حوار: صلاح مختار , المثنى عبد القادر يعتبر د. صفوت عبدالغني أحد تلاميذ الشيخ عصام دربالة رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية، حيث دخل السجن في سنة 1981م إبان حصار الأنظمة المصرية السابقة على الحركات الإسلامية وهو في السنة الأولى في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية.. ولم توافق الكلية على امتحاناته.. فتحول منها إلى كلية الآداب فحصل عليها.. ثم أُعتقل عدة مرات قصيرة.. ثم دخل في قضية المحجوب وظل معتقلا ً من عام 1990 إلى عام 2005 خمسة عشر عاماً كاملة قضاها في المعتقل.. لم يضع فيها وقته سدى.. فانتسب إلى كلية الحقوق فحصل على درجة البكالريوس فيها.. ثم أغلقت السجون عليه.. ومنع فيها من كل شيء.. بدءاً من الورقة والقلم وحتى الكتب والراديو والتلفزيون ، بمعتقله عام 1997 م أرسل مبادرة اشتهرت ب(وقف العنف) عبر أحد المحامين الذين كانوا يتولون الدفاع عنه، أما اجتماعيا فيعرف وسط الإخوان بأنه صديق الشيخ رفاعي طه ومهندس زواجه إبان فترة المطادرات، «الإنتباهة» التقته في مقر إقامته في فندق كورال بالخرطوم وكان معه الحوار التالي: كيف أثمرت زيارتكم للسودان؟ إنها الزيارة الثانية للسودان بوصفه حزباً سياسياً وتلخصت بالاتفاق مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم على خطوط عامة للشراكة بين الحزبين، والتقينا العديد من المسؤولين في مقدمتهم النائب الأول للرئيس على عثمان محمد طه وتركت أثراً طيباً، وكان لابد من زياتنا الثانية أن تكون أكثر تفعيلاً للخطوط التى تم الاتفاق عليها وهي عبر مذكرة تفاهم نصت على الشراكة والتنسيق في المجال السياسي والحزبي والاقتصادي، وأعتقد أنها مقدمة ثابتة لعلاقة الحزبين، وحتى الآن لم نلتق بالأحزاب السياسية السودانية. وأن الموضوع سيكون خلال زيارتنا القادمة للسودان وهي تأتي بخط تدريجي مرحلي. العلاقات السودانية المصرية في الفترة السابقة لم تكن حد الطموح؟ إبان فترة النظام المصري السابق كان يسير بتوجهات أمريكية لذا كانت خططه ضد السودان، وكل المنطقة كذلك، ونستطيع تفهم ذلك في توجهات الرئيس السابق حسني مبارك وانتهت بعهده، لذا فإن الواجب حالياً بعد تلك الفترة اتخاذ قرار التكامل الحقيقي والثابت مع السودان، يعني أن العلاقات بين البلدين لا يجب أن تحصر وأننا كنا نأمل أن تكون أول زيارة خارجية للرئيس المنتخب محمد مرسي للسودان، لكن من الواضح أن هذه الخطوة لم تتم بسبب عوامل منها فلول النظام السابق لايزالون موجودين، وأن مصر لم تستطع التخلص حتى الآن من المافيات التي كانت تدير تلك العلاقات بين البلدين، رغم ذلك فإننا نستبشر الخير أن الرئيس أُختير من مرجعية إسلامية ومنتخب بإرادة شعبية، بالتالي لن يكون قراره بناء على توجهات أمريكية أو من المافيات الموجودة، لأن القضاء عليها سبب لعودة العلاقات بين البلدين. النظام السابق مساهم أساسي بوضع السودان تحت العقوبات الدولية، كيف يستطيع الرئيس محمد مرسي تعديل ذلك؟ هنالك طرق عديدة خاصة أن الرئيس مرسي أعاد لمصر دورها الريادي، بحكم ذلك ستقف مصر مع السودان بتسخير امكانيتها لكسر الحلقة التى تخنق السودان خاصة بعد الدعم الغربي والإسرائيلي لدولة جنوب السودان، وبالتأكيد أن الرئيس محمد مرسي يعي أن الدور الذي يمكن أن تقوم به مصر في ذلك الخصوص لكنه يحتاج إلى وقت. هناك مشككون في دور الإسلاميين السياسي في السلطة؟ الإسلاميون يستطيعون إدارة الدولة بمصر، نحن لدينا خبرة الأنظمة السابقة في مصر، لكن الحقيقة أن مصر سُرقت خيراتها ودُمرت، ونحن وجدناها بهذا الشكل لذا أقول(من أنت ومن تكون لكي تحسبني وماذا فعلت أنت حتى تقول إن الإسلاميين لا يستطيعون إدارة البلاد)؟ الرئيس محمد مرسي لو لم يواجه بمسألة إخونة الدولة لكان جاء بالعديد من الكوادر الإسلامية بالدولة التى كانت ستثبت على إدارة البلاد، لكنه كان حريصاً على مسألة التوزان في إدارة البلاد، والمشاركة الواسعة من كل التيارات، وأن الرئيس مرسي لو تُرك لجاء برجاله، لكن تعقيدات المشهد المصري حالت دون ذلك. إلى أي مدى تجدون قضية وحدة الإسلاميين هماً لكم؟ الحقيقة الأوضاع في مصر باتت تسمح بذلك، فلأول مرة التيارات الإسلامية تتحرك في مصر بحرية دون اعتقالات أو مطاردات من أحد، وأصبحت تستطيع تسلم كل مفاتيح المجتمع، بالتالي فإن عليهم التوحد لتحقيق المشروع الإسلامي في مصر، ورغم تنوع الجماعات الإسلامية في العالم، فإننا نجد أن الفوارق بينهما ونقاط الاختلاف ليست حاجزاً أمام توحدها على مستوى العمل الاجتماعي، ونحن في حزبنا دشنا مشروعاً لتوحيد الحركات الإسلامية شملت الأحزاب الإسلامية وحركات وجبهات أخرى وأنه مفتوح أمام الجميع ليشمل تجمع القوى الإسلامية السياسية في محاولة للتوحد أمام الانتخابات القادمة. كيف تقبّل المجتمع المصري حكم الإسلاميين؟ إن مصر في حالة ثورة مستمرة على بقايا وفلول النظام السابق، وهذا سيكون مستمراً حتى نخرج من سياسياته السابقة خلال السنوات القادمة، وحالياً نجد مصر تقف مع السودان في وجه المؤامرات الخارجية، وهذا ما لم يكن في السابق لتحقيق الرفاهية بين شعبي الدولتين وانجاز المشروع الإسلامي بينهما. هل لعب حزبكم دوراً توافقياً في الأزمة في منطقة سيناء؟ هذا يفتح الباب أن مصر والسودان قطعة واحدة ومواجهان بتهديد واحد، حيث أن القوى الدولية تريد أن تجعل من سيناء (دارفور) جديدة وتستعملها للضغط على الأمن القومي المصري وإجهاض الثورة المصرية بأن يخترق من سيناء، لذا سيكون للحزب دور كبير لإقناع الجهات ذات الصلة بين الجماعات الإسلامية في سيناء والحكومة لإجهاض هذه الفتنة. كيف استفدتم من تجربة المشروع الإسلامي في السودان؟ نحن نؤمن أن المشروع الإسلامي في العالم هو واحد وأكثر تلك التجارب هو أكثرها غوص وثراء للتجربة العملية بالتالي لأن السودان خاض تجربة تطبيق المشروع الإسلامي قبل غيرها في التعامل مع كافة القضايا والتعامل مع المجتمع الدولي المتربص بالمشاريع الإسلامية الدولية. السودان يواجه تحديات كبيرة مع تربص إسرائيل؟ أي خطر يواجه السودان يواجه تلقائياً مصر لأن الحل هو التكامل السياسي والاستراتيجي مع مصر لأنه سيفيد البلدين ويقلل من حدة التحديات والمؤامرات المشتركة التى تصيب أيهما ، بل وعلى المستوى الإقليمي أيضا، وأعتقد أن تركيبة السودان بحكم أعراقه وقبائله يختلف عن تركيبة مصر، وأن الأعداء لهم أدوات في الدخول، وأهمها اللعب على بيئة الانقسام بحكم اختلاف الأديان، لأنهم يستغلون تفكيك الدول عبر النعرات وتزكيتها، ومصر إلى حد كبير ليست بعيدة لأنها تواجه أيضاً ب(بعض قبائل سيناء النوبة الأقباط) ليست مثل السودان لكنها موجودة، والغرب وأمريكا وإسرائيل تعمق مثل تلك الخلافات، كما أعتبر أن سيناء ليست بمنأى عن التدخل المخابراتى للعديد من الدول وللأسف بعض المنظمات الموجودة بالوطن العربي، لذا فإن العدو موجود والمؤامرات موجودة طالما أن العدو واحد فإنه يستخدم، وهذا تحدثنا فيه في النائب الأول طه أن السودان له الخبرة أنه أقام للنظام أركان ثابتة رغم التدخل الدولي فإنها مسألة تحتاج لدارسة والاستفادة منها. طلبتم وساطة الخرطوم لفك أسرى الجماعة في إثيوبيا ماذا جرى؟ كانت من ضمن قضايانا فك أسرى الجماعة في إثيوبيا المتهمين بمحاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك، لكن انشغال الرئيس عمر البشير بمفاوضات أديس أبابا ووجوده خارج البلاد، لم نتمكن من طلب تلك الوساطة، خاصة وأن السودان لديه علاقات قوية مع إثيوبيا بالتالي أن تقوم الخرطوم بدور الوسيط لإنهاء هذه القضية الإنسانية، لأن الكل عرف من حسني مبارك وأنهم أولئك الأسرى ليسوا مجرمين وأن ذلك المطلب ثوري طلبته ثورة يناير فالقضية من منظور تختلف، لأننا نتعامل ليس مع مجرمين وإنما وطنيون أحرار أرادوا تخليص مصر من فساد مبارك، هذا المنحى السياسي، أما القانوني فإن أولئك الأسرى صدر الحكم ضدهم في عام 1995م ونحن حالياً في عام 2012م ومعروف أنهم محكومون بالمؤبد، لذا أعتقد بمضي نصف المدة فإنه يجب إطلاق سراحهم، خاصة وأننا ليس لدينا عنهم أدنى خبر، وهل هم أحياء أم أموات، لذا فإن المطلوب من السودان التحرك لأن علاقاته مع إثيوبيا ليست بنفس الدرجة مع مصر، خاصة وأن الخرطوم وافقت من قبل عند زيارتنا الأولى على القيام بذلك الدور. التكامل القادم هل سيضم دولاً أخرى؟ ناقشنا هذا الموضوع بوضوح مع الرئيس عمر البشير بأنه يجب تعزيز المثلث الذهبي يضم (مصر - السودان - ليبيا) لأنه يملك أن يكون قوة هائلة بموارد مصر البشرية وليبيا بالموارد المالية والبترولية والسودان لديه الأرض الزراعية والنيل والثروة الحيوانية وهي مقومات النهضة والإنتاج الزراعي والصناعي، بالتالي فإن الدول الثلاث تستطيع إحداث ثورة اقتصادية هائلة في المنطقة، وأتمنى أن تزول العوائق أمام ليبيا وتستقر حتى نستطيع القيام بذلك الدور الكبير لأجل وضع خطة طموحة بين الدول الثلاث تقتضى على مشاكل الغذاء وقيام مصانع عملاقة بالتعاون مع الصين وماليزيا وتركيا خاصة وأن السودان لديه معهم علاقات متميزة تصب في صالح تكامل الجميع بعيداً عن الغرب، لكن المشكلة حالياً هي أنه يجب التخلص من أذناب الأنظمة السابقة التى وقفت وحالت أمام هذا التكامل خاصة في مصر وليبيا وأرجو أن لا تأخذ وقتاً طويلاً. هناك محاولات للإسلاميين للتعامل مع الأمريكان كيف ترى ذلك؟ عموماً ليس في مصلحة الأحزاب الإسلامية الدخول في عداء مع أمريكا في الصالح العام، ولا نريد استعداء واشنطن خاصة في الجانب المستقبلي كثورات عربية، لذا ليس في الصالح الدخول في عداء معهم، وأعتقد أنه ليس في مصلحة أمريكا الدخول في عداء مع الأحزاب الإسلامية بعد أن ثبتت شعبيتها في الثورات وأنها مؤهلة لقيادة الربيع العربي، لذا فمن مصلحة الطرفين ألا يكونا في حالة عداء، والتحدي المهم أن المصلحة المشتركة هي بناء علاقات متوازنة وليست علاقة عمالة لتحقيق أغراض الأحزاب المستقبلية، بالتالي لا حرج ولا عيب للأحزاب الإسلامية بإقامة علاقة متوازنة مع أمريكا، لكن كيفية هذه العلاقة هو التحدي الأكبر، وهو أن تكون عادلة ومتوازنة قائمة على السيادة الوطنية وعلى القرار الوطني أو لا أكون خادماً أو تابعاً في تحقيق المصالح الأمريكية على الوطنية، خاصة مع حادثة الفيلم المسئ فلقد صرح العديد من الإسلاميين مفادها أن تلك الأزمة لن تؤثر على العلاقات مع أمريكا. هل ستفتح الجماعة أو الحزب مكتباً بالسودان؟ فتح مكتب للجماعة أو الحزب ليس حالياً، لكن ممكن دراستها في المرحلة المستقبلية، لكن المهم حالياً هو كيفية تفعيل الاستثمار بين الجانبين خاصة أن مستثمرين مصريين معنا في تلك الخطط في مجالات الزراعة والجلود والصناعة والمال والبنوك، وفي التبادل السلعي والتجاري ، عمدنا أن نخلق جواً لذلك على المدى المتوسط والبعيد وهذا ما دشناه خلال الزيارة.