بروفيسور محمد عثمان صالح، من مواليد قرية مقاشي، أب وجد لعدد من الأبناء والأحفاد تلقى تعليمه في مراحل دراسية مختلفة حيث كانت المرحلة الأولى مرحلة الخلوة والأولية في مسقط رأسه ثم المتوسط والثانوي بمدينة بورتسودان، تخرّج في جامعة أم درمان الإسلامية في عام «1966م» بكلاريوس دراسات إسلامية ثمّ عُيّن معيدًا بذات الجامعة ليُبتعث بعدها إلى بريطانيا لنيل درجة الماجستير ثم الدكتوراه من جامعة أدنبرة في عام «1976م» بعنوان (الدراسات المقارنة في الأديان)، ثم عاد ليعمل أستاذًا مساعدًا بالجامعة الإسلامية ثم بروفيسور وعُين عميدًا لكلية الدراسات الإسلامية وأنتدب بعدها للعمل بالمملكة العربية السعودية جامعة الأمير محمد بن سعود ليعود ويعمل عميدًا، وأنشأ كلية الدعوة والإعلام بالجامعة الإسلامية وبعدها عمل مديرًا لجامعة القرآن الكريم ثم وزيرًا للتربية والتوجيه بولاية جنوب كردفان ثم مديرًا لمركز أبحاث الإيمان كما عمل مديرًا لجامعة أم درمان الإسلامية في الفترة من «2001م 2009م» ويشغل الآن منصب أمين هيئة علماء السودان.. (تقاسيم) التقته في هذا الحوار لمعرفة الجانب الآخر من حياته ونحن في خواتيم الشهر الكريم.. نحن في خواتيم شهر رمضان هل تذكر لنا ذكرى أول يوم صيام في الطفولة؟ صمت في بلدي مقاشي وأنا تلميذ في الخلوة كان عمري وقتها «9» سنوات وكنت حافظًا لقدر من القرآن الكريم وقتها وكان يومًا صعبًا للغاية ورمضان كان في فترة الصيف فقضيت اليوم ما بين البحر إلى تحت الزير إلى أن اكتمل اليوم، وقدر ما حاول أهلي إثنائي عن متابعة اليوم لم يفلحوا ومن ذلك الوقت لدي إصرار شديد والحمد لله. ما هي الوجبة الرمضانية المفضلة لديك؟ في رمضان وفي غير رمضان وجبتي المفضلة «القراصة بالتقلية أو دمعة الدجاج». وجبة تحرص عليها في وقت السحور؟ أي شيء خفيف في السحور، قطعة فاكهة وأحيانًا رقاق باللبن. بالتأكيد هنالك اختلاف كبير ما بين رمضان في القرية (مقاشي) والعاصمة الخرطوم صف لنا رمضان في القرية؟ أنا منذ أن كان عمري «12» سنة وبعد ختمي للقرآن كل حياتي الدراسية كانت خارج القرية حيث قضيت «8» سنوات بالمتوسط والثانوي و«4» سنوات بالمعهد العلمي ببورتسودان ثم الكلية الإسلامية بأم درمان (الجامعة الإسلامية الآن) وحينها كنت رئيسًا لاتحاد الطلاب وكل أيام رمضان كنت هناك ثم هاجرت لبريطانيا وحُرمت من صيام القرية، ولا توجد مقارنة ما بين القرية وأي مكان آخر، هناك المودة والمحبة والجماعية وفطور الشارع وكان المسيد أو الخلوة أمام منزلنا مباشرة وكان والدي هو الإمام، فيجتمع الناس بإفطارهم على بساطته (بليلة، آبري أبيض، حلو مر، ليمون وتمر) «حدث ولا حرج» من جميع الأنواع وقد يصادف موسم الرطب في الصيف رمضان ممتع في القرية. ذكريات رمضانية ممزوجة بطعم الغربة وأنت تصوم خارج السودان؟ صيامي في أم درمان والسعودية بعيدًا عن القرية لا أسميه غربة ولكن الغربة الحقيقية كانت في فترة الدراسة في بريطانيا واليوم الدراسي العملي كان طويلاً إلى حد بعيد في الصيف قد يمتد من «1820» ساعة وكنا نصوم بفضل الله وكانت معي أسرتي وكان يتحلق حولنا الإخوان العزابة وكان البيت بمثابة المسيد وعلى ذكريات ومرارة الغربة كانت أيامًا طيبة وجميلة. صف لنا شكل تعاملك مع أبنائك داخل المنزل هل هنالك ديمقراطية أم هنالك فرض رأي منك تجاههم؟ الحمد لله تعاملي معهم بالسلوك والقدوة ولم أحتاج لتوجيههم إلا بلطف ولم يحدث أن ضربت أحدًا من أبنائي بفضل الله، وزوجتي الدكتورة أسماء محمد أحمد حمد تقوم بدور كبير بتربية الأبناء ولم تحوجني للتفرغ التام لهم وبفضل الله أعتبر أسرتي أسرة مثالية والأم مثالية. مع مشغولياتك الكثيرة هل تخصص وقتًا من زمنك للاجتماعيات؟ في أي حي أسكن فيه أحرص أول شيء على معرفة مكان إفطار الناس في رمضان بدأت حياتي بالسكن في أبي روف ثم المهندسين فالملازمين وفيها كان بيتي قبلة لطلاب العلم، وأنا أهتم بالجيران لمعرفتي التامة بحقوقهم ودائمًا ما أبدأ بزيارتهم حال انتقالي لسكن جديد. ما هي علاقتك بالرياضة أو ما هو لونك الرياضي؟ دائمًا أشجع الذي يلعب أفضل «اللعبة الحلوة» فليس لدي اهتمام محدد بالرياضة عندما تكون هنالك مباراة قومية أشجع الفريق القومي. هل من الممكن أن نجد البروف داخل المطبخ وهو يعد طبقًا شهيًا؟ الله سبحانه وتعالى حباني بزوجة لم تحوجني قط لدخول المطبخ، لدي الرغبة لكن زوجتي (ما مدياني فرصة) ولو (شلت) صينية الأكل ودخلتها المطبخ أكون ما قصرت. الجيل الحالي دائمًا ما يكون داخل قفص الاتهام من الأجيال السابقة برأيك هل من مقارنة ما بين جيلكم والجيل والحالي؟ أرى أن الفروقات كبيرة، أولاً التربية المباشرة والتربية غير المباشرة فالمباشرة هي أن يراك أبناؤك ويتبعوا خطواتك ويسلكوا سلوكك هذه تربية أجيالنا والأجيال من بعدنا، أما الآن الشباب الكبار الذين يتابعون القنوات والشبكة العنكبوتية فبعضهم لديه الرغبة في فعل ما يفعله الكبار لكنهم دائمًا مشغولين أما الأحفاد وصغار السن فدائمًا تجدهم مشغولين وجل الوقت يقضونه أمام الأجهزة الإلكترونية، فالآباء والأمهات بحاجة إلى جهد كبير لإخراج أبنائهم من هذا الحصار والعولمة حتى يتعايشوا مع الناس، والفرق بين الجيلين من ناحية التميز أن لهذا الجيل كمية من المعلومات والمعارف قد تكون نافعة وقد تكون غير نافعة فلو وظفوا تلك المعلومات بطريقتها الصحيحة سيكونوا إضافة للأجيال القادمة ولو اختصروا نشاطهم على الترفيه والمواقع الإباحية هنا تكمن المشكلة. نحن على مشارف ختام لقائنا معك هل من ثمة رسالة تحب توجيهها عبر (الإنتباهة)؟ رسالتي للآباء والأمهات أن يهتموا ويوجهوا أبناءهم بالقيم والمثل الرائعة والسلوكيات الحميدة التي بها الرحمة للصغير والتوقير للكبير، وعليهم توجيههم على مراعاة الجانب الإنساني في المعاملة مع المعلمين والزملاء في العمل من كبار السن فنحن نحب أن نحافظ على مجتمعنا السوداني ليكون متميزًا دائمًا وأركز هنا على دور الأمهات فدورهن أكبر فهن اللائي يراقبن المظهر واللبس وهن موصل جيد للمعلومة سواء للبنت أو الولد وللأب إذا استدعى الأمر.