لم يكد الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي ينهي حديثه عن دعمه اللامحدود للسودان في خطابه ظهر يوم الأربعاء الماضي خلال افتتاح الدورة «138» لمجلس جامعة الدول العربية بالقاهرة، حتى تصادف ذلك الخطاب مع إطلاق السلطات المصرية لسراح «140» سودانيًا من منقِّبي الذهب الذين تم اعتقالهم العام الماضي، وفك أسر المتهمين بمحاولة اغتيال مبارك وافتتاح طريق «السودان مصر» في الشهر الجاري، حيث قال مرسي في خطابه إن السودان يمثل العمق الإستراتيجي لمصر وله مكانة خاصة فى قلب كل مصري، وإنه يحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى الدعم والمساندة، وأشار مرسي إلى أنه يقدِّر أن السودان الشقيق قدم بالفعل تضحيات كبيرة للحفاظ على السلام، والتزم بكل الإخلاص حتى إنه كان أول من اعترف بجمهورية جنوب السودان، إلا أنه لم يتلقَّ من المجتمع الدولي الدعم والمساندة التي يستحقها. وفي ذات السياق يقول وزير الخارجية علي أحمد كرتي تعلقياً على ذلك إن خطاب الرئيس مرسي شكل عودة قوية لمصر إلى قيادة العالم العربي، وهو ما كان يتطلع إليه على مدى السنوات الماضية، ولفت كرتي إلى أهمية ما طرحه الرئيس مرسي في خطابه بخصوص السودان ودعوته الجميع، عربياً ودولياً، لمؤازرة السودان وتقريب وجهات النظر، والتوفيق بين الشمال والجنوب، وهو ما من شأنه أن يسهم في تكريس الأمن والاستقرار في المنطقة. بالتالي فإن حديث الرئيس مرسي يمثل دفعة جديدة أمام السودان بسبب قيام نظام مبارك السابق بمعاداة السودان حتى تم وضع الخرطوم في قائمة الإرهاب بسبب مزاعم اغتياله، ومرسي كما يبدو يريد إقامة علاقات صحية مع السودان بدأها بإغلاق الملفات العالقة بين البلدين واختار أكثر النقاط السوداء بينهما، بأن أطلقت محكمة مصرية أمس سراح كلاً من الأسير الأول بمحاولة اغتيال مبارك في أديس أبابا الإسلامي مصطفى حمزة ومحمد شوقي الإسلامبولي وعثمان خالد إبراهيم و شهرته «عثمان السمان» وهم قيادات الجماعة الإسلامية وذلك بناء على قرار محكمة جنايات بني سويف التي أخلت سبيلهم أمس بعد مزاعم إدانتهم من قبل نظام مبارك السابق، وتم زجهم في السجون استنادًا لتحريات مفبركة وملفقة من جهاز أمن الدولة المنحل. والمتابع للعلاقات السودانية المصرية لا يفوته أن العلاقات الجديدة بين السودان ومصر لها أبعاد أخرى وتحالفات قائمة بين الإسلاميين لم تعكر صفوها سطوة وقوة مزاعم الإرهاب التي جعل منها الرئيس السابق حسني مبارك شمعته لكسب ود الأمريكان والإسرائيلين والمجتمع الأوربي وألقى بها في وجه السودان والجماعات الإسلامية في مصر، فما إن زال نظام مبارك حتى عادت العلاقات إلى طبيعتها، حيث أجرى السودان أولى زياراته عند لقاء مساعد رئيس الجمهورية د. نافع علي نافع في القاهرة بقيادات الجماعة الإسلامية وحزب البناء والتنمية، وعلى رأسهم الشيخ عبود الزمر والدكتور طارق الزمر والأستاذ عصام دربالة وعلاء أبو النصر وأشرف سيد، وعدد من قيادات الحزب والجماعة الإسلامية، ولقد بحث الجانبان تصورات الحكومة السودانية للتعامل مستقبلاً مع النظام الدولي الحالي وثورات الربيع العربي، وكذلك تم التطرق لأهمية دعم الخرطوم للرئيس محمد مرسي في سبيل بناء نظام سياسي مستقر. أخيراً فإن العملية الإصلاحية بين السودان ومصر التي يقوم بها الرئيس مرسي التى بدأت بحديث مرسي بنزع تهم الإرهاب عن السودان وتواصلت بفك أسر السودانيين منقبي الذهب وتلاحقات حتى فك أسرى المصريين الذين لُفِّقت لهم مزاعم محاولة اغتيال حسني مبارك، وتستمر بافتتاح الطريق الشرقي الرابط بين السودان ومصر في العشرين من الشهر الجاري لتتوَّج علاقات البلدين من جديد وتُغلق الملفات العالقة في علاقات البلدين إلى الأبد حتى ينعم البلدان بالرخاء مع بعضهما البعض ويشكلان قوة جديدة في المنطقة العربية والإسلامية خاصة بانضمام ليبيا وتونس إليهما.