استكمالاً لما بدأناه عن البنات وجيل الأمهات هنا.. فليسمح لي القُراء الأعزاء الرد حول ما سمعته من أمهات بكامل وعيهن في الحلقه السابقة.. وحديثهن يوضح أبعاد المشكلة.. مشكلة فقدان الثقة بين الجيل القديم والجيل الجديد.. والحقيقة أن الأم قد تكون على استعداد للتفاهم والتقدير.. ولكنها لا تعرف كيف تقنع ابنتها بذلك.. لأن الابنة من جانبها تنظر إلى الأم بشيء من الخوف والتحدي باعتبارها تمثل السلطة؛ ومن الطبيعي أن يوجد ذلك الصراع بين جيلي الأمهات والبنات فهي ظاهرة صحيحة سليمة.. ولكن ليس من الطبيعي في شيء أن تصدر البنات حكمًا قاطعًا على الأمهات.. وأن يجنين على أساس هذا الحكم موقفًا معينًا ثابتًا لايتغير.. فما تدّعيه البنات مسبقًا بعدم فهم الأمهات لهن يعتبر ومن وجهة نظري الخاصة تفكيرًا غير سليم لا يجوز لفتاة المجتمع الجديد أن تلقي بذهنها في متاهات المقدمات الخاطئة.. وتأسيس النتائج عليها يقود دائمًا إلى الأحكام غير الصائبة لأنه لا يقوم على التجربة التي هي في واقع الأمر المحك الحقيقي للاختيار. أما إذابة العوائق التي تعوق التفاهم بين الأم وابنتها فيعتمد ذلك على كليهما.. فالأم يجب أن توحي لابنتها بالتصرفات المستمرة أنها ملاذها الآمن وسندها الواعي وأنها يمكن أن تكون وريثة تصرفاتها الحسنة والواعية والمسؤولة.. أما البنت التي ترفض مساعدة ومعاونة أمها في أعمال البيت.. فهذه ظاهرة تدل على الأنانية.. وعدم تدارك الأمهات لها بالحزم والذي سيخلق في بناتنا شخصيات تفتقر إلى تحمّل المسؤولية.. وتفتقد إحساس المشاركة.. فالبنت التي ترى أمها مجهدة تحاول أن توفر لكل فرد من أفراد الأسرة الراحة ورغم ذلك لا تنهض من مكانها لتريح أمها المتعبة.. هذه البنت لن تصبح في المستقبل زوجة صالحة وأمًا مثالية. فيجب على البنت أن تشعر أمها في كل المناسبات أنها تقدر جهدها وتحس أفعالها وتعترف بتضحياتها.. والأم لا تهدف أبدًا إلى المقابل.. ولكن كلمة عرفان تسعد قلبها وهو تصرف يمليه التقدير ويمسح كل متاعبها.. وسلوكها يوحي إليها بأنها في نظر أسرتها ليست مجرد آلة للخدمة يمنحها فرحة لا تقدر بثمن.. أليس كذلك!!