هل قابلت رغيفاً في الآونة الأخيرة؟ ربما في بيت عزاء مثلاً؟ هل لاحظت أن الرغيفة المسكينة وبعد رحلة معاناة وحرق قد فقدت كثيراً من وزنها؟ أغلب الظن أن الجهات التي تعد الرغيف قد عرضته لجهجهة عصرية في العصرية حتى تقوم بتعليمه كيف يتجنب زيادة الوزن التي ربما تسبب له مرض السكري طالما أن النشويات تتحول في النهاية إلى جلكوز والجلكوز يتحول لسكر، وبالتالي يرفع مستوى السكر في الرغيف. وقطعاً هذا ليس في صالح الرغيف. إن التدهور المستمر في وزن الرغيف كان مقصوداً، وذلك مراعاة للأمور التي ذكرناها. ولكن هناك جانب آخر أدى إلى تدهور الرغيف بمثل تلك الحالة، فهو يتعرض باستمرار إلى الغبار والأتربة المحملة بذرات بعر الغنم والحمير والنعاج والخرفان، وفوق ذلك أطنان من ذرات التمباك الذي يبصق في أي مكان، نسبة لأن الرغيف يولد عارياً ويصبح ويمسي عارياً من أي غطاء يقيه من تلك الأتربة والغبار. وعليه فقد كتب شاعرنا الأستاذ شمس الدين حسن الخليفة قصيدة يوضح فيها حال ذلك الرغيف المخيف بعد أن يكون قد حمل على وجهه كمية من الغبار والأتربة. والقصيدة تتحسر على حال رغيفنا «الكشَّ» فيقول: يا حليل رغيفنا الكش زي «قطعة» أوَّل فشه ليه صحَّتو بتتدهور؟ في «كوما» يمكن خشّ؟ شهرين تلاته ويصبح في وزنو زي القشّه وفوق العليهو مغبر بالتمباك قعد يترشه جوعنا ارتفع «أمبيرو» والحالة أصلاً هشه الزول مضمّر خصرو بالببسي ما «بتدشا» يفقد سوائل جسمو لا من يقوم يتمشى دي رشاقة جات جبرية كون واعي ما تتغش من الهموم ألفيه الرأس صبح كالورشه العنقريبو مقطَّع نام فيه من غير فرشة والماش «كُدر» بتغزل في الحافلة.. خلي الركشة في الحال ده نحن نصارع والناس جميع في ربشه كل يوم زياده جديده تهرس عضامنا الهشه وتقول ده صيف من بعدو تغشانا يمكن رشه يطلع رغيفنا اشاعه ومغستو ما بتنفشّ نحن الفقر زاملنا والجيب زمان انقش ما بتجبر الماهيه خاطر الحشا الاتحش وأهل المعاش في ورطه وجيوبا عميا وطرشا والسوق بضاعتو البايره ما بترضى حتى الهبشه أهل البقالات جضوا من الزبون الطشّا واللحمه منها فزوا وكأنو جاتم كشّه وفي ناس تلاقي الواحد حالاً تصيبو الدهشه... لو سمعو بالشي الحاصل ليهم اكيد ما بيغشى التخمه سادّه أضانهم وعن زي ده عينهم عمشه هم في الجداد والمحشي وناس ماها لاقيه الكرشه ديل في العصير والبيرقر وتقول دي ساكت فرشه وناس ما ها لاقيه سخينه تتغدى ما بتتعشى البوش هرد مصرانهم ونسوا الحلل والكمشه المال نساهم وفارق فات من جيوبهم طشّ حتى العدس اتنكر للعشره.. ما بي الهبشه ديك ناس هيام وهنادي وديل ناس بخيته وعشه مين بالغلابى بيشعر؟ أهل الوجوه الغبشه صابرين لعلها تفرج يرتاحوا من الرعشه وبيامنوا ب «العند الله أقرب» وما بتتنش ويعود رغيفنا لحالتو ويدهشنا آخر دهشه آخر الكلام: دل على وعيك البيئي.. لا تقطع شجرة ولا تقبل ولا تشتر ولا تهد هدية مصنوعة من جلد النمر أو التمساح أو الورل أو الأصلة أو سن الفيل، وليكن شعارك الحياة لنا ولسوانا. ولكي تحافظ على تلك الحياة الغالية لا تتكلم في الموبايل وأنت تقود السيارة أو تعبر الشارع، واغلقه أو اجعله صامتاً وأنت في المسجد. «وخلي بالك من طاولة الرغيف مكشوف الحال»