كنت جالسة في احدى المركبات العامة بالكرسي الأمامي والى جانبي سائق المركبة واحد أصدقائه وكان حديثهم يدور حول أحد أصدقائهم الذي تحول من سائق بداخل ولاية الخرطوم الى سائق سفري، وقال المتحدث للسائق إن صديقهم صار للأسف يتعاطى منشطات بمعدل حبتين يومياً لأنه يسوق لمسافات طويلة، اندهشت لهذا الحديث وسألت أحد الأطباء النفسيين الذي أكد لي أن هذه المنشطات يتم تناولها من قبل بعض الطلبة والرياضيين وسائقي الشاحنات والبصات السفرية، وهنالك العديد من الأضرار الصحية يسببها تناول هذه المنشطات مثل ضمور الأعصاب والذي لا يمكن علاجه وتقلل حيوية المخ والذاكرة وتؤثر على السلوك وتؤدي للتوتر والعنف وأثبتت التجارب الطبية عالمياً أن أضرارها تتمثل أيضاً في اضطراب المزاج والعدوانية والعجز الجنسي أو الوفاة بالذبحة القلبية الى جانب العديد من الأضرار الصحية الأخرى، حول تناول المنشطات وأثرها على الانسان قمنا بأخذ رأي عدد من الأطباء المتخصصين مع الأخذ في الاعتبار رأي الدين: أضرار صحية يوضح د. حسن عبد القادر/ استشاري الباطنية: هذه الظاهرة جاءت الينا وافدة من دول الخليج وطبياً ان هذه المواد عندما تدخل الجهاز العصبي تُحدث خللاً في الخلايا العصبية وتجعلها في حالة تنبيه وتزيد النشاط لديها وبعد فترة يبدأ الشخص يدخل مرحلة الإدمان لهذه الحبوب وبالاستمرار في تناول هذه المنشطات يكون الشخص قد أرهق الخلايا العصبية لأن الإنسان لديه وقت للنوم من المفترض أن تكون ما بين ست إلى سبع ساعات يومياً تستكين هذه الخلايا العصبية الحركية فيها لكن عندما يحدث لها تنشيط يكون هذا التنشيط مثل جرعة الكهرباء الزائدة ويكون أثرها سالبًا على هذه الخلايا حيث يحدث لها ضمور والمتعاطين لهذه الحبوب يكونون في حالة غير طبيعية وخلاياهم لا تعمل الا باستعمال هذه الحبوب «ادمان» أيضاً من مضار هذه الحبوب أنها تقلل حيوية المخ وتقلل كذلك الذاكرة وتضعف الخلايا العصبية بسرعة، أيضاً الكافيين في القهوة يدخل في مجال المنشطات وأي مادة غير طبيعية لتنشيط الجسم ضارة بالصحة، ونصيحتي للذين يتناولون هذه المنشطات الإقلاع عنها واذا اصبح مدمنًا لها يمكن الإقلاع عنها بالتدريج وبمفرده من غير حاجة للطبيب بالعزيمة والإصرار. أضرار نفسية د. عمرو مصطفى/ اختصاصي نفسي اجتماعي يرى ان تناول المنشطات يسبب أضراراً صحية كلما زاد الاستمرار في تعاطيها لأنها مواد تحفز وظائف الجسم وبالتحديد تعمل على تنشيط وتحفيز خلايا المخ وبالفعل تأثيرها يولِّد نوعًا من التركيز والانتباه ويزيد اليقظة وارتفاع المزاج وتزيد الحركة وهي أيضاً تساعد الجسم للرياضيين على التدريب والتنافس لأبعد الحدود وتقلل الشعور بالإرهاق والإعياء والتعب المرتبط بالتمارين للرياضيين أو التعب بالنسبة لأصحاب الأشغال الشاقة مثل السائقين وتقلل احساس الحاجة للنوم، ويشير د. عمرو الى ان أضرار هذه المنشطات يتمثل في ضمور العضلات لا يمكن علاجه وتصيب الإنسان بالجفاف لأنها مدرة للبول وتعمل مشكلة بالجلد وتؤثر تأثيراً سالباً جداً على القلب والأوعية الدموية أيضاً تؤثر على السلوك بصورة كبيرة خصوصاً اذا تم تناول جرعات كبيرة حيث تؤدي للتوتر والعنف والسرقة لأن الإنسان المتعاطي يفقد القدرة على التحكم في السلوك لديه ويزيد مستوى الحركة لديه ونسبة لبذل المجهود يفقد القدرة على التركيز والحركة ويمكن ان يفعل أي شيء بما في ذلك السرقة اذا لم يجد مالاً لشراء هذه المنشطات والدافع اليها اعتقاد خاطئ بأن هذه المواد تساعد الجسم على التنافس والحركة والانجاز ولا يضع المتعاطي في باله الأضرار التي تؤدي اليها هذه المنشطات مع العلم ان بعض المتعاطين لديهم علم بهذه الأضرار الا ان البعض الآخر لا يعلم بها. إدمان مزدوج ويضيف د. عمرو: هنالك مرضى وصل بهم الحال الى مرحلة لم يستطع معها النوم من شدة ادمان هذه المنشطات وصار يتعاطى المخدرات حتى يستطيع النوم لذلك لا بد من أن يأخذ جلسات علاجية لأن الادمان يمكن ان يكون نفسيًا بأنه اذا لم يتناول هذه المنشطات لا يستطيع العمل وللأسف هذا الإدمان أصبح وسط الطلبة وسائقي البصات السفرية والشاحنات والرياضيين، وهنالك منشطات ممنوعة في الدول الأوربية لكنها موجودة ويتم تعاطيها عندنا في السودان مثل مشروبات الطاقة، أيضاً هذه المنشطات من المفترض أن لا تباع الا بروشتة طبية الا أنه يتم بيعها بدونها، وهنالك شيء لا بد من معرفته وهو ان جسم الإنسان به مواد طبيعية مخدرة يفرزها الجسم لكن عندما تدخل عليها مواد اضافية تصير مشكلة، وواحدة من أسباب تناول هذه المنشطات اعتقاد البعض أنها تزيد القدرة الجنسية لكن أثبتت التجارب أنها يمكن أن تصيب بالعجز الجنسي. رأي الدين يبين د. عبد الرحمن حسن أحمد/ أمين دائرة الفتوى بهيئة علماء السودان أن تناول المنشطات يدخل في دائرة حفظ النفس، وأهم مقصد من مقاصد الدين هو حفظ النفس، لذلك كل ما يضر بصحة الإنسان عاجلاً أو آجلاً لا يجوز تناوله وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم «لا ضرر ولا ضرار»، لذلك فكل ما لم يرد في الشرع نص صريح بتحريمه فإنه يُنظر إلى ضرره على الإنسان، فإذا كان مضراً لا يجوز أن يتناوله الإنسان لما تقرر في الشريعة من دفع الضرر وأن الضرر يُزال.