عندما هجا الشاعر الأعمى بشار بن بُرد بعض الأعراب شكَوه لأبيه فقال لهم معتذراً عن ابنه (ليس على الأعمى حرج) فخرجوا منه وهم يقولون (فقه برد أغيظ لنا من هجاء بشار)!! ذلك كان فقه عادل الباز وهو يبرِّر انبطاحه ونشره لثقافة الاستسلام بتسميتنا بدعاة الحرب بالرغم من أن الله تعالى حضَّ نبيَّه بأن يحرِّض المؤمنين على الحرب (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ) فبربِّكم متى يقاتل الناس إذا لم يقاتلوا دون دينهم وأرضهم المحتلة وهل قتال الناس لتحرير هجليج المحتلة أوجب من قتالهم لتحرير كاودا المحتلة ودحر الحركة الشعبية وعملائها عرمان وعقار والحلو؟! أعجب ما في فقه عادل الباز أنه يهاجم منبر السلام العادل ومنابر الجمعة وعلماءها ويقول إن أجندة تلك المنابر ومصالحها في الحرب وإن (الحاكمين يفعلون خيراً إذا أصموا آذانهم عن تهديداتها ونداءاتها وابتزازها للقيادات)!! ٭ إن عادلاً يكرر ما قاله المشركون قديماً حين طالبوا قومهم بأن يصموا آذانهم عن سماع القرآن (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) نفس المنطق أن يصم المسؤولون آذانهم عن سماع القرآن الذي يستشهد به علماء الأمة وخطباء المنابر وهم يتلون آيات الجهاد ويحضُّون على القتال ويحذِّرون من الانبطاح الذي ورد بلفظ التثاقل إلى الأرض (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ) بالله عليكم ألا تعني عبارة التثاقل إلى الأرض (الانبطاح) الذي لطالما حذرنا منه؟! األم يقل عادل أو كاد (فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ)؟! ماذا تعني كلمة (قاعدون) غير ما يدعو إليه عادل وهو يهاجمنا بل ويطلب من العلماء أن يكفُّوا عن الحضّ على الجهاد ومن الحكام أن يغلقوا آذانهم ولا يستمعوا للعلماء؟! ثم ما هي أجندتنا ومصالحنا التي تدعونا إلى الحرب ورفض السلام؟! والله يا عادل لسنا أقل حرصاً منك على السلام لكننا نريده سلاماً عزيزاً لا كسلام نيفاشا التي أذلّت السودان وأحالت انتصارَه في ميدان القتال أيام كنا نقاتل في أحراش نمولي إلى هزيمة سياسية في مائدة التفاوض التي جعلتنا نتراجع ونعجز حتى عن تحرير أرضنا في الشمال!! لا نريده سلاماً بأي ثمن نتجرَّع فيه الذل والهوان ويتطاول فيه علينا باقان بعد أن قال فينا ما لم يقل مالك في الخمر من أحاديث إفك من شاكلة (ارتحنا من وسخ الخرطوم) أو (وداعاً للعبودية) بالرغم من أن الله تعالى يريدنا أعزاء وهو معنا إن ابتغينا العزة (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ). إن سلاماً يجعلنا نسحب جيشنا من أرضهم بينما جيشُهم في أرضنا أو سلاماً يجعلنا نمنحُهم حريات أربع تشمل حرية الإقامة والعمل في أرضنا قبل أن تغادر جيوشُهم المحتلةجنوب كردفان والنيل الأزرق لهو سلام ذليل بل هو استسلام يريدون من خلاله زرع خلايا نائمة وقنابل موقوتة يستخدمونها في إقامة مشروعهم الاستعماري الذي سمّوا به حركتهم (الحركة الشعبية لتحرير السودان) وانتدبوا عملاءهم عرمان والحلو وعقار وأنشأوا فرعاً لحزبهم في السودان لم يستحوا من أن يسموه (قطاع الشمال) اعترافاً بأنه فرع من حزبهم الحاكم في دولتهم الجديدة لكنكم يا عادل تتوارَون عن هذه الحقائق وتتغافلون عن التطرق إليها!! أبعد ذلك يا عادل تتحدث وتقول متهماً المنابر بقولك إنها (تسدر الآن في غيِّها لإنهاء أي أمل في العيش بسلام في وطن مستقرّ وآمِن وها هي تُصعِّد من أجندة الحرب وتُثير الكراهية وترفض أي حوار ولا تعرف معنى المساومة)!! بالله عليك من الذي يرفض السلام نحن الذين تُحتل أرضُنا أم هم الذين يحتلون ويتحرشون بنا ويشنُّون الحرب علينا؟! أليس ما تريده منا هو الاستسلام؟! ثم عن أية مساومة تتحدث والقرآن يخاطب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) (لَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلا) والله يا عادل إن أية ذرة يحتلونها من أرضنا تُستأصل فيها شأفة الإسلام.. ألم تقرأ ما كتبه الشهيد بلايل عمّا فعلته الحركة في الأراضي المحتلة في جبال النوبة؟! ألم تسمع عما فعله عقار بالإسلام في جنوب النيل الأزرق عندما كان يحكم تلك الولاية؟! ألا تعلم عن مشروع السودان الجديد الذي لطالما تحدثوا عنه ووقَّعوا الحريات الأربع من أجله وأبرموا اتفاق نافع عقار حتى يستنسخوا نيفاشا في السودان الشمالي من أجل إقامته؟! إن المساومة تكون بعد تحرير الأرض حول القضايا العالقة المتنازَع عليها أما الآن فإن على وزير الدفاع أن يتفرَّغ لتحرير أرضه بدلاً من قيادة المفاوضات السياسية مع باقان فباقان ليس وزيراً للدفاع والتفاوض السياسي ينبغي أن يُترك للسياسيين أما القوات المسلحة ووزيرها فإن مهمتهم تحرير الأرض ولا شيء غير ذلك.