تتعقد القضايا التي تمس المال العام عن غيرها من القضايا الأخرى لما تشمله هذه الأموال من حق للمواطنين الذين تختلف فئاتُهم وطبقات مستوياتهم، والمال العام حق الدولة لصرفه على المساكين والمحتاجين والأيتام فيصبح من الصعب التعدي علية خاصة من قبل المسؤولين والعاملين عليه، لذا يتحتم على القضاء طرح مثل هذه القضايا بكل شفافية أمام الرأي العام وعلى مشارف نهاية مراحل قضية اختلاسات وزارة الأوقاف وفصل القضاء في الحكم على المتهم نرى أن هناك جانبًا كبيرًا من الخوف والقلق من المتهم وأسرته وهم يسعون لإيجاد ما يثبت براءة المتهم بكل الوسائل الدفاعية. جانب من المحكمة: فيما سبق أن كشف المراجع العام بولاية الخرطوم عبد المنعم عبد السيد عن وجود تلاعب في أموال الدولة لمبالغ مالية تفوق مليار جنيه لاختلاسات بوزارة الإرشاد والأوقاف بلغت مليون و«408» ريالات سعودية تحصل عليها أمين الأوقاف بالخارج بالمملكة العربية السعودية خالد سليمان إدريس عن طريق التلاعب في المستندات الرسمية، وقال المراجع العام أمام قاضي محكمة الخرطوم شمال مولانا أسامة حسن إنه ثبت من خلال المراجعة عبر لجنة شكّلها القنصل العام للسودان بجدة برئاسة السفير عصام خليل وثلاثة آخرين من القنصلية العامة أن المتهم تحصّل على الأموال بطلب من أمين عام الأوقاف بالخارج بالتصديق له بسلفية مستردَّة وشيكات استُخرجت باسم الهيئة القومية الإسلامية وتحويلها لمنفعته الشخصية وصكوكه ل«19» عقاراً تشمل بنايات وأراضي وخطابات بقيمة «353» ألف ريال سعودي لم يقم بتوريدها للأوقاف بالخارج، وأشار المراجع العام إلى أن مشروع الأوقاف الضائعة استمر لحوالى «6» سنوات ولم تظهر له نتائج إيجابية لصالح حكومة السودان. وأضاف أن التقارير أثبتت أن المتهم خالد قد تحصّل على صكوك وتعويضات نقدية قيمتها«90» مليون ريال سعودي و«17» عمارة وحوالى «55» صكاً أصلياً من بيت الغائب «وزارة المالية» قُدِّرت قيمتها ب« 17» مليون ريال سعودي بجانب مبلغ «65» ألف جنيه ثبت من خلال المراجعة عدم توريدها لصالح أمانة الأوقاف بالخارج، وقال إن المتهم قام بتبديل المال العام بالصرف على مجموعة ما يُعرف ب «السحيمي» والحصول على أوقاف سودانية ضائعة لها جهات مسؤولة عنها موضوع لها لائحة مالية ومحاسبية خالف توجيهاتها وضوابطها المتهم بعدم التزامه بتشكيل لجنة من جهات ذات صلة بأن بدأ في الاستلام وتعيين الوقف والمتحصل عليه ودفع مبالغ دون استلام ورفع التقارير وخطابات غير صحيحة وبيانات غير حقيقية لوزير الإرشاد الأسبق وأكد عبد المنعم في أقواله للمحكمة أنهم اكتشفوا عبر المراجعة أثناء مرحلة التحري أن الصكوك المالية موضوع الدعوى لأوقاف أهلية معروفة وليست ضائعة وليست لها علاقة بحكومة السودان، وأنها موقوفة منذ زمن سلاطين مملكة سنار للسودانيين المقيمين من مملكة سنار والمستوطنين بالمدينة المنورة. وقال عبد المنعم في أقواله للمحكمة إنهم بدأوا المراجعة في سبتمبر من عام 2011م بموجب خطاب من المراجع العام بمراجعة حسابات الهيئة العامة للحج والعمرة كشفت عن وجود اختلاسات ترجع لأعوام سابقة، وتقارير أكدت أن أمين الأوقاف بالخارج بالمملكة العربية السعودية خالد سليمان إدريس قام بتبديد مبلغ «2.249.705» ريالات سعودية من مال الدولة العام، وأضاف المراجع في أقواله للمحكمة أنهم اعتبروا الأموال قد حُوِّلت لمنفعته الشخصية «مليون و93 ألف ريال» وُجد في تقرير الصرف أنها صُرفت لشخص يُدعى عبد الله بشير السحيمي، وثبت من خلال المراجعة أنها لم تسلم له. بجانب مبلغ «65» ألف ريال سعودي بشيك مالي كذلك باسم السحيمي، وصُرفت له نقداً بواسطة المتهم خالد سليمان. وأشار المراجع إلى أنه اتضح بعد المراجعة أن شركة السحيمي قد أقرَّت أثناء إجراءات التحري باستلامها المبلغ مقابل تسليم الطرف الأول الذي قام بتسليم أوقاف سودانية ضائعة «صكاً أو نقداً» ولم تسلم أية عقارات ملموسة أو مبالغ نقدية معروفة، وأضاف المراجع أنه بحسب إفادة السحيمي أنه سلم الصكوك لبعض العقارات، وذكر أنه وباستجواب المتهم خالد أنها سُلِّمت للناظر لاستكمال بعض الإجراءات بالمحكمة الشرعية. أسرة المتهم داخل المحكمة: أفادت أسرة المتهم في حديثها ل«الإنتباهة» وفي حالة من القلق والتوتر لإثبات براءة المتهم بأن خالد لا يمكن أن يرتكب مثل هذا الجرم لما له من صلة قوية مع المولى عز وجل، وقالت شقيقة زوجة المتهم إن المتهم خالد سليمان يعمل منذ سنوات طويلة في هذه الوزارة وله العديد من الشهادات التقديرية التي نالها من الجهات المسؤولة لحسن نيته وأداء واجبه على المستوى المطلوب وأشارت إلى أن ما حدث له قدر وسيُفرج، وأضافت أننا نملك المستندات التي تبرئه وسنقدمها للمحكمة مشيرة إلى أن المستندات تشكك في ما قدم من أقوال وإفادات سابقة آملين أن تقودهم هذه المستندات إلى تحقيق براءة المتهم خالد سليمان.