتي هي أحسن، وأيضًا غياب التربية الوطنية بالمدارس مما أدى لوجود آثار سالبة ويجب بث مفاهيم قيم التربية الوطنية ونشر ثقافة السلام وتوفير المناخ الديمقراطي للطلاب حتى يبدوا آراؤهم المختلفة أياً كانت سياسية ثقافية وغيرها، وأيضًا سلوك العنف لدى الطلاب نتيجة لسياسة العنف السائد في العالم والذي تبثه الفضائيات المختلفة، وما بدر من هؤلاء الطلاب مهما تكن أسبابه يتنافى مع قيم الشعب السوداني الكريم وأخلاقياته، وفي كل الأجيال السابقة قبل التسعينيات لم تكن موجودة فكان الاحترام والتقدير هو الذي يسود المدارس، أيضًا هنالك أسباب أخرى فمعظم إدارات المدارس في السودان آلت لأساتذة أقل درجة وظيفية وكفاءة علمية وخبرة وطبعًا هذا من جانبه يؤثر على العملية التعليمية برمتها فالوظائف التنفيذية حسب قوانين الخدمة المدنية هي بالخبرة والأقدمية والدرجة العلمية والكفاءة الإدارية حتى يسود مناخ الاحترام والتقدير بين الإدارة وطلابها فيجب أن يكون المدير خبرة مقنعة حتى يتم احترامه من قبل الأساتذة والطلاب.