نتج عن الاختلاف في وجهة نظر نحو الإرهاب صعوبة التوصل إلى اتفاقيات أو معاهدات دولية حيث تحاول كل مجموعة من الدول في المنظمة الدولية فرض وجهة نظرها التي تتفق مع مبادئها ومصالحها وخلفياتها التاريخية الأمر الذي يجعل أهداف ومضمون الاتفاقيات أمراً مختلفاً فيه، ورغم أن منظمة الأممالمتحدة قد نجحت في إبرام بعض المعاهدات الدولية في مجال مكافحة الإرهاب مثل اتفاقية لاهاي في عام 1970م وذلك بشأن قمع الاستيلاء غير المشروع على الطائرات وكذلك اتفاقية مونتريال عام 1971م في شأن تأمين سلامة الطائرات وذلك بعد جهود توقفت منذ اتفاقية طوكيو في عام 1963م الخاصة بالجرائم التي تقع على ظهر الطائرات ثم اتفاقية مكافحة تصدير الإرهاب في عام 1979م إلا أن الجهود الدولية في هذا المجال قد تعثرت إما نتيجة لعدم كفاية نصوص الاتفاقيات أو لقلة عدد الدول الموقعة عليها أو عدم التزام الدول الموقعة بتنفيذها، وبالقياس إلى تعثر الجهود العالمية في ذات الشأن نجد أن المنظمات الإقليمية التي نجحت في إبرام اتفاقيات أو معاهدات في نطاقها كانت أكثر فاعلية والتزاماً بهذه الاتفاقية، وأبرز مثال لها الاتفاقية الموقعة في نطاق المجموعة الأوربية لعام 1977م والتي تجعل التعاون بينها أمراً واقعاً حتى وصل الأمر إلى حد جعل الدول الموقعة عليها منطقة قضائية واحدة وتحقق تعاوناً عميقاً في مجال كل المعلومات وتبادل الخبرة والتدريب بل وهناك تفكير في إنشاء قوة أوروبية موحدة للتصدي للعمليات الإرهابية وعلى هذا الأساس يجب أن تسعى المنطقة العربية ومنها السودان إلى الحرب الضروس للاعتداء على الطائرات البرئ ركابها وكذلك إلى عقد اتفاقية إقليمية بين دولها تتبنى تعريفاً للإرهاب يعبر عن وجهة النظر العربية ويحقق تعاوناً في مجالات المكافحة جميعها ولا تمنع هذه الاتفاقية الدول الأعضاء من عقد اتفاقيات ثنائية فيما بينها تحقق تعاوناً أكبر من الحد المنصوص عليه في الاتفاقية أو بينها وبين الدول الأجنبية بحيث لا تتعارض مع الاتفاقة العربية الشاملة ولكل هذا فإن خطر الإرهاب على الأمن الدولي والقومي للدولة المعينة يمثل في كثير من الأحيان خطر الحرب النظامية، وكثير من الدول قد لا يحمل خطر الحرب بالنسبة لها احتمالاً قوياً للهزيمة ولكن خسائرها مؤكدة في الحرب مع الإرهاب، والواقع اليوم أن كثيرًا من الدول المعرضة لخطر الإرهاب لا يمكنها في المرحلة الراهنة أن تعتمد كلية على فكرة اتخاذ إجراء حاسم يقوم به المجتمع الدولي وعلى هذه الدول أو مجموعة من الدول أن تعتمد فقط على الحق المتوارث للفرد والجماعة في الدفاع المشروع عن النفس وهو الشأن الذي أكده ميثاق الأممالمتحدة في المادة الواحدة والخمسين وذلك لأنه بدون التنسيق والاتفاق الدولي لا يمكن الحيلولة دون تمويل المنظمات الإرهابية وذلك بقطع الأسلحة عنها وبدون هذا التنسيق لا يمكن وضع الخطط الطموحة لمكافحة الإرهاب الدولي موضع التنفيذ من المجتمع الدولي ككل مثل إنشاء وحدة دولية لمكافحة الإرهاب تتبع للأمم المتحدة يكون شأنها شأن قوات الطوارئ الدولية أو إنشاء محكمة جنائية دولية لمحاكمة الإرهاب في أية دولة من دول العالم ويكون شأنها شأن قوات الطوارئ الدولية كذلك وما دام هذا التنسيق الدولي لا يزال غير كافٍ كما تُظهره مناقشات الأممالمتحدة فإن على الدول المعنية في سبيل الدفاع عن نفسها ضد الإرهاب أن تتبنى سياسة ثابتة ودائمة مفادها عدم الاستجابة لمطالب الإرهابيين أو عدم الرضوخ لتهديدات الإرهاب مهما كان حجم الخطر الذي يمثله الإرهاب على الدولة وأن تضع الدولة تشريعاً وطنياً قوياً ومتكاملاً يفرض عقوبات صارمة على جرائم الإرهاب مع التأكيد على ضمان شرعية الإجراءات والالتزام الكامل بقاعدة سيادة القانون وأن تبني جهازاً قوياً لجمع المعلومات عن الإرهابيين ونشاطاتهم وذلك بالتعاون مع الدول الصديقة والتي تشترك معها في وحدة المصلحة والمواقف المبدئية ضد الإرهاب والتي تستشعر تهديداً مشتركاً من الأنشطة الإرهابية الدولية.