أبت نفوسهم الإ أن يشاركونا فرحة العيد في النيل الأزرق وجنوب كردفان في هجليج وكادقلى وتلودي، ليتها طائرة الشؤم هبطت بسلام ولكنها فرحة لم تدم طويلاً الا ساعة واحدة وهي ساعة الصلاة حيث تناقلت الأخبار نبأ استشهاد وفد طائرة الشؤم بتلودى، خبر هدّ الحيل وأدمع العين وأبت المنية الا أن تأخذهم زمرًا الى جنات عرضها السموات والأرض.. رجال عاهدوا الله غير آبهين بأسرهم وأطفالهم وأهليهم من ورائهم والعيد وسط أولئك أمنية يتمناها القاصي والداني كانوا وما زالوا رسلاً للسلام عاشوا من أجل السلام واستشهدوا من أجل السلام ضامرين بصيامهم وغر بقيامهم ومحجلين بركوعهم وسجودهم يحملون وطن الجدود بنيله وجباله وصحاريه وغاباته فى حدقات العيون وشرايين القلوب لأنهم رضعوا من ثدى هذا الوطن ومن رضع منه يرضع حبًا طبيعيًا جينه يأبى الانكسار والمشي على دروب الفتن مع بياض لبن يحمل لون حمائم السلام ومعزة السلام ولبن ممزوج بشهد لدواء القلوب المريضة، رجال مسحوا دم الوطن النازف من نهش سكاكين الأعداء، شامخون شموخ نيلهم وجبالهم ورثوا التحدي من النيل الذي يجرى ويشق السهول والهضاب والمرتفعات بين نتوء وتعرجات متحديًا من المنبع الى المصب، قطعًا تلكم البيئة تنجب الأفذاذ عطاءً وصلابةًَ ابتداء من الشهيد غازى الذى شرب من حوض النيل الأبيض ومقام تعبد الإمام «المهدي» فى الجزيرة أبا والى على الجيلانى الذى كان على موعد قرع جرس طابور تلامذته فى ولاية الخرطوم وهم يرددون نشيد العلم، علم السودان علم بلادى، وأبوقرون يتوهج من شعاع قباب التصوف وتقابة الحفظ والترتيل بشرق النيل الى محمد حسن الجعفرى معطاء كنخل بلاده، بياض بشرته كصفاء قلبه برًا ورحمة، حيث أنشأ مشروعات تنمية شرق النيل للأسر الفقيرة كى تتحلل من قيود الفقر بالاعتماد على النفس فى سبل كسب العيش بتوزيع «ماكينات الخياطة ثلاجات دواجن كارو طاحونة»، الشهداء جميعًا ينابيع ومناهل تهب الآخرين فى جنح الليل وأفعال الخير وحدها تحدِّث عن صاحبها دون قرع طبول والقيادات من القوات المسلحة والشرطة والدفاع الشعبى يعلمون عظمة المعايدة فى رفع المعنويات لإخوانهم فى داخل الخنادق وخارجها لذلك لبوا النداء فرحين مع رسالة عبد الحي الربيع ذلك الفتى الذى أنجبته نيالا «البحير» كان مهمومًا بنقل الحدث مباشرة كما عهدناه فى «الفاشر، نيالا، وادى حلفا، بورتسودان أبيي، تروجي، بحيرة الأبيض، الدمازين، تلودي من قبل» لكن كشعب سودانى درجت العادة أننا لا نكتشف دور الذى يدرج العاطلة الا بعد رحيله. الشهيد مكي على بلايل عاش واقفًا واستشهد واقفًا كجبال «الصبي وككرة وكرمتى وتندية» رفعتا ومنعتا يضمر فى قلبه عشق السلام ويحمل فى يده كتاب الحق والتآخي بين نسيج أهله «نوبة وعرب وقبائل أخرى» بجنوب كردفان حافظًا وصية السلطان عجبنا سلطان قبائل الأما فى الدلنج والأميرة «مندى» بنت السلطان وبسالة المعارك ضد المستعمر ومنعه من عزل جبال النوبة فكان مكى على الدرب سائر وثائر فكان اختيار اسم حزب العدالة مطالبًا بتنمية متوازنة وشراكة حكم عادلة وكان التسويق للمطالب فى قلب الخرطوم عبر المؤتمرات والندوات وجرأة القلم الحر الذى لا تكسره الهدايا والعطايا حتى يقفل بلف التهميش الذى يأتى بهواء سام دون أن يحرض على حمل السلاح وتمزيق نسيج اجتماعي نهل من حبه وعطائه، كان عنيدًا فى قول الحق نشطًا فى بناء مرتكزات جسور السلام مما جعل الذين تسممت أفكارهم بعقد الشتات إسكات صوته ولو بالتصفية، حق القول إن قلنا مكى وإخوانه كانوا قمرًا يضيء ساحات جنوب كردفان وفضاء شليل للأطفال يتسامرون ويتعللون بحلم جميل يطفئ لهيب جنوب كردفان، والى جبال الكرقل والمورو وكادقلى محفوفة بجبال ميرى «حى كلمو» الشهيد محجوب عبد الرحيم توتو وزير الدولة بالشباب والرياضة والى «كالوقي» حيث الشهيد الوزير عيسى ضيف الله وكأنهم كانوا على موعد لقاء بالشهيد إبراهيم بلندية وهم امتداد لحكمة الرجل العظيم على الميراوى والقاسم المشترك بين السلطان عجبنا وعلى الميراوي ومكي بلايل وتوتو وضيف الله وبلندية هو الحفاظ على بلد آمن ونسيج اجتماعي موحد خلافًا لفكر المستعمر قديمًا وحديثًا، نعم شمعة تلو الشمعة الى جنات عدن مادمتم تصدعون بصوت الحق لحقن الدماء وشمعة الحق عمرها لا تنطفئ بل تخلف شموعًا مضيئة صامدة شاهقة شامخة كشموخ جبالكم.. الذين مضوا الى ربهم صائمون وبصحبتهم أم سلمة وناهد رحيلهم فجيعة بها دخل الحزن أبوابنا من أوسعها لأنهم منا وفينا وحتى الأجانب من طاقم الطائرة نسأل الله لهم الرحمة ورحمته تسع الجميع.